في حادث هو الأكثر مأساوية للولايات المتحدةالأمريكية، قام أمريكي من أصل أفغاني يدعى عمر متين بإطلاق النار العشوائي الكثيف على مرتادي نادٍ للمثليين جنسيًّا في مدينة أورلاندو بولاية فلوريداالأمريكية. حادثة جاءت في ظل انتخابات رئاسية متأرجحة بين الديمقراطيين والجمهوريين، التي سيحسمها الناخب الأمريكي باختيار أحد المرشحين هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب. حادثة أورلاندو ألقت بظلالها على معسكر الحزب الديمقراطي بتأجيل أوباما لمشاركته الأولى في السباق الرئاسي بدعم هيلاري كيلنتون في ويسكنسون. يشير معظم التحليلات الأمريكية إلى انتصار سياسي واضح لدونالد ترامب بخطابه الشعبوي المنحاز ضد الأقليات العرقية والدينية، ولا سيما المسلمين، فترامب الذي استغل حادث أورلاندو الإرهابي، أعلن أنه رأيه كان صحيحًا تجاه إرهاب الإسلام المتطرف الذي يستهدف الولاياتالمتحدة، وأن القيادة الأمريكية المتمثلة في الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أخطأت لرفض أوباما استخدام وصف "الإسلام المتطرف". قام حساب ترامب على تويتر بإعادة نشر تغريدة لامرأة أمريكية بيضاء في الستينيات من عمرها تدعى واندا والز "دونالد ترامب نرجوك اجعلنا آمنين. لا يمكن أن تكون هيلاري كلينتون رئيستنا، سنكون حينها في مشكلة كبيرة". على الرغم من تمكن الإعلام اليميني الأمريكي من تحويل قضية أورلاندو إلى قضية إرهاب إسلامي "فقط"، دون النظر إلى الإجراءات القانونية التي تسمح لأي فرد بالحصول على سلاح للاستخدام الشخصي. تلك القوانين التي سمحت بحصول حوادث إطلاق نار عشوائي داخل حرم الجامعات والمدارس الأمريكية. المجتمع الأمريكي -كأي مجتمع آخر- عندما يقع تحت وطأة خطاب الخوف يتصرف بشكل لا عقلاني، وتتواطأ بشكل سلبي مع أحد أهم مسببات الأزمة "الحزب الجمهوري" و"لوبي السلاح" الممول الرئيسي لحملات العديد من أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ. حادثة أورلاندو ليست التوظيف السياسي الأول لحوادث الإرهاب والعنف والتهديد، من أجل قلب طاولة الانتخابات الرئاسية لصالح أحد المرشحين على حساب الآخر. في نوفمبر 2004، قام أسامة بن لادن بإصدار فيديو موجه للولايات المتحدةالأمريكية، يتحدث فيه أنه مستمر في سياسات إراقة دماء أمريكا إلى أن تفلس تمامًا، وأن المجاهدين قاموا بتطبيق ذلك أمام الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات، باستخدام أساليب حرب العصابات والاستنزاف. فيديو بن لادن أعطى مفعول السحر لحملة الرئيس جورج بوش الابن، التي كانت تعاني من رفض كبير لسياسات بوش ولا سيما احتلال العراق وأفغانستان. فيديو أسامة بن لادن كان تأكيدًا لخطاب الخوف الذي اعتمد عليه بوش في تمرير سياساته. كانت نتيجة السباق الرئاسي لصالح بوش بفرق بسيط عن جون كيري. انتخابات 2012، شهدت توظيفًا سياسيًّا لأسامة بن لادن، ولكن تلك المرة كانت توظيف وفاته. نجاح القوات الخاصة الأمريكية في قتل أسامة بن لادن في باكستان، تم نسبه للرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأنه الديمقراطي الذي تمكن من بن لادن بعد فشل جورج بوش من قتله خلال رئاسته. كانت الكرامة الأمريكية في حالة حداد، ولم تشفع غزوات بوش للعراق وأفغانستان. فقط قتل أسامة بن لادن في عام 2011 كانت تذكرة عبور لأوباما في انتخابات 2012. في انتخابات 2016، تقف هيلاري كلينتون على تبة عالية محاطة بالأقليات والمرأة والدوائر التقليدية للحزب الديمقراطي، وتحظى بثقة المجتمع الدولي ونخب واشنطن، وتعتمد على الأداء الملهم والشعبية المرتفعة لأوباما، وتعاف للاقتصاد وأوباما كير، وإنجازه في الملفات الدولية. تلك الأمور تجعل حظوظ هيلاري في الوصول إلى الرئاسة أكثر تجليًا من دونالد ترامب. ذلك كان رأيي في الانتخابات الأمريكية قبل وقوع حادث أورلاندو الإرهابي، الذي سيستفيد منه دونالد ترامب في ترويج خطاب الخوف لجمع المزيد من المؤيدين حوله.