الحكومة تتخذ القرار الصعب قبل أن تدرسه من جميع جوانبه هي خبيرة مصرفية من الطراز الأول، نجلة شقيق وزير الخارجية المصرى الأسبق إسماعيل فهمى، اختارها الرئيسى عبدالفتاح السيسي للتعيين في مجلس النواب في ديسمبر 2015، شغلت في السابق منصب نائب رئيس حزب الدستور في عام 2013، بدأت حياتها العملية بالقسم الاقتصادى في منظمة الأممالمتحدة والذي أتاح لها فرصة الانضمام لواحد من أكبر البنوك العالمية "شيس مانهاتن" لتعمل به أكثر من ثلاثين عاما تخللها 7 سنوات عملت بها كخبيرة في شئون الصيرفة الإسلامية. ورغم أنها ترى أن القرارات الاقتصادية التي تم اتخاذها بشأن تحرير سعر العملة وإلغاء الدعم كانت ضرورية وأدت إلى تحسن ملحوظ في الاقتصاد المصري، فإنها حملت الحكومة المسئولية في عدم شعور المواطنين بتحسن الأوضاع الاقتصادية. إنها النائبة الدكتورة بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، التي أوضحت أن الحكومة تهتم بجانب واحد من الاقتصاد على حساب جانب آخر، وهو الأمر الذي يشعر المواطن بأنه لا يوجد تحسن بل ارتفاع مستمر في الأسعار، مشيرة إلى أن الحكومة مهتمة بالاقتصاد الكلى متمثلا في تخفيض عجز الموازنة وزيادة فائض الخزانة العامة للدولة، بينما تهمل شيئا مهما وهو الاقتصاد الجزئي، الذي يساعد في مواجهة التضخم وزيادة معاناة الشعب. وحذرت النائبة خلال حوار ل "فيتو" من الوصول إلى مرحلة الركود التضخمي، لأننا لن نستطيع الخروج منه... وإلى نص الحوار: كيف تقيمين الوضع الاقتصادى في مصر عقب القرارات الأخيرة؟ للأسف أغلب المواطنين ينظرون إلى التحسن الاقتصادى بأنه توفر البضائع والسلع الأساسية في الأسواق وبأسعار مناسبة وهذا غير صحيح. ولابد من التفرقة بين مستويين من الاقتصاد، الأول الاقتصاد الكلي، والثانى الاقتصاد الجزئي، الاقتصاد الكلى يقوم على الحد من عجز الموازنة وزيادة الفائض في النقد، وهو الصعب وهناك تحسن فعلى في هذه الجزئية بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة، بينما الاقتصاد الجزئى ويتمثل في الاهتمام بالتجارة والصناعة والزراعة وهو الجزء الصعب، والاهتمام به سيؤدى حتما إلى تحسن الأوضاع بشكل ملحوظ، وهناك تقصير من الحكومة في الاهتمام بالاقتصاد الجزئي. نعود إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية كيف ترينها من وجهة نظرك كخبيرة اقتصادية؟ هناك تحسن فعلى ملحوظ في أداء الاقتصاد الكلي، وهو ما كان له الأثر في الثقة بالاقتصاد المصري، من جانب المؤسسات الدولية والتي وافقت على منح قروض لمصر، وأغلبها يتم توجيهه إلى البنية التحتية. إذا كان هناك تحسن في الأوضاع الاقتصادية كما ذكرت.. لماذا ارتفاع الأسعار بهذا الشكل ؟ الحكومة المصرية تتحمل جزءا من هذا الأمر، خصوصا أنها تتخذ القرار وبعدها تدرس الآثار السلبية المترتبة عليه، لكن الصحيح هو أن يتم دراسة أي قرار بكل جوانبه قبل تنفيذه وبعدها يتم اتخاذه، نعود إلى الأسعار، فهى فعلا مرتفعة وسترتفع مرة أخرى، لأن الاقتصاد الجزئى لم يتحرك حتى الآن، فضلا عن أن القرارات الاقتصادية بتحريك أسعار الوقود وتحرير سعر الصرف تسببت في ارتفاع أسعار المواد الخام والأجور وهو ما ترتب عليه قيام رجال الأعمال برفع الأسعار. وكيف تقيمين قرارات الحكومة الأخيرة؟ الحكومة اتخذت إجراءات تقشفية متمثلة في تخفيض الدعم، لكن هذه القرارات لم يقابلها توسع في الاهتمام بالاقتصاد الجزئى متمثلا في المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهو الأمر الذي سيؤدى إلى عملية الرواج الاقتصادي. وهل كانت إذن قرارات الحكومة صحيحة؟ ما قامت به الحكومة سياسات انكماشية بسبب زيادة تكاليف الإنتاج كنتيجة طبيعية لزيادة سعر صرف الدولار، والذي وصل إلى الضعف وهو الأمر الذي أثر في رجال الأعمال في رفع الأسعار. وما التخوف إذن على الرغم من تأكيدك أن هناك تحسنا اقتصاديا؟ ما نخشاه هو الركود التضخمي، وهو خطر جدا ومرت به الدول الأوروبية وأمريكا أثناء حرب أكتوبر 1973، حينما منع العرب هذه الدول من البترول ورفع أسعاره، مما أدى إلى الانكماش في الاقتصاد الأمريكى والأوروبي، وكان القرار هو عدم تحكم العرب في البترول مرة أخرى وكانت النتيجة التي نراها الآن في السعى نحو السيطرة على موارد البترول. وماذا لو وصلنا إلى مرحلة الانكماش الاقتصادي؟ لن نستطيع الخروج منه بسبب القرارات الاقتصادية الخاطئة التي تهتم بجانب اقتصادى واحد على حساب اقتصاد آخر، حيث إنه من المفترض أن تسير الحكومة في تحسين الاقتصاد الجزئى إلى جانب الاقتصاد الكلي. معنى ذلك أن كل القرارات الاقتصادية خاطئة؟ ليس ذلك بالضبط.. لكن كما ذكرنا أن السياسات الاقتصادية في مصر انكماشية في الوقت الذي نسعى فيه إلى التوسع، والأزمة تتمثل أيضا في عدم اتخاذ الإجراءات الحمائية إلى جانب القرارات الاقتصادية، وهو ما يتسبب في زيادة الأسعار التي يعانى منها المواطنون. وماذا عن قرار رئيس البنك المركزى برفع سعر الفائدة في البنوك؟ كان بهدف التحكم في عملية التضخم ولكنه لم يكن صائبا وما نلاحظه غير ذلك لأن رفع الفائدة يكون على المودعين والمقترضين مما يعطل بعض المشروعات الصغيرة بسبب الفائدة، ولجوء البعض إلى الاستفادة من سعر الفائدة بدلا من عمل مشروعات. وما الحل كى ننقذ ما يمكن إنقاذه؟ على الحكومة أن تتحرك وبسرعة في دعم الاقتصاد الجزئي، وأين ال 2 مليار التي تم الإعلان عنها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لأن دعم هذا النوع من المشروعات سيساعد إلى جانب المشروعات القومية في إحساس الشعب بتحسن الأحوال المعيشية.