عرفناه بالخوذة والهراوة.. يصطف في ثوان للاستماع أوامر قائده.. دائما في الواجهة.. مغلوب علي أمره.. إما متهم وإما ضحية.. علاقتة بالمواطن مرتبكة دائما.. مهمته عابرة.. يحسب مدة خدمته بالساعة واليوم.. لايملك سوي تنفيذ الأوامر فقط..كل آماله الحصول علي شهادة حسن السير والسلوك.. انه عسكري الامن المركزي الذي سقط من حسابات المسئولين بعد ثورة25 يناير في انتظار إعادة ترتيب أوضاعه المادية والإنسانية والوظيفية في هذا التحقيق نفتح ملف الأمن المركزي ونتساءل: اما آن الآوان لتغيير المفاهيم الخاطئة تجاه عسكري الأمن المركزي ؟ ألم يكن منطقيا أن يكون متطوعا حتي تتكون لديه خبرة التعامل وقت الأزمات ؟ ولماذا يتم اختيارهم ممن هم أقل علما وثقافة ؟ ألم تحن لحظة وضع سياسات جديدة للنهوض بعسكري الأمن المركزي؟ وهل يظل الإحساس النفسي بأنه مواطن درجة ثالثة مستمرا؟ وكانت الإجابات التي رصدناها في هذا التحقيق: أعمل20 يوما وأحصل علي إجازة عشرة أيام أعمل خلالها ميكانيكي لأحسن دخلي لأن راتبي الذي أتقاضاه من الامن المركزي237جنيها وإذا تقاضيت حوافز يصل الراتب300 جنيه هكذا قال أحد المجندين مؤكدا أنهم يبذلون مجهودات كبيرة وتحتاج إلي دعم ومساندة أكثر من ذلك بكثير.. بينما يقول أ.ح مجند بالأمن المركزي إنه مجند في قوة الدعم, ومهمتها اداء العمليات الخاصة والتي تواجه تجار السلاح والمخدرات والمهام الخطيرة علي مستوي الجمهورية ولذا يشعر بالفخر لانة يشارك في تلك المهام, وخصوصا عندما تتم العملية بنجاح ويتم القبض علي العناصر الإجرامية ويشعر بأنه يؤدي خدمة عظيمة لبلده. ويضيف في حالة إصابة أحد الجنود أو الضباط في تلك المهام تصرف لنا حوافز إضافية اما إذا تمت بدون إصابات فلا تصرف تلك الحوافز في الغالب تلك المهام فترة طويلة مما يؤدي الي تكبدنا مصاريف كثيرة في المأكل والمشرب وخصوصا انة لا يصرف لنا سوي التونة والجبن للوجبات الثلاث فالراتب الذي نتقاضاه لايكفينا حتي في التنقلات المطلوبة للوصول إلي الوحدات ولذا اقضي الاجازة كلها في العمل في أي شئ لكي أحصل علي المال ليكفيني في أثناء الخدمة. ونشعر نحن الجنود بأننا مظلومون في أشياء كثيرة فليس ذنبنا أننا لم نتعلم مثل الآخرين فيعاملنا الناس والضباط علي أننا بدون مشاعر وجهلة فالمواطنون يكرهوننا لأننا ننفذ الأوامر التي تلقي علينا دون أن يلتمسوا لنا العذر بأننا لولم ننفذ الأوامر سنسجن بالاضافة إلي أننا يجب علينا الالتزام بالأوامر حتي نحصل علي شهادة سليمة في نهاية الخدمة ولذا ننفذ كل الأوامر التي تصدر الينا بلا تفكير حتي لانتعرض لما حدث لبعض زملائنا الذين اعترضوا يوما علي الأوامر وألقوا بالخوذة والهراوة أرضا وكان عقابهم السجن وأخذوا شهادتهم العسكرية سيئة أثرت سلبا علي مستقبلهم في الحصول علي فرصة عمل. وطالب المجند بضرورة عودة الرعاية الصحية لهم عند المرض في اجازتنا و نحتاج الي غذاء آدمي في المأموريات التي نقوم بها. وكشف عن وضع مزر للأمن المركزي ورأي بتغيير الاستراتيجية والمفاهيم والاوضاع الخاصة بهؤلاء الجنود والنهوض والتطوير.. حيث يري اللواء محمد نور الدين الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية لأمن شمال