شعلة الثورة المقدسة التى انطلقت قبل عامين لم تنطفئ، ولن تنطفئ أبدا.. الملايين التى خرجت لتصنع مستقبلها كما تريد، لا يمكن أن ترضى بأن ينتهى بها الأمر إلى حكم الفاشيين الجدد. الشهداء الذين سقطوا لم يضحوا بأرواحهم لكى نخرج من ظلام العهد السابق إلى كهوف العصور الوسطى، كما يراد لمصر الآن. الثورة التى انطلقت قبل عامين لا بد أن تكمل مسيرتها حتى نرى مصر التى فى خاطرنا جميعا.. وطنا للحرية ولكرامة الإنسان فى أسمى معانيها. شعلة الثورة لم تنطفئ. صحيح أنها تعرضت على مدى العامين لكوارث عديدة، بدأت مع الإدارة السيئة للمرحلة الانتقالية من جانب المجلس العسكرى، التى سلمت للإخوان المسلمين «تسليم مفتاح»!! ولم تنته بهذا الحكم الذى جثم على صدور المصريين، وحقق فى ستة أشهر حجما من الفشل تنوء بحمله أكثر الدول استقرارا! لم تفشل الثورة، لأنها لم تصل إلى الحكم. فشل الذين أداروا الأوضاع لتصل بنا خلال عامين إلى حافة الكارثة، ليْتهم حين اختطفوا الثورة حاولوا أن يسيروا فى طريقها، وأن يكتفوا بأن يكونوا فى مقدمتها، حتى ولو لم يشاركوا فيها إلا بعد نجاحها. الكارثة أنهم يخطفون الثورة لكى يقضوا عليها. يتاجرون باسمها وهم يبنون نظاما هو المثال الأكمل للثورة المضادة. يزعمون الحرب على فلول النظام السابق وهم يعقدون الصفقات مع الفلول، ويعيدون إنتاج النظام الذى سقط بنفس سياساته القائمة على التبعية والفساد والانحياز ضد الفقراء. لم تفشل الثورة، ولكن فشل الذين اختطفوها والذين استولوا على الحكم ليبعدوا الثوار وليغتالوا أحلام الملايين فى الحرية، وفى الكرامة، وفى العدالة الاجتماعية، وليضعوا مصر، بعد عامين من الثورة، على حافة الانهيار، وليصبح إنقاذ مصر مرهونا باستئناف الثورة لمسيرتها، وفرض الثوار لإرادتهم الحرة. لم تفشل الثورة، لأنها لم تحكم حتى الآن، وفشل الحكم لأن الثورة لم تكن تعنيه، بل كانت السلطة هى الهدف، والهيمنة على مفاصل الدولة ومؤسساتها هى الوسيلة لإقامة دولة الاستبداد فى طبعتها الجديدة التى تحاول اغتيال كل ما هو جميل ورائع على أرض مصر. وغدا تخرج الملايين لتجدد ثورتها وتعلن غضبها على حكمٍ لم يفعل شيئا إلا استنساخ سياسات النظام السابق والمزايدة عليه فى التبعية وفى قهر الفقراء، مضيفا إنجازه الجديد فى ضرب الحريات ومحاصرة القضاء وتفكيك الدولة المدنية لفتح الطريق أمام دولة السمع والطاعة التى تعادى الديمقراطية وترفض المساواة، وتستغل الدين الحنيف لتقيم الفاشية الجديدة. غدا تخرج الملايين لتجدد ثورتها التى بدأتها سلمية وتتمسك بسلميتها حتى النهاية. غدا تخرج كل القوى الوطنية الديمقراطية لتؤكد وحدتها فى وجه الاستبداد، ولتقول إنه لا بديل عن طريق الثورة لإنقاذ مصر من المصير الذى يقودها إليه حكم فاشل وفاشى، لا يريد إلا السلطة، حتى لو باع مصر ورهَن إرادتها من أجل ذلك! غدا تخرج الملايين لتجدد الثورة ولتنفذ الوطن من الفاشية. بينما الحكم ينتقل من فشل إلى فشل. يرهن إرادة مصر لأعدائها. يواجه الإفلاس فى كل شىء. يعرض مصالح مصر وأمنها لأفدح الأخطار. يتسول المعونات ليبقى فى الحكم. يطلب من الفاسدين فى النظام السابق أن يواصلوا فسادهم برعايته وشراكته. ينسى دماء الشهداء. يخفى على الشعب تعهداته لصندوق النقد بسياسات اقتصادية واجتماعية تسحق الفقراء. يتصرف فى الوطن كأنه «عزبة»، يتباهى أنه يغرق مصر فى الديون. يحول الوطن إلى صكوك، ويبيع الصكوك فى المزاد، ويعطى الأولوية فى المزاد للكفيل القطرى الذى لا يحوِّل عينه عن قناة السويس لأسباب يعلمها حكامه وتعلمها واشنطن، وتباركها تل أبيب! غدا تخرج الملايين لتجدد الثورة، ولتنقذ الوطن، مهما كان الغضب فلا مجال للعنف. الثورة ستظل سلمية وهى تسقط حكم الفاشية وميليشياتها. الثورة هى التى تنقذ مصر من العنف ومن الفوضى.