هل الرأى العام يثق بالنائب العام؟ للإجابة عن هذا السؤال، لا بد أن نرجع إلى الأيام التالية لسقوط الديكتاتور فى 11 فبراير الماضى، إذ بدأ بعض الثوار يتحدث عن ضرورة تغيير النائب العام، حتى تتحرك النيابة بسرعة فى قضايا قتل الشهداء، وحتى يسرع وكلاء النائب العام فى توجيه التهم القانونية إلى أركان النظام الساقط، فثمة رغبة شعبية فى سرعة صدور الأحكام القضائية العادلة، حتى يشعر الناس بتحقيق العدل، وحتى يرتاح أهالى الشهداء والمصابين بصدور أحكام القصاص العادل. كان البعض يرى أن شخص الدكتور عبد المجيد محمود يعد جزءا لا يتجزء من نظام عائلة مبارك! وقد عينه مبارك فى هذا المنصب الخطير، بعد التأكد من طبيعة شخصيته الملائمة تماما لأزهى عصور الفساد والاستبداد. وقد صدق حدس هؤلاء الثوار، وحدث تباطؤ عجيب فى توجيه تهم الفساد إلى أركان النظام الساقط، فكان لا بد من اعتصام الملايين فى ميدان التحرير، وغيره من ميادين مصر، حتى يتفضل سيادة النائب العام، ويحرك قضايا الفساد النائمة فى مكتبه من زمن طويل جدا! ألم يسمع النائب العام -على سبيل المثال لا الحصر- عن فساد وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان؟ لقد وصل فساد هذا الوزير الأعجوبة إلى عنان السماء، كما وصل إلى مكاتب النيابة فى عموم المحروسة كثير من البلاغات والشكاوى من بجاحة هذا الفاسد وفجره، وثمة عرائض أخرى كثيرة موجهة فى غيره من رؤوس الفساد، فماذا صنع سيادة النائب العام فى هذه الاتهامات الموثقة بالمستندات، هل كان يسرع فى فتح التحقيقات؟ أم يكتفى بحفظ الأوراق، فى انتظار وصول التعليمات من رأس الأفعى؟! ولنسأل معالى النائب العام عن عدد قضايا القتل، والسرقة، والتزوير، والفساد، وغيرها من الجرائم التى (طرمخ) عليها سيادته، أو حفظها فى مكتبه! أقول لك ماذا يقال عنك فى الشارع الآن يا دكتور عبد المجيد؟ يقولون إنك تتحرك «بالريموت كنترول»، أو تتحرك بناء على تعليمات تصل إليك بالتليفون! فهل يصح أن يبقى من ينوب نيابة عامة عن المجتمع فى تحريك الدعوى الجزائية والادعاء فيها أمام المحكمة المختصة، بعد أن فقد ثقة الرأى العام؟! ولماذا الصمت على قضايا الفساد السياسى؟! ومن يصدق أننا لا نستطيع أن نحاكم أحدا على الفساد السياسى؟! وكأنما قتل المتظاهرين، وتعذيب المعتقلين، وتزوير الانتخابات، لم تكن جرائم يعاقب عليها القانون! إن من يقول مثل هذا الكلام لا يعلم أن فى مصر ثورة، والثورة لها شرعيتها، ولها قوانينها، ولها محاكمها القادرة على تحقيق العدل، والقصاص من قتلة الشهداء. كان أفضل لك يا سيادة النائب العام أن تتقدم باستقالتك يوم 11 فبراير، لأنك تنتمى إلى نظام سقط بثورة من أعظم ثورات التاريخ، وها هو صوت الثوار يتردد صداه فى كل مكان فى مصر، نحن الآن فى حاجة إلى نائب عام جديد، من الثوار الشرفاء، لقيادة النيابة العامة فى مرحلة التطهير الثورى