معروف برفضه لجماعات الإسلام السياسى لعدم إيمانها بالدولة المدنية , له موقف مفاجئ محفور فى ذاكرة المصريين , وهو استقالته من حكومة الفريق أحمد شفيق بعد أقل من أسبوعين من توليه حقيبة وزارة الثقافة , إنه الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق التقت به «فيتو» وحاورته حول المشهد السياسى الراهن وتداعياته المحتملة على مصر المواطن والوطن , فالى التفاصيل. هل توقعت صعود جماعة الإخوان المسلمين إلي سدة الحكم وفق هذا السيناريو الدرامي؟ - نعم توقعت صعود الإخوان منذ سنوات , وبالتحديد في بداية السبعينيات عندما تحالف الرئيس الراحل انور السادات مع الجماعات الاسلامية للقضاء علي الناصريين واليساريين الذين كانوا يقفون ضده , وكنت اول من كتب ضد هذاالتحالف من المعارضين, ومع تصاعد الاحداث غضب السادات غضبته الهائلة من اليمين ومن اليسار في الثمانينيات واطاح بالجميع , وفصل نحو 60 استاذا جامعيا كنت واحدا منهم , وكان موقفي المضاد تجاه تلك التحالفات مع التيارات الاسلامية احد اسباب فصلى، والتحالف مع الجماعات الاسلامية آنذاك لم يكن هو المشكلة فى حد ذاتها , ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في انها لن تؤمن بالدولة المدنية وتسعي الي اقامة دولة دينية, وفي ادبيات الاخوان من كتابات الامام حسن البنا هناك ايمانا وتصديقا بعودة الخلافة الاسلامية ,وان كنت اظن ان عودتها فكرة خيالية لايمكن ان تتحقق في هذا العصر, لأنها تحمل في طياتها الإطاحة بمعانٍ ومبادئ كثيرة من مبادئ الدولة المدنية اهمها مبدأ المواطنة وما يرتبط به من عدم التمييز بين المسلمين والمسحيين وغيرهم من المواطنين . باعتقادك ما هو السيناريو الأقرب للحدوث في ظل تخبط النظام الحالى فى التعامل مع الملفات الحيوية ؟ - اكتشفنا جميعا حقيقة ما أسماه الرئيس مرسي بمشروع النهضة وعرفنا انه مشروع وهمى, وللأسف الشديد النظام الإخواني لا يمتلك خطة للتنمية الحقيقية، وكل ما فعله حتي الآن هو مجموعة من الاتفاقات التي تبتغي المعونات وليس الاتفاقات التي تهدف الي التنمية. كتبت كثيرا أن الدولة الدينية تخلق الاستبداد والديكتاتورية لماذا ؟ - بالطبع نعم ,لأنها تعتمد علي حكم مجموعة من الاشخاص,وهذه المجموعة هي التي تحتكر الحديث في الاسلام، ولا تتصور ان هناك غيرها يتحدث عنه او يعبر عن فهمه للاسلام مثلها. كيف تري علاقة الإخوان بقطر وتركياواسرائيل والولاياتالمتحدة ؟ - انا شخصيا اتمني ان يسير الاخوان في طريق تركيا، وان يسلكوا خطوات التنمية التي حققتها, ولو نجحوا في ذلك ساكون اول من يثني عليهم ولكنني ارى ان علاقة قطر بالاخوان «مريبة» واعتقد ان قطر تؤدي الدور الذي لن تفلح ان تؤديه اسرائيل في الظاهر. فما هو السر وراء انفاق قطر لكل هذه الاموال الهائلة؟ قطر من وجهة نظرى مستعمرة أمريكية ودمية صغيرة تحركها اصابع البيت الابيض ,ففى قطر اكبر قاعدة عسكرية امريكية في المنطقة, تعد مصدرا للسيطرة الامريكية على المنطقة بأسرها. افهم من ذلك إنك تري ان القرار المصري مُوجّه من الخارج؟ - الوجود الاخواني نفسه في الحكم تم بتحالف بين 3 اطراف ,هم الولاياتالمتحدةالامريكية والمجلس الاعلي للقوات المسلحة وجماعة الاخوان المسلمين ولو لم يتم ذلك الاتفاق ما كان محمد مرسى رئيسا للجمهورية. هل تقصد ان الاخوان وصلوا لحكم مصر بصفقة مع الولاياتالمتحدةالامريكية ؟ - طبعا بالتأكيد وبرضاء الولاياتالمتحدةالامريكية وسمعنا اخيرا عن التصريحات الامريكية الاخيرة التي ظهرت فيها حالة الندم الامريكي علي مساندة الاخوان لوصولهم للحكم, والعلاقة بين الولاياتالمتحدةالامريكية والاخوان تمت منذ زمن بعيد,ولم تتم مباركة الدولة الاخوانية إلا بعد ان قدمت الجماعة الضمانات اللازمة لواشنطن والتي تعهدت فيها بتنفيذ خطتها في المنطقة . وهل الابداع والفن المصري اصبح في مرمي الخطر بسبب حكم الاسلاميين؟ - هو بالفعل في مرمي الخطر من الناحية النظرية فقط ولكن عمليا كل ما يميز المبدع عن غيره هو قدرته على الابداع برغم كل القيود الموجودة حوله. هل اطلعت علي مسودة الدستور الجديد؟ .. نعم اطلعت علي المسودة الاخيرة منه عبر الانترنت, واجد فيها الكثير من الاشياء الرديئة، وكذلك بعض الاشياء الجيدة التي لاباس بها, ولكنني اعتبر سيطرة الاسلاميين علي الجمعية التأسيسية يعني ان المجتمع الذي نعيش فيه غير ديمقراطي, ولابد من ان تكون القوة المدنية ممثلة بصورة متفاوتة مع التيار الاسلامي عند صياغة الدستور . يرى كثيرون ان طنطاوي وعنان خرجا بصفقة مع الإخوان, فما تعقيبك؟ - بالتأكيد خرجا بصفقة ,ولكنهماأرادا الإبقاء علي العصار لأسباب معروفة للجميع, وأهمها ان العصار يتولي عملية الاتصال المباشر مع الولاياتالمتحدة وتضمنت صفقتهم مع الاخوان الخروج الآمن لهم مقابل ترقيتهم برغم انهم كانوا من المفترض أعداء للإخوان. كيف تري واقع الثقافة المصري ومستقبلها في ظل حكم الاخوان؟ - سيكون مستقبلا مظلما لا توجد له ملامح. هل استفدت من تجربة تقلدك لوزارة الثقافة لمدة 9 ايام ؟ - اعترف انني نادم كل الندم، واعتذرت للجميع واصررت علي تقديم الاعتذار علي موافقتي لقبول المنصب الذي عرض علي في حكومة شفيق, ولكنني خدعت بسبب حسن نيتي , وعندما ذهبت لحلف اليمين اكتشفت انها ليست حكومة لإنقاذ الوطن, وأنها لا تنقذ اصغر مصلحة حكومية, وقمت بتقديم استقالتي في اول اجتماع للحكومة بعد حلف اليمين, ولكنني انقذت المتاحف المصرية وحمايتها بدرجة كبيرة من الحرق.