تفتتح الدنمارك اليوم الخميس، بعد تسع سنوات على قضية الرسوم الكاريكاتورية عن النبى محمد أول مسجد بمئذنة، حيث شيد بكلفة عشرين مليون يورو قدمتها قطر. ويعتبر افتتاح المجمع البالغة مساحته 6700 متر مربع والذى يضم المسجد ومركزا ثقافيا واستديو تليفزيونيا وقاعة رياضة، انتصارا بعد سنوات من الخلافات السياسية والاحتجاجات التى واكبت المشروع. غير أن المبنى ليس رمز الاندماج الذى كان يأمل به العديد من مسلمى هذا البلد البالغ عددهم الإجمالى مئتى ألف. ويقيم الدنماركيون علاقة معقدة مع الإسلام الذى يعتبر ثانى ديانة فى بلادهم، متأثرين بسياسة الحزب الشعبى الدنماركى (يمينى معاد للهجرة) الذى قضى عشر سنوات فى الحكومة وبعنف ردود الفعل على الرسوم المنشورة فى صحيفة يلاندس بوستن عام 2005. ولن يحضر أى مسئول سياسى وطنى حفل افتتاح المبنى الذى موله بلد حقق ثروته بفضل موارده من الغاز غير أن صورته تشوبها انتهاكات لحقوق الإنسان والفضائح المحيطة بكأس العالم لكرة القدم التى سيستضيفها عام 2022. وتعذر بعض المسئولين بارتباطات أخرى فيما كان آخرون أكثر صراحة. وقال رئيس التحالف الليبرالى (وسط يمين) اندرس ساميولسن متحدثا لصحيفة برلينغسكى "لن أجازف وأدعم شيئا يعتبر دعمه من الحماقة". ورأى رئيس الحزب الشعبى الدنماركى كريستيان توليسن دال أن قطر تأمل "على الأرجح فى ممارسة تأثير سواء مباشر، أو غير مباشر على المسجد" ما سيضر بنظره باندماج مسلمى الدنمارك. وإن كان هذا الحزب الذى تصدر الانتخابات الأوروبية فى الدنمارك فى ايار/مايو خفف من حدة لهجته حول الإسلام، وقد تبدلت قيادته منذ العام 2012، إلا أن مسئولى المسجد يرون أن خطابه لا يزالون بعيدا عن الحقيقة. وقال المتحدث باسم المجلس الإسلامى الدنماركى محمد الميمونى "لسنا معنيين بسياسة قطر ولا صلة لنا على الإطلاق بما يجرى هناك". وأكد أن المجلس لديه "كامل الصلاحيات" فى المسجد موضحا أن الأموال التى قدمتها قطر هى "هبة سخية غير مرفقة بأى مطلب". وكان المجلس يعتزم فى بادئ الأمر الحصول على هبات من ممولين كويتيين وسعوديين غير أن أمير دولة قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى أبدى اهتماما بالمسجد بعدما تحدثت عنه قناة الجزيرة القطرية. وأوضح مسلمو الدنمارك للممولين الخليجيين أنهم يعتزمون تشجيع الحوار مع شرائح أخرى من المجتمع الدنماركى وقد دعا المجلس ممثلين عن الكنيسة الدنماركية ومجموعة اليهود فى هذا البلد إلى حفل الافتتاح الخميس. ومن المتوقع أن يحضر وفد قطرى يضم وزير الأوقاف والشئون الإسلامية الحفل الذى ستنقله الجزيرة والتليفزيون العام القطرى. ورأى الميمونى أنه "مع هذا المركز سيكون من الممكن تفادى الخلافات مثل الخلاف حول رسوم النبى، لأنه يشجع الحوار والتفاهم" موضحا أن المسلمين الدنماركيين يعتمدون "تفسيرا معتدلا للإسلام". وقال إن "الإسلام فى قطر أو فى المغرب ليس هو ذاته كما فى الدنمارك. بالطبع هناك بعض المبادئ التى لا تتبدل بحسب الزمان والمكان، لكن أمورا أخرى يمكن أن تكون مختلفة". ويعتزم المجلس على سبيل المثال ثنى الشباب المسلمين الدنماركيين عن التوجه إلى سوريا للقتال، فى وقت يؤكد المركز الدولى للدراسات حول التطرف الذى يتخذ من لندن مركزا له أن الدنمارك هى ثانى دولة أوروبية بعد بلجيكا من حيث عدد الشبان الذين يقصدون سوريا للجهاد. وفى بلد تسوده الليبرالية فى السلوك وتسمح فيه الكنيسة البروتستانتية بزواج مثليى الجنس، تبقى تساؤلات كثيرة مطروحة رغم تطمينات رئيس المجلس الإسلامى حول إمكانية تكيف المسجد السنى مع المجتمع المحيط به.