"أجيال ورا أجيال حتعيش على حلمنا"، هذا هو أهم مقطع فى أغنية "الحلم العربى"، والتى هزت قلوب العرب دون أن تهز عقولهم، فالكل تعاطف مع كلمات الأغنية، الكل دمعت عيناه بعد أن ضغطت الأغنية على الوتر الحساس فى عروبتنا، الكل تذكر عروبته المنسية مع كلمات الأغنية، ولكن الملاحظ أنه لم ينتبه أحد إلى اسم الأغنية وهو "الحلم العربى"، ولم نسأل أنفسنا فى لحظة صدق مع الذات: ما هو هذا الحلم؟ وهل هو موجود من الأساس؟ وإذا كان موجوداً أين هو؟ ولماذا لم يتحقق بعد؟ وهل العيب فى الحلم أم فى الأجيال التى لم تستطع تحقيقه؟ وهل هناك أمل فى أن يتحقق هذا الحلم ويصل شعاع النور إلى "أبعد سما"، كما تقول كلمات الأغنية؟ الأمل فى الله كبير، لكن الأمل فى العرب، أو تحديدا فى الجيل الحالى، يكاد يكون معدوماً، فالجيل الحالى الذى يحكم العرب الآن لم يستطع على مدار نصف قرن أن يحقق أى مقطع فى الأغنية التى تكلمت عن الحلم العربى، بل على العكس تماماً، فإذا حلم العرب بالوحدة أضحوا أكثر تشتتاً وتشرذماً، إذا اتحدوا وأعدوا ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل كان المقصود بالحرب بلداً عربياً، وإذا اشتد عليهم الجوع والعطش لم يجدوا سوى لحوم أجساد أشقائهم فى العروبة لأكلها وشرب دمائها. الحلم العربى يا سادة هو أكبر أكذوبة يعيش فيها العرب، وما هو إلا وهم نردده حينما تدغدغنا عروبتنا، لقد حلمنا بوحدة عربية وأن تُزال الحدود والحواجز بين الأوطان، وحلمنا بسوق عربية مشتركة تحمينا من بطش القوى الاقتصادية الكبرى، وحلمنا بجيش عربى قوى يعيد لنا أراضينا المحتلة وكرامتنا المسلوبة، وحلمنا بمحكمة عدل عربية وعملة عربية موحدة، حلمنا بالكثير والكثير، ولكن يبدو أن ما نحلم به ليس سوى أضغاث أحلام. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه الآن، هل سيعيش العرب هكذا بلا أمل أو هدف أو حلم؟ وإلى متى سيستطيع العرب الحياة بدون أن يكون لهم بصمة فى الحياة؟ فالعالم كله يتقدم من حولنا، ونحن مازلنا قابعين تحت نقطة الصفر وليس حتى عندها، فأمريكا تحكم العالم بقوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، وإسرائيل سبقتنا بمئات السنين الضوئية، وفرضت سيطرتها على المنطقة لأنها صاحبة حلم وعلم وعقيدة، وإيران تقاتل من أجل حلمها باستعادة حضارتها الفارسية، وتتحدى العالم كله من أجل هذا الحلم، وأوروبا توحدت رغم اختلاف اللغة والثقافة والتقاليد، أما نحن العرب فلم نحقق إلا الخيبة والانكسار والوهن وتداعى الأمم علينا، فإلى متى ستظل العروبة وصمة عار على جبين من يحملها؟ هذا هو السؤال ولدى الحكام العرب الإجابة.