أفرجت اسرائيل في وقت مبكر يوم الاربعاء عن 26 سجينا فلسطينيا في المرحلة الثانية من عفو محدود يهدف الي مساعدة محادثات سلام ترعاها الولاياتالمتحدة تسير بخطى متعثرة بسبب انقسامات في كلا الجانبين. ونقل السجناء المفرج عنهم -والذين ادينوا بقتل اسرائيليين قبل او بعد اتفاقات السلام المؤقتة التي وقعت قبل عقدين- في حافلات من السجن عند منتصف الليل الى اماكن تجمع فيها اقاربهم للترحيب بهم في الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة. ورغم ان الاف الفلسطينيين مازالوا في السجون الاسرائيلية الا ان عملية الافراج عن السجناء قد تدعم مصداقية الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو يجري مفاوضات مع اسرائيل ترفضها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة. واستؤنفت المفاوضات بين ادارة عباس واسرائيل في واشنطن في يوليو تموز بعد توقف استمر ثلاثة اعوام. ولم يكن للمحادثات التي تجرى في طي الكتمان تأثير يذكر في طمأنة الفلسطينيين المنزعجين من الاستيطان اليهودي في الضفة الغربيةالمحتلة او الاسرائيليين الذين يشكون في قدرة عباس على إلزام حماس بالتقيد بأي إتفاق سلام مستقبلا. ولا يرغب اي من الجانبين في اصابة ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما بخيبة أمل بعد ان جعلت من المصالحة بينهما أولوية لسياستها في الشرق الاوسط. والقضية الهامة الاخرى بالنسبة لواشنطن هي برنامج ايران النووي المثير للجدل والذي ترى فيه اسرائيل خطرا على وجودها. وقال موشي يعلون وزير الدفاع الاسرائيلي في كلمة يوم الثلاثاء مشيرا الى الافراج عن السجناء الفلسطينيين "بوصفي واحدا قضى معظم سنوات عمره في محاربة الارهاب الفلسطيني في اسرائيل والخارج هذا الحدث ليس سهلا بالنسبة لي." وقال ان اسرائيل "واجهت ظروفا دبلوماسية حساسة واعتبارات استراتيجية جسيمة خلال الاشهر القليلة الماضية تتطلب ان نتخذ خطوات صعبة ومؤلمة. هذا موقف لا يوجد فيه أبيض وأسود." وكانت اسرائيل قد افرجت عن مجموعة من 26 سجينا فلسطينيا في اغسطس آب في اطار تفاهمات تم التوصل اليها اثناء جهود دبلوماسية مكوكية قام بها وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي حدد إطارا زمنيا مدته 9 اشهر لاختتام المفاوضات. وفي المجمل سيتم الإفراج عن 104 سجناء ممن صدرت عليهم احكام بالسجن لفترات طويلة. وتجمع مئات من اقارب السجناء والمهنئين عند مكتب عباس في مدينة رام الله بالضفة الغربية لاستقبال 21 من الرجال المفرج عنهم في احتفالات قبل الفجر. ورددوا هتافات تقول "أبطالنا عائدون.. يعيش الاسرى." ودعا عدد من الاسرى المفرج عنهم -الذين صعب التحدث معهم بسبب ازدحام الناس حولهم وسعيهم لاصطحابهم الى منازلهم التي لم تعد تلك المنازل التي خرجوا منها عند اعتقالهم- الى مواصلة العمل من اجل الافراج عن باقي الاسرى. وقال الاسير الفلسطيني المفرج عنه موسى قرعان الذي سجن عام 1992 بتهمة القتل انه يفكر في زملائه الذين تركهم خلفه في السجون الاسرائيلية وقال انه رغم انه مطلق السراح الا انه يشعر بالحزن لوجود سجناء آخرين داخل السجون وأعرب عن أمله في الافراج عنهم. وقال قرعان "تبقى الفرحة