على صفحات مجلة الثقافة الجديدة العدد 260 .. لم يزل كاتبنا الكبير فؤاد حجازى يواصل دوره العظيم فى دفع مسيرة المبدعين فى سلسلته البديعة (أدب الجماهير). من هؤلاء المبدعين الذين طفوا بقوة رغم الأمواج والأنواء نابذين الزبد ليذهب جفاء القاصة المتميزة إيناس عتمان بمجموعتها (جدران ومرايا) المنشورة عامنا هذا 2012 سبع عشرة دراما....فى مشاهد صارخة تلطمنا بعنف لنفيق من سباتنا العميق......... اصطفت الكاتبة رموز الرعب.. رموزا تبث الكراهية والنفور فى النفوس.. تقضُّ المضاجع.. تجعلنا نلهث.. نبادر الى الفرار... لكن إلى أين والجدران تصدنا والمرايا تواجهنا بان الوحوش ممثلة فى خيال المآتة، الفرعون، الإله الباطش آمون، المجذوبة، العرافه المنذرة داخلنا تصافح أنظارنا فى المرايا....! يقول أديبنا العالمى نجيب محفوظ؟ "الأسلوب هو الشخصية" راجع حواره مع محمد كشك عدد 255الثقافة الجديدة 2011 هذه المقولة تنطبق إلى حد كبير على إيناس عتمان فى مجموعتها المكونة من سبع عشرة لوحة نابضة بالحياة والشقاوة والتلغيز... تنطلق الكاتبة من باب امامى ...تجابه بالجدران والمرايا... تواجه شخصيات من صنع الخيال: تراثية ومعاصرة، فى رؤية ضبابية ( نسيجها تراثنا الشعبى، معتقداتنا الوهمية المنقولة بين الأجيال ..، الشخصيات ذات تواجد وفاعلية ...فرعون، خيال المآتة، الإله آمون، المجذوبة، العرافة... تتداخل الأزمنة بين ماض ومستقبل ، بعبارات رشيقة ، وألفاظ منتقاه ، ترقيص بين الفصحى والعامية.... تنصهر الذات مع الغير... جدار ينهار، مرآة نرى أنفسنا فيها فى الآخرين ... فى تشويق بلا حدود فى الغالب الراوى ، راوى القصص ، يلهث فى طريق طويل (صارعت بقدمى تعب المسير وانطلقت ( قصة ترحاب)... يمر الراوى بابا ويدخل بيت مظلما.. كاد يصطدم بجدار ينار المكان بعود ثقاب.. فإذا بمرآه.. نظر فيها.... ماذا رأى....؟ هذا ما يدور فى كل القصص...! تستعرض الكاتبة رموز الشر عبر التاريخ... هاهى تواجه فرعون، آمون، العرافة، المجذوبة، خيال المآته رموز السلطة والتسلط... يصارعون الراوى (ذكرا أو انثى)... هلم نتابع ما حدث فى قصة خيال المآته.... الراوى الصغير يذهب مع والده المزارع إلى الأرض فإذا هى ( قد تحولت إلى كتله نار ، ... وخيال المآته فى المنتصف لم يمسه سوء .. سعيد بما جرى ..حاول الأب أن يخلعه من الأرض بالفأس .. لكن الخيال يمسك هراوه حديدية ويرتدى قبعة سوداء ..انكسر الفأس .. قال الأب : هنرجع بكره .. فى اليوم التالى ارتدى الخيال عباءة وعمامة .. بعدها راح يبدل ثيابه وأداة معركته .. فى النهاية يطلق الصغير لساقيه الريح .. يدخل حجرته وينظر فى المرآة فإذا بخيال المآتة تطالعه صورته فى المرآة ...! هل يسبقنا الظل ، ونصير نحن ظلا للظل ...؟ يحاول الراوى الخلاص من ظله ...هيهات ....! ( جدت قدمى بالسير وقبل أن أصل طرحنى أرضا هرولت بعيدا عنه حينئذ نظرت الى الأرض ف..وجدته ظلى ...! خفت ، صرخت : متى أتخلص منك ؟! أجابني : لن يحدث ! ( الظل 59) هل نقدر على الفرار من قدرنا ممثلا فى الفرعون الباطش وآمون الدموى ، والعرافة التى تملأ طريقنا بالأشواك ، والمجذوبة التى هى فى النهاية بضعة منا ؟ هى مشاهد صادمة ..لكنها فى الوقت ذاته رسالة تحذير لنفيق من غفلتنا .. ونبحث عن طريق الخلاص من أوهامنا وتصوراتنا التى أصبحت لنا أغلالا وأصفادا ...! لا بد من الإشارة الى ماحفل به أسلوب الكاتبة من عبارات متميزة تثير إعجابنا ...! تتحرك الكاتبة وسط زخم من التعابير ذات الطرافة ...من ذلك على سبيل المثال : كطفل يرتدى قلبه فزعا (عملتى 23 ) سأغتسل بماء الحكاية ( تشتعل بالنور 28) صادف فتاة على الطريق تمتطى معه دابة الفقر اللعينة ( لا خوف بعد ألان 34) اعتلى بكعب حذائه هامات قلوب أتباعه ( الفرعون 39) فى النهاية أسوق للكاتبة ملحوظة تحذيرية ...! لا يجوز الإضافة أو الحذف فى حالة التناص مع القرآن الكريم ....! ولننظر إلى التناص ص41 ، قصة الفرعون ! ( انه علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف قلوب طائفة منهم ) ... فهل يجوز تعديل قوله تعالى سورة القصص آية 4 ( إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحى نساءهم ) ؟