نتحدث دائما عن ضرورة تضافر الجهود وليس الحكومة فقط للعبور الي مرحلة الانطلاق والبناء الجديد, وقلنا ونقول: إنه قد آن الأوان لإدراك حقيقة أساسية مفادها أن الجميع في قارب واحد وان التنافس السياسي يجب ان يصب في الاتجاه الصحيح للاسراع نحو شاطئ الامان.. والخطأ كل الخطأ الاعتماد علي الحل الامني للملف الامني وبمعني الاعتقاد بأن مجرد نزول الشرطة الي الشوارع وممارسة دورها الجديد لحماية الشعب كفيل بنجاحها فالقضية اعمق من ذلك واشمل وتحتاج الي مشاركة واسعة ومدروسة من كل فعاليات المجتمع من منظمات واحزاب ووسائل اعلام وغيرها لمساندة ودعم رجل الامن وترسيخ المفاهيم المشتركة التي تحقق التوافق الشعبي تجاه هذه القضية الحيوية والمصيرية.. بوضوح اكثر نقول وبكل الصدق ان المجتمع المصري قد اجتاز تجربة بالغة القسوة والصعوبة ولايزال يعاني من آثارها عقب الانفلات الامني وهروب العدد الهائل من المسجونين وعمليات تهريب السلاح الواسعة عبر الحدود خاصة مع تصاعد العنف والحروب في الدول المجاورة. هذه المخاطر والتحديات تجعل من الملف الامني قضية المجتمع بكامله وليس الوزير او الوزارة, وتتطلب مبادرات جريئة تزيل الجلطات في شرايين العلاقة بين المواطن والشرطة حتي تعود سوية وطبيعية ومن ثم يستعيد الجسد المصري عافيته من جديد.. قد يحتاج الامر لقاءات ميدانية مع الشباب وبقية الفئات والشرائح التي تتطلع لدور جديد للشرطة, كما ان علي وسائل الاعلام والنخبة اعتبار الامن مفتاح الفرج لبقية الملفات السياسية والاقتصادية التي تشغل الحيز الاكبر من اهتماماتهم. وإذا كانت اللحظات الاخطر قد مضت بكل مافيها من آلام وظواهر إجرامية لم يعرفها المجتمع من قبل, الا ان الاستمرار في الصمت والتجاهل سوف يشجع علي ظهور انماط مستحدثه من الجريمة المنظمة مالم تبدأ الجرعات العلاجية الحاسمة سواء جاءت بالطريقة التقليدية او بالجراحة العاجلة. لقد ساعدت طبيعة الشعب المصري وتمسكه بعقيدته وقيمه وعاداته وتقاليده علي مواجهة الاخطار وكان التلاحم الشعبي حائط الصد في ذروة الغياب الامني, ولكن التطورات الاخيرة تظهر الحاجة الملحة لحسم هذا الملف حتي يمكن اتمام المراحل السياسية المتبقية, وحتي يمكن النهوض اقتصاديا والبدء في ترتيب الخطط والبرامج اللازمة لبناء مصر الجديدة ولذلك علينا تحقيق الامن اليوم وليس غدا.