منقوصة دون الافراج عن باقي الاسرى." وذهب الخمسة الاخرون من الاسرى المفرج عنهم الى غزة حيث أعدت احتفالات مماثلة في الجانب الاخر من الحدود مع اسرائيل. وتعهد عباس في كلمة له في حفل استقبال الاسرى بعدم التوقيع على اتفاق سلام نهائي مع اسرائيل "وهناك أسير واحد خلف القضبان." واضاف عباس قائلا "نبارك ونحيي اخوتنا الابطال القادمين من وراء القضبان الى دنيا الحرية ... الان نتكلم عن 104 أسرى جميعهم باذن الله سيخرجون كما خرج اخوتنا هؤلاء.. لن تتم الفرحة الا باخراج الجميع من السجون." ويقول الفلسطينيون ان اسرائيل تحتجز في سجونها ما يقارب 5000 معتقل بينهم اطفال ونساء وشيوخ منهم من يقضي حكما بالسجن واخرون لم تتم محاكمتهم بعد. ورفض عباس ما صدر من تصريحات جاء فيها ان صفقة الافراج عن الاسرى كانت مقابل استمرار اسرائيل في التوسع الاستيطاني. وقال " قد توجه الينا انتقادات هنا وهناك... حرية اسير واحد اهم من التفاهات التي يطلقونها." وأصدرت الحكومة الفلسطينية بيانا قالت فيه ان الافراج عن هؤلاء الاسرى هو مقدمة لعفو كامل عن كل السجناء واقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة تكون القدسالشرقية عاصمة لها. وقالت ان الفلسطينيين سيرفضون اي محاولات من جانب اسرائيل للاتجار بالسجناء مقابل الاستمرار في البناء الاستيطاني. لكن صائب عريقات مبعوث عباس للسلام قال ان الفلسطينيين أرجأوا تقديم طلبات للانضمام الى مؤسسات الاممالمتحدة المتاحة أمامهم الان منذ ان اعترف المجتمع الدولي العام الماضي بفلسطين كدولة غير عضو في الاممالمتحدة. ومن بين هذه المؤسسات المحكمة الجنائية الدولية التي يمكن للفلسطينيين ان يقاضوا اسرائيل أمامها بسبب المستوطنات التي تعتبرها معظم قوى العالم غير مشروعة. وقال عريقات ان ثمنا باهظا دفع لكن الدولة التي تحترم نفسها تدخل حربا لاعادة هذه الرموز في اشارة الى الاسرى وقال ان بعضهم قضى 19 عاما في السجن بل 30 عاما. وأحدثت عملية الافراج عن السجناء الفلسطينيين صدعا في الحكومة اليمينية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وأيد حزب البيت اليهودي الذي ينتمي لاقصى اليمين وهو ضمن الائتلاف الحاكم دعوة اسرائيليين فقدوا اقارب لهم أو اصيبوا خلال هجمات فلسطينية بالغاء العفو. لكن المحكمة العليا الاسرائيلية رفضت مساء أمس الثلاثاء طعنا على قرار العفو. وقال حزب البيت اليهودي الذي يعارض اقامة دولة فلسطينية في بيان "إن إطلاق سراح الارهابيين مقابل حق تسيبي ليفني (كبيرة المفاوضين الإسرائيليين) المشكوك فيه في لقاء صائب عريقات (كبير المفاوضين الفلسطينيين) خطير للغاية." وحاول حزب البيت اليهودي بزعامة نافتالي بينيت تمرير اقتراح بتجميد اجراءات الافراج المقبلة من خلال لجنة وزارية وصوت حزب ليكود الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الاسرائيلي برفض الاقتراح يوم الأحد. وفي محاولة واضحة لارضاء حزب البيت اليهودي والمتشددين في ليكود قال مسؤولو الحكومة إن مشروعات بناء وحدات سكنية جديدة ستعلن قريبا في الكتل الاستيطانية بالضفة الغربيةالمحتلة التي تريد إسرائيل الاحتفاظ بها في إطار أي اتفاق سلام بالمستقبل.