فى علم الثورة لا مكان لليأس. فى تاريخ الثورة تنتصر الشعوب حين تدرك أنه ليس أمامها إلا خيار واحد: أن تثور وأن تنتصر. يدعونا الكثيرون للواقعية. نحن أكثر الناس إيمانا بذلك، ولكننا نعرف أن الواقعية هى أن تعرف الواقع، ثم تسعى لتغييره. هذا ما فعلته الثورة قبل عامين، قبل أن يتم اختطافها، وهذا ما تفعله الثورة اليوم حين تعود إلى الميادين لتجدد نفسها، ولتنقذ مصر من حكم فاشى وفاشل. ما حدث خلال العامين الماضيين يزيد إيماننا بانتصار الثورة. أعرف أن الفاشيين يريدون للمصريين جميعا أن يقعوا فى دائرة الإحباط، وأن يسلموا بأن الثورة انتهت فى يد الذين اختطفوها، وأن على الجميع أن يسلموا بذلك. لكنهم واهمون، فما حدث خلال العامين يثبت أن الثورة ما زالت فى بدايتها، وأن الغضب مما حدث لن يتحول إلى إحباط عند الثوار، بل سيتحول إلى موعد جديد مع الثورة حتى تكتمل. لقد استخدموا كل أسلحتهم.. من خداع إلى تزييف إلى استخدام للميليشيات، إلى اغتصاب للمساجد، إلى قمع للحريات، إلى حصار للقضاء، إلى استعانة بالأصدقاء، من واشنطن إلى تل أبيب إلى الدوحة.. ومع ذلك لم ينجحوا إلا فى أن يفشلوا (!!) ولم يحققوا شيئا إلا فقدانهم للثقة والاعتبار من الملايين التى تصورت أنهم أهل لأن يكونوا شركاء فى الحكم وإخوانا فى الوطن!! بعد عامين تنطلق مصر لتجدد ثورتها. الثوار الحقيقيون أدركوا الخديعة التى تعرضوا لها. الذين وقفوا على الحياد يعرفون الآن أن الخطر على الجميع، وأن الكارثة لن تستثنى أحدا، وأن الفاشية سوف تنشر الخراب فى ربوع وطن يستحق أن يكون دائما فى المقدمة. لا ينبغى أن ننزعج، بل أن نزداد تصميما على إنجاز ما تعاهدنا عليه قبل عامين فى ميادين التحرير من حرية وخبز وكرامة. كل ثورات مصر تعرضت للتآمر وللاختطاف وللحروب القاسية. مصر دائما مستهدفة. استقلالها وقوتها خطر على مصالح الكثيرين. يعرفون أنها إما أن تكون كنزا استراتيجيا لأعدائها، وإما قائدة لمسيرة العرب نحو التقدم والاستقلال، ولاعبا رئيسيا فى مصير المنطقة. كل ثورات مصر تعرضت للتآمر، ثورة عرابى تحالف عليها الاحتلال والخيانة، ثورة 19 تخلى عنها العالم الحر وانقض عليها الأثرياء. ثورة يوليو قاتلت ضد الاستعمار وضد الرجعية وضوء الاستغلال، وبقدر ما أنجزت على طريق الاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية والتحرر العربى بقدر ما تلقت الضربات، وتحالف عليها الأعداء من الداخل والخارج.. وحتى الآن ما زالت الحروب تُشنُّ عليها، وما زال البعض يرتعش من ذكر الستينيات.. وما أدراك ما الستينات!! الآن نحن أقوى.. نملك كل رصيد الثورات المصرية. نعرف كيف نقاوم المتآمرين وكيف نهزم الذين انقلبوا على ثورة يناير وخانوا الميادين وأطلقوا رصاصات الغدر على شباب الثورة المسالم. وانقضوا على الدولة ليقيموا نظامهم الفاسد حتى لو كان الثمن بيع مصر بأكملها ورهن إرادتها لنفس «الحليف الاستراتيجى» الذى كان يملى إرادته قبل الثورة، ولنفس «الصديق الوفى» الإسرائيلى الذى لم يتوقف يوما عن قتل أبنائنا، ثم للكفيل القطرى بدوره المشبوه فى كل المنطقة!! الآن نحن أقوى نعرف حجم الخطر، وندرك أن وحدة القوى الوطنية الديمقراطية لا يمكن التفريط فيها، وأن وقت المهادنة قد مضى. مصر كلها الآن فى جانب، والفاشية الجديدة فى جانب آخر، غضب الملايين ينبغى أن يتحول إلى برنامج عمل لإنقاذ الوطن. الله مع مصر وليس مع المتاجرين بالدين، الله مع المقاتلين من أجل الحرية والكرامة، لا مع الفاشيين وصانعى الاستبداد، الله مع مصر، ومصر تواصل الثورة، والثورة سوف تنتصر، والنصر قريب بإذن الله.. وبإرادة شعب لن ينخدع أبداَ بعد الآن!!