أصاب الرئيس عبدالفتاح السيسى حين جعل تجديد الخطاب الدينى فى حديثه بذكرى المولد النبوى الشريف من مسئوليات الأزهر الشريف فى لجنة يختلط فى تكوينها أئمة الدين وعلماء النفس والأخلاق، وهذا فى الواقع استئناف للجهد الذى اضطلع به الأزهر وإمامه المستنير أحمد الطيب منذ سنوات بدعوة المثقفين إلى الأزهر لإصدار وثيقته الشهيرة التى أحدثت وقتها صدى كبيرا. وبالطبع كان هذا يعنى سحب التكليف بالمهمة من وزارة الثقافة التى فشل وزيرها حلمى النمنم على نحو ساطع جدا فى إنجازها، وصحيح أن النمنم نفسه حضر بعض الجلسات معنا فى الأزهر ولكن ذلك كان وقت عمله كصحفى قبل أن يصبح وزيرا، وصحيح أن المهمة لم تنته فى وزارة الثقافة وإنما من المنطقى أن تستأنفها حين تستوفى شروط القدرة على الحوار بشأنها. الإعلام والتعليم والثقافة من المفروض أن يشترك فى إنجاز مهمة تجديد الخطاب الدينى مع الأزهر والكنيسة شريطة أن يكون لدى القائمين عليهم فهم لطبيعة المهمة المعقدة، ثم إن غياب الأزهر لفترة عن قيادة جهد الإصلاح الدينى أعطى فرصة لظهور جحافل المنفلتين الذين غالوا وأوغلوا حتى وصلوا إلى مربع الإلحاد وهددوا المجتمع بالفعل لتحويل مساره إلى الإنكار بدلا من الإيمان وتلك ظواهر صارت حاضرة جدا للأسف فى الساحة المصرية. ويشبه هذا فى الواقع ما جرى حين أثار وزير الثقافة ضجة كبرى بمنح جائزة المواهب الأدبية التى نظمتها لجنة الإدارة المركزية فى مسابقة عبدالرحمن الأبنودى إلى المجموعة القصصية «هكذا تكلمت لالوبا» لجيلان صلاح، رغم كل ما حفلت به ألفاظ مثيرة فى قصص تدور فى بعض صفحاتها حول المثليين والسحاقيات وعلى الرغم من أن النمنم أخذ إجراء إداريا وقانونيا فى ذلك الوقت عبر فصل إحدى المسئولات وإعداد قانون يكفل شفافية الإبداع، ولكن الواقعة نفسها تؤكد عدم وجود مشروع ثقافى يكفل حماية العقل المصرى من هذا العبث ويؤهل النمنم أو وزارته للاشتراك فى عملية أخلاقية مثل تجديد الخطاب الدينى التى كان من الأحسن اعتبارها ضمن مسئوليات الأزهر الشريف. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع