تحت شعار «كلهم خالد سعيد» راح العديد من مصابي وضحايا عمليات التعذيب والعنف في أقسام الشرطة طوال الشهور الماضية، منذ بداية انتخاب أول رئيس مدني لمصر بعد الثورة، ورغم وعود الرئيس محمد مرسي أن تنتهي انتهاكات ما قبل الثورة في عهد جديد، إلا أن التعذيب وهذه الحالات مازالت مستمرة داخل الداخلية. «مهمة المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني رصد وتوثيق الانتهاكات وفضح الممارسات التي تقوم بها الداخلية في وسائل الإعلام»، بحسب ما أكده المحامي والخبير الحقوقي في مجال حقوق الإنسان، محمود عبد الفتاح، معلقًا على دور هذه المنظمات وتقاريرها الصادرة عن متابعة حالات الانتهاك داخل أقسام الشرطة.
وأكد استمرار هذه الحالات رغم التزام مصر محليًّا ودوليًّا بعدم ممارسة التعذيب من قبل الشرطة، من خلال توقيعها على اتفاقية مناهضة التعذيب الدولية لعام 84، وكذلك تضمين الدستور الحالي ما يمنع ممارسة هذه الانتهاكات.
وأصدر مركز "النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب"، تقارير وإحصائيات متعددة بشأن الحالات التي تم توثيقها قانونيًّا، منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي، كان أولها تقرير المائة يوم الأولى من الحكم.
وأكد تقرير مركز النديم للمائة يوم الأولى في عهد الرئيس محمد مرسي، أنه تم رصد أكثر من 30 حالة تعذيب "على ید الشرطة أو في داخل الأقسام"، بمختلف أنحاء الجمهورية، كما تم تعذیب وإهانة عدد كبیر من المحامین الذين توجھوا لإنقاذ زمیل لھم تمت إهانتھ وتعذیبھ أيضًا في قسم مدینة نصر، وأدى ذلك إلى إصابة ثماني محامین بإصابات بالغة كما نقل اثنین إلى العناية المركزة.
أما حالات القتل، بلغت 11 حالة إثر التعذیب في الأقسام، بحسب ما تم توثيقه ونشره من خلال المركز، وتحت تصنيف "اختطاف نشطاء وتعذيبهم"، ذكر النديم أنه تم اختطاف 11 شخصًا وتعذیبھم، وكان بعضھم في أماكن مجهولة، والبعض الآخر في الأمن الوطني.
ومن جانبه، قال محمود عبد الفتاح، الخبير الحقوقي، في حديثه ل(بوابة الشروق)، أنه تم عرض عدة مبادرات من المنظمات الحقوقية المختلفة على وزارة الداخلية لهيكلة الشرطة منذ تولي اللواء منصور العيسوي، ومن بعده اللواء محمد إبراهيم، ولكن لم يؤخذ بها.
وأضاف، أنه تم اختيار وتعيين اللواء محمد إبراهيم الحالي قبل ذكرى 25 يناير الماضية، خصيصًا، "حتى تكون الداخلية مخلب النظام في مواجهة القوى المدنية"
أما باقي التقارير التي صدرت عن مركز النديم، في الخمس شهور الماضية من عام 2013، قام المركز بعرض وتوثيق حالات التعذيب التي وقعت وتم تغطيتها إعلاميًّا أو من قبل المركز نفسه.
وأشارت تقارير النديم إلى أنه في يناير، تم توثيق 16 حالة تعذيب في عدد من أقسام الشرطة، كما تم رصد 3 حالات اختطاف وتعذيب: هم "كريم الشاعر، عبد الرحمن أحمد الشهير ببودي، كارم الشافعي عضو التيار الشعبي"، بالإضافة إلى 4 آخرين قتلوا إثر التعذيب من بينهم محمد الجندي، عضو التيار الشعبي.
كما قام المركز بعرض حالات الانتهاك التي وقعت في فبراير 2013، لكن لم يصدر بشأنها إحصائيات، مؤكدة أنه يرجع لكثرة حالات التعذيب التي وقعت خلال هذا الشهر، الذي شهد العديد من الاشتباكات بين الشرطة والمواطنين، حيث شهد رصد العشرات من حالات التعذيب في الأقسام والسجون، وأيضًا أمام الاتحادية، وكان أشهرها سحل المواطن "حمادة صابر" أمام الاتحادية.
وفي شهر مارس تم رصد 41 حالة تعذيب في أقسام الشرطة وأثناء المظاهرات، و18 شهيد آخرين، كما ذكر النديم أن شهر إبريل شهد الكثير من حالات الانتهاكات حيث وقعت 51 حالة تعذيب بين أقسام الشرطة ومواجهات مع الإخوان المسلمين وأثناء المظاهرات.
وأكدت تقارير "النديم" أن شهر مايو هو الأكثر في تسجيل وقائع التعذيب للمواطنين حيث تم توثيق - إعلاميًّا وقانونيًّا - 74 حالة تعذيب وسوء معاملة في أقسام الشرطة والسجون، كما وقعت 8 حالات وفاة خلال الشهر الماضي من قبل رصاص الشرطة.
وتعليقًا على استمرار حالات التعذيب، قال عصام الإسلامبولي، الفقيه القانوني والدستوري، ل(بوابة الشروق): إن استمرار التعذيب في أقسام الشرطة سببه أن الإخوان استبدلوا النظام السابق المستبد البوليسي بنظام جديد أضافوا إليه «الديني»، موضحًا أن النظام الحالي قام بأخونة الشرطة حتى أصبحت أداة في يد النظام، "فبالتالي سيستمر التعذيب؛ لأنه لا جديد والثورة لم تصل للحكم"، بحسب كلامه.
ورغم تأكيدات الداخلية عقب كل واقعة تعذيب، أن هذه الانتهاكات فردية وليست ممنهجة، يؤكد الخبير الحقوقي، محمود عبد الفتاح، أن "هذه الممارسات والانتهاكات منظومة ومنهج وليست عمل فردي".