مع بدء الحكومة مناقشة الجدوى الاقتصادية المبدئية لمشروع "ممر التنمية" بالصحراء الغربية المقدم من الدكتور فاروق الباز الخبير العالمى والأستاذ بجامعة بوسطن بالولايات المتحدة تمهيداً لطرحه على المكاتب الاستشارية المتخصصة. أثيرت الكثير من التساؤلات حول إمكانية وجدوى تنفيذ هذا المشروع لما سيترتب عليه من تحميل ميزانية الدولة 40 ملياراً من الجنيهات بهدف الخروج من وادى النيل الضيق إلى رحاب الصحراء الغربية الواسعة. ورغم وجاهة الفكرة إلا أن عدداً من الخبراء شككوا فى إمكانية تنفيذ المشروع وعائده على المجتمع, وحذروا من الوقوع فى "توشكى" جديدة خاصة مع تصريح د.محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والرى بتكليف الحكومة 6 وزارات هى: الرى والزراعة والسياحة والحكم المحلى والكهرباء والبترول، بإعداد دراسة اقتصادية لترجمة الفكرة إلى مقترح مشروع يمكن تنفيذه خلال 10 سنوات بعد عرضه على مجلس الوزراء, لافتا أنه يجرى حالياً دراسة إمكانية نقل مياه ترعة الشيخ زايد فى مشروع توشكى إلى أحد المحاور العرضية التسعة للمشروع بما يعنى اقتناع الحكومة بالفكرة من حيث المبدأ. د.مغاورى دياب خبير المياه, أستاذ علوم الجيولوجيا والمياه الجوفية عضو هيئة اليونسكو, أكد فى حواره لليوم السابع استحالة تنفيذ فكرة ممر التنمية .. التفاصيل .. أنت طرحت رأياً حاسماً وصادماً بخصوص مشروع ممر التنمية .. إلام تستند؟ ما جاء فى مشروع "ممر التنمية" الموازى لنهر النيل على طول خط الصعيد بعمق 20 إلى 30 كيلو متراً داخل الصحراء الغربية ليس بجديد وتم البدء فيه منذ سنوات, وهناك عدة مشروعات قائمة بالفعل, وكذلك الوصلات العرضية من مدن ومراكز الصعيد موجودة فى بنى سويف والمنيا وأسيوط وغيرها والطرق مرصوفة والأنشطة قائمة. ماذا تعنى بأن مشروع ممر التنمية ليس جديداً؟ هناك الكثير من الهيئات العلمية فى مصر منذ أواخر الثمانينات قامت بدراسة هذا المشروع وأوصت موسوعة الصحراء الغربية عام 1989 بأسلوب متكامل للنهوض بالصحراء الغريية, وبالفعل تم مد الطرق الممهدة وإقامة عدد من المطارات بدءاً من غرب العلمين وحتى وادى النطرون والفيوم وسيوة والفرافرة والداخلة والخارجة وشرق العوينات وغيرها من المناطق التى تحاول الدولة تنميتها والخروج بها من الوادى الضيق حول نهر النيل. ليس جديدا شئ ومستحيل التنفيذ شئ آخر الخرائط تؤكد استحالة تنفيذ مقترح د.الباز بالدخول بعمق أكبر لمسافة 40 كيلو متراً بالصحراء الغربية لعدة أسباب أهمها عدم توافر المياه اللازمة لإقامة مجتمعات عمرانية جديدة على طول هذا الخط والتى لا يمكن توفيرها من خلال مفيض توشكى أو قناة الشيخ زايد, كما افترض د.الباز لأنها مرتبطة بحصة مصر من مياه نهر النيل ووفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية تعتبر مصر من الدول التى تعانى الفقر المائى لانخفاض حصة الفرد عن المعيار العالمى والمحدد ب 1000 متر مكعب من الماء سنويا, حيث يبلغ نصيب الفرد فى مصر حوالى 750 متراً مكعباً فقط نسبة إلى عدد السكان. لماذا فى رأيك لا يوفر مفيض توشكى احتياجات ممر التنمية من المياه؟ مفيض توشكى لا يمكن أن يفى باحتياجات هذا الممر واستمراريته غير مضمونة, كما أن مسألة ضخ المياه عبر أنبوب قطره متر أو متر ونصف سيواجهه مشكلة الطبيعة الجغرافية الصعبة عند مفيض توشكى والتى يستحيل معها ضخ المياه لأعلى لوجود هضبة "سن الكداب" بارتفاع 220 متراً تقريباً وبعدها لا تسير المياه فى خط مستقيم 100 % لوجود منحنيات وارتفاعات وصخور يصعب معها مد مثل هذا الأنبوب, أيضا مشكلة توفير الطاقة اللازمة للمشروعات التنموية والمجتمعات العمرانية وعدم إمكانية توليدها من تدفق مياه تتدفق فى أنبوب قطره متر ونصف, كما هو مقترح بمشروع الممر. كيف يمكن توفير مصادر مياه جديدة لمواجهة الاستهلاك المتزايد عندنا؟ بدلاً من الاعتماد على مياه النيل يمكن الاعتماد على المخزون الهائل من المياه الجوفية, وهو يعادل 500 ضعف حصتنا السنوية من مياه نهر النيل وتذخر بها الصحراء الغربية والساحل الشمالى الغربى وشبه جزيرة سيناء ويتم الآن ومنذ سنوات فى بعض المواقع التعامل مع هذا المخزون وخلق مجتمعات جديدة تعتمد على المياه الجوفية. ولكن الاعتماد الكثيف على المياه الجوفية مكلف مادياً وله مخاطره ؟ نعم هناك بعض الصعوبات فى مقدمتها الحاجة إلى دعم مادى يصل إلى مليارات الجنيهات حتى يمكن التعامل مع الطبيعة الجغرافية الوعرة لبعض المناطق, كما أنه أحياناً يحدث قصور فى تطبيق المنهج العلمى من البعض سواء من ناحية تحديد مواقع الحفر وكيفية تنفيذ وإدارة الآبار أو عدم مراعاة المسافات بينها وهذا ما أدى إلى مشكلة هبوط منسوب المياه بالآبار ببعض المواقع وصعوبة ضخ المياه وانحسار الزراعة وتبوير بعض الأراضى نتيجة طريقة السحب العشوائية وعدم تقنين كمية المياه بكل بئر، ولكن علينا مواجهة هذه الصعوبات.