الناس تريد أكثر من ذلك يا رئيس الوزراء, أما عن صدارة وأولوية قضية الأمن لتأمين حياة المواطنين وجذب الاستثمارات فذلك صحيح تماما. والمسار السياسي له أطرافه المتعددة التي تكثف عمليات البحث هذه الأيام عن أفضل السبل للعبور السريع والسلمي من المرحلة الانتقالية الراهنة إلي الدولة المدنية بمؤسساتها المنتخبة, ويبقي الملف الاقتصادي الذي يمتلك فيه الدكتور الجنزوري خبرات متراكمة ينبغي أن تفتح أبواب الحلول غير التقليدية التي ينتظرها الجميع.. القرارات التي تصدر تباعا عن مجلس الوزراء حتي الآن لمعالجة أوضاع بعض الشرائح الأكثر احتياجا هي في مكانها المناسب ولكن أين هي النقلة النوعية التي يمكن أن تؤثر إيجابا علي المناخ العام بما في ذلك الأمن والسياسة إذا ما اتخذت قرارات وإجراءات اقتصادية تثبت حقيقة التغيير والثورة التي قامت.. وبصراحة كاملة نقول: إن الحديث عن تقنين الأراضي والمضي قدما في مشروعات الإسكان والتمويل الإضافي لمشروعات الشباب, كلها عناوين قديمة تحتاج إلي رؤية ثورية تسابق الزمن وتصنع مناخا يشعر معه المواطن أنه أصبح بالفعل يمتلك شيئا يخاف عليه وليس مجرد متفرج يتلقي الفتات والإعانات من الحكومة.. والأسئلة الصعبة التي آن الأوان للإجابة عنها تدور حول المساحات الهائلة من الأراضي والتي تحيط بالمدن من كل جانب في الوقت الذي تمنع فيه الدولة البناء علي الأراضي الزراعية وهذا حق تماما وتمنع كذلك البناء علي الأراضي الصحراوية, فأين يجد المواطن مكانا لأسرته ولأبنائه من بعده؟ كان يتعين علي الحكومة أن توقف لعبة القط والفأر وأن تعلن عن إنشاء مدن جديدة للشباب مكتملة المرافق حتي توقف نزيف التعديات الحالي والذي تخسر فيه مصر رصيدا من الأراضي الخصبة لا يمكن تعويضه.. والسؤال الساذج هو: هل يمكن اختزال قضية الأراضي المستصلحة في طريقين فقط هما الموصلان بين القاهرة وطريقي الاسكندرية والاسماعيلية الصحراويين؟, وماذا عن الساحل الشمالي وطرق الصعيد وغيرها من المناطق التي جري تخصيصها والتعدي عليها بالمخالفة للقانون.. علينا أن نترك سياسة الانتقاء في ضبط المخالفات وأن نواجه الواقع بقرارات واقعية تعطي للدولة حقها وللمواطن حقه أيضا في المسكن اللائق خارج العشوائيات والتي بدورها تتطلب المليارات لمعالجة أوضاعها المتردية.. أما الحديث عن القروض الخارجية من صندوق النقد والبنك الدوليين فإن أمام رئيس الوزراء أكبر كنوز العالم التي تستطيع أن تبني مصر في المستقبل فقط إذا عرف كلمة السر, وهذا الكنز هو الملايين من المصريين في الخارج, وكلمة السر هي الاستماع إليهم وتشجيعهم والشفافية في الإجراءات فقط لا غير!! [email protected]