علينا أن نأخذ بكثير من الحذر بعض وسائل الإعلام العالمية حول مصر والمنطقة العربية هذه الأيام, والسبب هو محاولة تمرير بعض المفاهيم التي سقط الرهان عليها بعد ثورات الربيع العربي. آخر مثال لما نقول: ما كتبته نيويورك تايمز أمس حول ترشيح الشاطر لرئاسة مصر واستعرضت الصحيفة واحدا من السيناريوهات التي تصلح لأفلام هوليود, ولكنها بالتأكيد بعيدة كل البعد عن الواقع المصري, ذكرت أن واشنطن وافقت علي ترشيح الشاطر قبل الإعلان عن ذلك حتي توقف الحملة الناجحة لحازم صلاح أبو إسماعيل, ولماذا تفعل ذلك؟ تجيب الصحيفة: أن أبو إسماعيل يمثل خطرا في المستقبل نظرا لمواقفه المتشددة من اتفاقية السلام, بالإضافة إلي إعجابه بإيران. ولا تجد الصحيفة حرجا في المضي عبر مصادر مجهولة إلي القول إن اتصالات عاجلة بين القاهرة وواشنطن بمشاركة الجماعة قد أدت لمثل هذا القرار الذي تؤيده الخارجية الأمريكية علي لسان واحد من مسئوليها رفض ذكر اسمه فيما التزمت هيلاري كلينتون الموجودة في اسطنبول الصمت حيال التفاصيل واكتفت بالإعراب عن أملها في إعطاء الحقوق المدنية المكانة المهمة في برامج المرشحين لرئاسة مصر. والعقدة الأمريكية التي تحاول التمسك بما كان قائما في ظل النظام السابق, حيث كانت موافقة واشنطن أساسية وضرورية في كل القرارات ليس لها محل للإعراب في واقعنا اليوم ولا نعتقد أن هناك ما يدفع القائمين علي إدارة شئون البلاد أو الجماعة للاستئذان من أمريكا في قرار ترشيح الشاطر وإلا لكان ذلك قد تم بالنسبة للمرشحين الآخرين ومنهم شخصيات مهمة ووجوه معروفة في الداخل والخارج ولا نعتقد أيضا أن الظروف المحيطة بالعلاقات الثنائية خاصة بعد قضية تمويل الجمعيات الأهلية تسمح بمثل هذه الاتصالات إلا إذا كانت الصحيفة تحاول الادعاء والإيحاء بأن كل صغيرة وكبيرة تجري في مصر يتم الحصول علي موافقة عليها من واشنطن. وفي كل الأحوال تبدو بعض وسائل الإعلام الأمريكية والتابعة لها حريصة علي الترويج لمثل هذه الأفكار والادعاء باستمرار وجود نفوذ استثنائي داخل الساحة المصرية في حين نستطيع أن نؤكد أن السياسة الخارجية لمصر وإن كانت لم تعبر حتي الآن عن حقيقة التحولات والتغيرات الجذرية التي يجب الأخذ بها في علاقات مصر الخارجية, ومع إدراك أسباب الحرص علي علاقاتنا مع واشنطن إلا أن ذلك كله لا يعني مطلقا القبول بمثل هذه السيناريوهات التي قد تصلح مع دول أخري ولكنها بالتأكيد لا تحقق المصالح المشتركة بين الشعبين المصري والأمريكي, وأيضا لا تعبر عن مصر الجديدة التي يجب أن تتعامل بندية كاملة مع كل القوي الدولية. [email protected]