مع اقتراب موعد زيارة الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد إلى لبنان، تصاعدت التحذيرات الأمريكية والإسرائيلية من الزيارة والمخاطر المترتبة عليها، بينما رأى خبير فى الشأن الإقليمى أن زيارة نجد للبنان تعد بمثابة إعلان عن مشروع «المشرق الجديد» ونهاية مشروع الشرق الأوسط الجديد. الولاياتالمتحدة جددت تحذيرها مما وصفته ب«مخاطر» قد تترتب على زيارة أحمدى نجاد إلى لبنان يومى الثالث عشر والرابع عشر من أكتوبر الجارى. وأعرب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولى أمس الأول عن قلقه مما اعتبره إساءة للسيادة اللبنانية تقوم بها إيران بالتعاون مع حزب الله اللبنانى. لكنه عبر فى ذات الوقت عن احترامه «التقديرات الحكومة اللبنانية» بخصوص الزيارة. وذكر أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون بحثت موضوع الزيارة خلال لقائها مؤخرا بالرئيس اللبنانى ميشال سليمان فى نيويورك على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان فريق 14 آذار (الأكثرية النيابية فى البرلمان اللبنانى) المدعوم من الغرب قال الأسبوع الماضى إنه ينظر بريبة إلى زيارة أحمدى نجاد إلى لبنان، وإلى ما اعتبره تحويلا لهذا البلد إلى «قاعدة إيرانية على المتوسط». بينما لم يعلن عن برنامج الزيارة رسميا ولم يحسم بعد إذا كان أحمدى نجاد سيزور الجنوب، تتوقع بعض المصادر اللبنانية أن يتفقد أحمدى نجاد مدينة بنت جبيل فى جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل، والتى تعرضت لأضرار بالغة خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله عام 2006. وذكرت مصادر أن الرئيس الإيرانى سيدشن فى الجنوب حديقة بوابة فاطمة، التى سيرشق من أرضها حجارة فى اتجاه فلسطينالمحتلة، التى توجد على حدودها القوات الإسرائيلية، فى خطوة رمزية تعكس العداوة لها وتؤكد سياسة إيران، القائمة على وجوب إزالة هذا البلد من الوجود. وأثارت الزيارة المحتملة إلى جنوب لبنان قلق الحكومة الإسرائيلية، حيث التقى المستشار الإسرائيلى للأمن القومى، عوزى أراد، الأسبوع الماضى فى باريس مع نظيره الفرنسى جان لافيت، وطلب منه نقل رسالة إلى الحكومة اللبنانية مفادها أن إسرائيل ترى فى زيارة أحمدى نجاد للقرى الحدودية خطوة استفزازية من الممكن أن تمس باستقرار المنطقة. كما تم نقل رسالة مماثلة عن طريق الولاياتالمتحدة. وكانت مصادر لبنانية قد ذكرت أن أحمدى نجاد قال للرئيس السورى بشار الأسد خلال زيارته الأخيرة إلى سوريا «إن الجنوب اللبنانى هو حدود إيران مع إسرائيل». فى تعليقه على هذه التطورات، قال الخبير اللبنانى أنيس النقاش وهو منسق شبكة أمان للدراسات الإستراتيجية فى بيروت إن زيارة أحمدى نجاد تبعث برسالة بأن المنطقة تحررت من النفوذ الأمريكى.. وأنه ليس أمام الولاياتالمتحدة سوى التفرج على ما يحدث. ورأى النقاش أن الزيارة المرتقبة تعد بمثابة إعلان انطلاق مشروع «المشرق الجديد» وانهيار مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذى أطلقته إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، وسقط بعد هزيمة إسرائيل فى حرب لبنان عام 2006. وأوضح ان المشروع الجديد يقوم على ثلاث دول وهى إيران وسوريا وتركيا، وهى الدول التى عملت ضد مشروع الهيمنة الأمريكى فى المنطقة، على حد رأيه. وأشار إلى الخبير اللبنانى إلى أن النفوذ الإيرانى والسورى فى المنطقة بات واضحا على حساب النفوذ الأمريكى، قائلا: «انظر اليوم.. الحكومة العراقية تم تشكيلها بتوافق سورى إيرانى وليس بأمر أمريكى ما يوضح كيف انحسر نفوذ واشنطن فى المنطقة». من جهته، رأى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات فى بيروت العميد المتقاعد هشام جابر أن طهران بات تملك أوراقا كثيرة فى المنطقة أهمها فى العراق ولبنان، وكلما صدر بحقها عقوبات اتجهت إلى الخارج لتوسيع نفوذها فى المنطقة. ومضى معتبرا أن طهران ودمشق وأنقرة أصبحوا لاعبى الصف الأول فى تلك المنطقة بتعاونهم المشترك، فيما انكفأت مصر والسعودية إلى الصف الثانى بسبب موالتهما للسياسات الأمريكية، على حد تعبيره. فى المقابل، ذهب تقرير ل«معهد هادسن نيويورك» الأمريكى للدرسات الاستراتيجية إلى أن زيارة أحمد نجاد تأتى فى إطار خطة تمكين حزب الله من الانقلاب فى لبنان، مضيفا أن هناك اتفاقا بين الجانبين على تسخين الأوضاع لتحقيق هذا الغرض.