ووسط الصعيد الأسبق أن عسكري الامن المركزي يراه البعض مجندا فرزا ثالثا للقوات المسلحة فهو الأقصر قامة والاضعف صحة وغالبا, برغم ان عسكري الأمن المركزي يدخل في تشكيلات لمواجهة أعمال الشغب ويتعرض للقذف بالملوتوف والحجارة دون أن يعي الأسباب الحقيقية وراء ذلك بالاضافة إلي دور آخر يؤديه بعضهم داخل المكاتب والمراسلات وقيادة السيارات الصغيرة وتلك المجموعة هم الاكثر راحة عن المشاركين في المواجهة. . مفهوم خاطئ ويشير نورالدين الي أن هناك مفهوما خاطئا لدي البعض من يتعمد اختيار مجند جاهل حتي لايدرك حقيقة الأوضاع السياسية وينفذ الأوامر دون وعي واستخدام السلطة لهم في التصدي للتظاهرات والمطالب الشعبية والتجمعات الا أن السبب الحقيقي وراء استعانة الشرطة بهم هي المقررات المالية المخصصة لوزارة الداخلية لأفراد الشرطة وتعلل الوزارات المتعاقبة بالداخلية ذلك بعجز الميزانية. ويعاني قيادات وضابط الشرطة في تدريب هؤلاء المجندين لمحاولة تبسيط المهام الأمنية المكلفين بها بالإضافة الي أن الظروف الحالية التي نعيشها في مصر وكثرة التطاهرات والمليونيات لاتعطي فرصة للتدريب, وهذا ينعكس بالسلب علي العملية الأمنية فنجد العسكري يلجأ لتصرفات تؤدي إلي كثرة الخسائر بالقوات نظرا لقلة التدريب ففي الأيام العادية يتلقي العسكري تدريبا بصورة مستمرة علي مدي الاسبوع وينزل مأمورية واحدة بالتناوب مع زملائه أما الآن لايوجد وقت كاف لتلقي التدريب مما يؤثر علي جودة الأداء المطلوب من المجند وهي ان يخل بأداء وظيفة الشرطة وهيبة الدولة. وكشف نور الدين عن ملاحظة جندي الامن المركزي الحالي جندي عابر بوزاة الداخلية ويحسب مدة خدمتة باليوم ولاينتمي لها وهنا تكمن خطورة كبيرة حيث يدرب ذلك المجند لمدة ثلاث سنوات علي استخدام السلاح وتكتيكات المواجهة والتشكيلات, وبعد ذلك يخرج من الخدمة ومن الممكن استخدامه من قبل جماعات تكفيرية في التصدي لافراد الشرطة مما يشكل صعوبة وخطورة متزايدة علي الحالة الامنية. ويري نور الدين ان هذا العسكري المظلوم يشكل عبئا وخللا جسيما في اعمال الشرطة حيث لايعقل في بلد يعاني افراده من البطالة لاتستعين الشرطة بأفراد علي درجة من التعليم من حاصلي الاعدادية والشهادات المتوسطة اقتداء بالشرطة العالمية والتي تعتمد علي الكيف وليس الكم فمن الممكن لفردين مثقفين ومدربين تأمين منطقة بصورة افضل من عشرة أميين ويتعرضون للتعدي والاستيلاء علي مامعهم من أسلحة بما يشكل وجودهم عبئا علي الوزارة ويقلل من هيبة الشرطة كما يحتاج الأمر لزيادة الأعداد فليس سرا أن الداخلية يعمل بها حاليا250 الف مجند في الأمن المركزي وقوات الأمن والحدود في27 محافظة وهذة الاعداد لم تتغير منذ20 سنة وباتساع الرقعة السكنية مما يتطلب مضاعفة عدد الجنود الي مايقرب من500 الف مجند علي ان يكونوا بالتعيين مع الحرص علي رفع مستواهم المادي وتوفير التدريب الجيد لرفع معدلات اللياقة والتدريب للاستخدام الامثل للسلاح والتكتيكات المختلفة لتشكيلات الأمن لفض التطاهرات من الميادين اوالاعتصامات في الجامعات اوالمدن الجامعية. وهذة آليات التطوير إلا أنها طموحات تصطدم دائما بالميزانيات المطلوبة. من جهته اختصر محمد زارع