أثار إفراج مزمع عن 26 أسيرًا فلسطينيًّا جدلا في الائتلاف الحاكم في إسرائيل الذي تتباين الآراء بداخله بالفعل بسبب محادثات سلام بوساطة أمريكية. وكان من المقرر الإفراج عن الأسرى - وجميعهم مدانون بقتل إسرائيليين قبل أو بعد توقيع اتفاقات السلام المؤقتة الأولى بين إسرائيل والفلسطينيين قبل 20 عاما - بعد منتصف الليل اليوم. ويثير الإفراج عن الأسرى المحكوم عليهم بالسجن مدى الحياة شعورًا مؤلمًا لدى الكثير من الإسرائيليين؛ لأنه كان شرطًا فلسطينيًّا لإحياء محادثات سلام في أغسطس لم يتوقع كثيرون من الجانبين نجاحها. وفي المجمل سيتم الإفراج عن 104 أسرى محكوم عليهم بالسجن لمدد طويلة. وكانت دفعة أولى تضم 26 سجينًا قد أفرج عنها قبل شهرين تنفيذًا لتفاهمات تم التوصل إليها أثناء جهود دبلوماسية حثيثة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري. وقال حزب البيت اليهودي الذي ينتمي لأقصى اليمين وهو ضمن الائتلاف الحاكم في بيان مطلع الأسبوع: إن إطلاق سراح الإرهابيين مقابل حق تسيبي ليفني (كبيرة المفاوضين الإسرائيليين) المثير للريبة في لقاء صائب عريقات (كبير المفاوضين الفلسطينيين) خطير للغاية". وحاول حزب البيت اليهودي بزعامة نافتالي بينيت تمرير اقتراح بتجميد إجراءات الإفراج المقبلة من خلال لجنة وزارية وصوت حزب الليكود الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برفض الاقتراح أول أمس الأحد. وذكرت ليفني زعيمة حزب هاتينواه الوسطي الصغير في صفحتها على موقع فيس بوك بعد رفض مقترح حزب البيت اليهودي "الصورة واضحة الآن: تعمل الحكومة وبخلاف أحد الأحزاب المشاركة فيها من أجل المصلحة الوطنية.. تدفع هذه الحكومة عملية السلام إلى الأمام". ولم ينته الخلاف عند هذا الحد حيث انتقد بينيت وزراء حزب الليكود وقال "إطلاق سراح الإرهابيين أمر غير أخلاقي ويضعف إسرائيل ويعرض مواطنيها للخطر وسنستمر في محاربته بطريقة ديمقراطية". وفي محاولة واضحة لإرضاء حزب البيت اليهودي والمتشددين في ليكود، قال مسؤولو الحكومة: إن مشروعات بناء وحدات سكنية جديدة ستعلن قريبًا في الكتل الاستيطانية بالضفة الغربيةالمحتلة التي تريد إسرائيل الاحتفاظ بها في إطار أي اتفاق سلام بالمستقبل. وقال معلقون سياسيون إسرائيليون: إن بينيت الذي يشغل حزبه 12 من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدًا يتمسك بقضية الأسرى كوسيلة لكسب الأنصار اليمينيين التقليديين لنتنياهو والظهور في صورة زعيم بديل لهذا المعسكر. وأوضح يوفال شتاينتز، وزير الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل والعضو في حزب الليكود، في مقابلة إذاعية أمس الاثنين: إن موافقة الحكومة على الإفراج عن الأسرى تعني فعليًّا رفضها طلب الفلسطينيين وقف البناء في المستوطنات. وأضاف: "قضية الإفراج عن السجناء هي بالتأكيد الأكثر إيلامًا بالنسبة لنا جميعًا. لكن ثمن تجميد البناء في المستوطنات من الناحية الاستراتيجية سيكون أعلى بكثير". ويرى الفلسطينيون في المستوطنات القائمة بالأراضي التي استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967 عقبة أمام قيام دولتهم ويصفون أسراهم في السجون الإسرائيلية بأنهم أبطال في النضال من أجل الاستقلال.