أثار اقتراح عالم الفضاء المصري الدكتور فاروق الباز بإقامة شريط طولي بالصحراء الغربية موازي لشريط وادي النيل الحالي ويمتد من الإسكندرية شمالا للحدود مع السودان جنوبا ، جدلا واسعا بين العديد من المختصين ، حيث حذر البعض من أن المشروع يعد مغامرة جديدة على غرار مغامرة توشكي ، التي استنزفت مليارات الجنيهات من ميزانية الدولة دون أي عائد فعلي حتى الآن . ووصف الباز ، الاقتراح الذي أسماه مشروع "ممر التعمير " ، بأنه مشروع القرن الحادي والعشرين الذي يقضي على تكدس المدن ونحر الأرض الزراعية وغيرها من المشكلات التي تهدد مستقبل البلاد . وأشار إلى أن المشروع الذي يمتد من مدينة الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط شمالا حتى الحدود السودانية جنوبا سيوفر بمجرد البدء به 500 ألف فرصة عمل كما سيؤدي إلى خلخلة الكتلة السكانية حول وادي النيل مضيفا أن عدد سكان مصر سيبلغ مائة مليون بعد 30 عاما في ظل استمرار مشكلات تجعل مستقبل البلاد "أسود". وأوضح الباز ، الذي يشغل منصب مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة ، خلال ندوة نظمتها دار الأوبرا المصرية مساء الاثنين ، أن طول الممر يبلغ 1200 كيلومتر ويقطعه عرضيا 12 طريقا طولها بين عشرة كيلومترات و80 كيلومترا لربط الممر المقترح بالمدن المصرية. وأضاف أن الممر المقترح سيرتبط عضويا بالمدن المصرية كالقاهرة وطنطا والمنيا والأقصر التي قال أن بها "هضبة ممتازة يمكن استثمارها في إقامة فندق يطل على أكبر موقع للآثار في العالم... ستكون المنطقة أفضل من مدينة صغيرة مثل دبي التي يأتي إليها مليونا سائح سنويا وهي تخلو من بيت قديم ولا يوجد فيها شيء يستحق الرؤية." وكشف الباز أن المشروع لاقى استحسان نخبة من أساتذة الجيولوجيا بعدد من الجامعات المصرية حين طرحه للنقاش نهاية العام الماضي في كلية العلوم بجامعة الإسكندرية كما ناقشه مع رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف في حضور عدد من الوزراء تمهيدا لدراسة عائده تمهيدا للبدء في تنفيذه. وأشار إلى أن الحكومة المصرية قررت خلال شهر الإعلان عن مسابقات لتقديم دراسات جدوى للمشروع الذي يستغرق من خمس إلى عشر سنوات "وفقا للتمويل". وأضاف أن المشروع سيتم إمداده بالكهرباء والمياه عن طريق أنابيب مياه يبلغ قطر كل منها 1.6 متر فقط من توشكي جنوبا إلى العاملين على الممر مشددا على أنه مشروع استثماري يجب أن يشارك فيه الناس. في المقابل ، حذر عالم الجيولوجيا المصري البارز الدكتور رشدي سعيد من عدم إمكانية تنفيذ المشروع مذكرا بمشروع توشكى ، والذي لا تزال الاتهامات توجه إلى الحكومة بسبب ما أهدر فيه من أموال قبل دراسة العائد منه. وأوضح سعيد انه ليس بالإمكان ضخ عشرة مليارات من الأمتار المكعبة من المياه الجوفية سنويا لري مليون فدان مقترحة في المشروع الجديد. لكن الباز رفض اعتراضات سعيد ، وأكد أن بعض مناطق الممر تتوفر فيها مياه جوفية كما يمكن إمداد مناطق أخرى بمياه النيل مشيرا إلى أن في مصر أقدم وزارة للأشغال المائية. وأضاف الباز ، في تصريحات لوكالة رويترز ، "الناس لا يبتسمون فلا توجد آفاق جديدة ولا آمال بعيدة وهذا يدفع لوجود فكر يغير الواقع بعيدا عن الوادي الضيق والتكدس في المدن."