يا أولاد الحلال.. حكم تايه يا أولاد الحلال!! البلد تحترق، والكارثة الكاملة تقترب، والناس تنتظر أن تتحرك السلطة لإنقاذ الموقف.. فلا تجد إلا الفراغ!! رئيس الجمهورية يكتفى ب«التغريد» على «تويتر»، ورئيس الوزراء كان يشم الهواء فى أوروبا، والحكومة -إذا اعتبرنا أن لدينا حكومة- لا تجتمع فى هذه الظروف، وكأن ما يحدث يحدث فى بلد آخر، والخرس يصيب جميع الوزراء.. وكأنهم يريدون أن ينسى الناس وجودهم، أو كأنهم جاؤوا إلى مواقعهم من أجل استيفاء المنظر، وليس من أجل أن يكونوا جزءا من سلطة تتحمل المسؤولية عن حكم مصر فى هذه المرحلة الحاسمة!! يا أولاد الحلال.. حكم تايه يا أولاد الحلال!! لعله خير، ولعل الغياب أفضل من الحضور فى هذه الحالة، فماذا فعل هذا الحكم البائس الفاشل حين حضر فى أحداث أخرى؟! تحول فى أحداث الاتحادية من «سلطة حكم» إلى راع رسمى لانقسام الشعب، واستدعى ميليشياته المسلحة لتقتل المتظاهرين المسالمين، وهى تهتف «رجالة مرسى فى الميدان»!! ولم يكتف برعاية العنف سبيلا للحوار (!!) بل انطلق -على جانب آخر- يهدم أركان دولة القانون.. سمح بحصار المحاكم، وخالف القانون فى قضية النائب العام، ثم وقف رئيس الجمهورية بنفسه- فى سابقة تاريخية- يهاجم المحكمة الدستورية ويتهمها بالانحياز، وبعدها كانت الجريمة الكبرى التى أطلقت موجة الاحتجاج التى لم تتوقف، حين أصدر الأخ الرئيس «الإعلان الاستبدادى وغير الدستورى» الذى أعطى فيه لنفسه كل السلطات، ومنح قراراته تحصينا يمنع القضاء من النظر فيها، وعطل المحاكم من أن تصدر قراراتها بشأن بطلان مجلس الشورى وبطلان لجنة الدستور، لكى تتمكن جماعته من «اختطاف» الدستور فى غياب كل القوى التى تمثل شعب مصر!! إنجاز «رائع» فى تعطيل دولة القانون وإهدار إحكامه، وإنجاز أروع فى نشر العنف ومنح الشرعية الزائفة لحكم الميليشيات!! وحصيلة من الفشل والخداع كان لا بد أن تفضى إلى حالة الفوضى التى تساق إليها مصر.. وعندما تحتدم الأزمة ويشتعل الموقف ويتساقط الشهداء.. لا نجد فى الحكم إلا الفراغ وصمت القبور من سلطة ماتت وهى تظن أنها أقوى من الموت.. ومن الحياة!! وبينما كان الفراغ يتربع فى السلطة، والحكم فى قبضة الغياب.. كان أولياء الأمر فى «الجماعة» يتكلمون، وليتهم ما فعلوا.. «الجماعة» التى قادت البلد إلى هذه الأزمة الطاحنة، ووضعت الوطن على حافة الكارثة، تُقلد الحكم السابق فى توزيع الاتهامات والهرب من المسؤولية. الذين دشنوا عصر «الميليشيات» يتهمون المعارضة السلمية بأنها وراء العنف (!!) ويواصلون الكلام الذى لا معنى له عن مسؤولية الإعلام.. وكأن الإعلام هو الذى حاصر المحاكم، وهو الذى اعتدى على القانون، وهو الذى أصدر الإعلان الاستبدادى، وهو الذى خطف الدستور، وهو الذى هاجم السجون واقتحم مراكز الشرطة، وهو الذى رفع الأسعار، وهو الذى خضع لشروط صندوق النقد، وهو الذى طلب من المصريين أن يستعدوا للعيش بثلاثة أرغفة من الخبز فى اليوم، وهو الذى أتى بحكومة الأصفار، وهو الذى عرض مصر للبيع أو الإيجار!! ليس الإعلام والصحافة، بل الحكم الفاشل والفاشى هو الذى فعل ذلك، هو الذى اختطف الثورة، وقفز على السلطة، ومارس الخداع والتزييف ليقيم دولة مستبدة، يتصور أنها يمكن أن تثبت أركانها إذا ادعت-زورا أو بهتانا- أنها تمثل الثورة، أو تنتمى إلى صحيح الإسلام. تعرف «الجماعة» ومندوبوها فى الرئاسة والحكم، أنهم يسيطرون على 90٪ من الإعلام.. التليفزيون الرسمى والإذاعة الرسمية، وتليفزيون «الكفيل القطرى» وصحف الجماعة وحلفائها التى لا يقرؤها أحد، ومجلات الوزير التى لم يسمع بها أحد!! إذا كانوا يقصدون أن هذا هو «الإعلام الفاسد» كما يقولون، فربما نجد لهم بعض العذر، فقد كانت مصر تحترق بينما «إعلامهم الفاسد» يتحدث عن إنجازات الحكومة واستقرار الأوضاع وجهود «الجماعة» فى بيع الكوسة والباذنجان بأسعار مخفضة فى ذكرى الثورة التى اختطفوها، بعيدا عن هذا الدجل، كانت مصر تجدد ثورتها. كانت الملايين تعلن غضبها، كان الشعب يبحث عن طريقة لإنقاذ الوطن. كان الحكم يعلن إفلاسه، كان البديل يولد بدماء الشهداء.