المحامي وعضو المجلس القومي لحقوق الانسان القضية في أن الإصلاح يجب أن يأتي من المنبع بحيث تكون سياسة الدولة نحو حسن معاملة المواطن, والتعليمات التي توجه للمجندين والضباط تتجه إلي ذلك الهدف, ولن يخالف أحد منهم الاوامر كالمعتاد, وان خالفوها يكون مخالفا للقانون ولتعليمات الدولة وستواجهم الدولة وقتها بكل سلطاتها سواء كانت إدارية أو قضائية. مواطن صالح أما اللواء حسن حميدة مساعد أول وزير الداخلية للامن المركزي ومحافظ المنوفية الاسبق فيري أن هناك توصيفا شائعا علي غير الحقيقة بأن كل القوات التي تخرج في مهمات تسمي الأمن المركزي إلا أنها في واقع الأمر هي قوات أمن تابعة لمديريات الامن في المحافظات المختلفة مهمتها توفير الأمن في العمل اليومي والتي لاتحتاج الي قوات علي كفاءة عالية من التدريب مثل قوات الأمن المركزي. ويؤكد حميدة أن قوات الأمن المركزي يتم تدريبها علي مهارات خاصة لمواجهة الارهاب وعصابات المخدرات والمشاركة بالحملات الأمنية الكبري التي تواجة بؤرا اجرامية تحتاج الي ان يكون القائمون بهذة الحملات علي مستوي مرتفع من التدريب. فمهمة الامن المركزي في مواجهة المواقف غير العادية وليس لمواجهة المواطن العادي ويؤكد حميدة أن مايحدث حاليا بإقحام الأمن المركزي في كل المهام أسلوب غير صحيح فخروج القوات في غير محلها يستنفد قوتها ويؤدي الي حساسية بين جندي الامن المركزي والمواطنين بلا داع كما أنه يجب إعادة منظومة العمل بالأمن المركزي بأن يكون العسكري متطوعا وليس مجندا لأن المجند يتلقي تدريبا لمدة ستة أشهر متتالية دون أن يري الشارع ويقضي مدة التجنيد( السنوات الثلاث) وبعدها يترك الخدمة ويضيع التأهيل والتدريب الذي حصل علية دون جدوي. ملكة الصبر في السياق نفسه يري اللواء نشأت الهلالي رئيس أكاديمية الشرطة الاسبق والخبير الامني أن هذا النهوض بهؤلاء الجنود يتطلب جهدا كبيرا لتوعيتهم بحيث يعرفون انهم يتعاملون مع مواطن مصري وليس عدوا لان ذلك المفهوم يتسبب في أحداث العنف كما يجب التدريب علي الصبر ولأبد من تحسين العلاقة بين القائد والمجند عن طريق اللغة البسيطة والعلاقة الطيبة مع المحافظة علي عنصر الانضباط وكذلك محو أميتهم بالتوازي مع كل التدريبات. ويؤكد الهلالي انه لابد ان يعتمد أسلوب التشغيل للعسكري علي الانسانية حتي يكون قادرا علي اداء مهامه فالعسكري الكفء مرتبط بحسن اختيار القيادة. مظلوم وضعيف إلي ذلك يري الدكتور أحمد جمال أبو العزايم مستشار الطب النفسي وعلاج الإدمان والرئيس السابق للاتحاد العالمي للطب النفسي أن ارتداء البدلة السوداء يترك انطباعا يختلف من شخص الي آخر, فالضعفاء منهم يشعر بنرجسية شديدة والفخر لانتمائة لقوات الامن المركزي اما الواعي منهم فيشعر بالضرر لأن عسكري الامن المركزي سيظل مضطهدا الي آخر العمر لأن الناس لديهم فكرة انهم لايرحمون وينفذون مايؤمرون به بالرغم مما يبدو عليهم من طيبة الوجه فيري الاغلبية أن ذلك العسكري شخص ضعيف ومظلوم ولايقوي علي قول لا ويضيف أن هؤلاء الجنود في الاساس يدربون ليواجهون اسوأ المواقف ويستخدموا في مهام شديدة العنف مع مجرمين وعصابات ومكافحة المخدرات وجزء بسيط منهم لفض الشغب في دولة الديمقراطية.