"من الإصابات الأكثر تعقيدًا".. ريليفو: عودة ألابا تتأجل حتى يناير 2025    علوم حلوان الأهلية تختتم أسبوعها التعريفي للطلاب الجدد    حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية علوم ذوي الاحتياجات الخاصة جامعة بني سويف    سعر الذهب اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024 منتصف التعاملات والعالمي على آخر تراجع    يواجه نقص سلاسل الإمداد.. الحكومة توضح ماذا يعني الدخول في مرحلة اقتصاد حرب؟    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين»    27 قتيلًا في صفوف قوات الاحتلال منذ بداية أكتوبر الجاري    مصر ترد على اتهامات قائد مليشيا الدعم السريع ببيان قوي    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة مفخخة أطلقت من غزة نحو إسرائيل    عطيه: الاستفادة من كوادر جامعة بنها العلمية لتطوير المناطق الصناعية    الزمالك يرد عبر «المصري اليوم» على قرار «فيفا» بشأن بوبيندزا    لحاملى ال«Fan ID».. «مصيلحى» يخصص حافلات مجانية لنقل جماهير الاسكندرية لمؤازرة فريقها فى البطولة العربية للسلة ببرج العرب    إعلامي يكشف عن النادي الجديد للقندوسي بعد قرار الأهلي ببيعه    تجديد حبس أنس البلتاجي وآخرين بنشر أخبار كاذبة    ضبط عنصرين إجراميين في أسيوط بتهمة الاتجار بالأسلحة النارية والذخائر    «الداخلية»: تحرير 698 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1457 رخصة لعدم وجود «الملصق الإلكتروني»    ضبط 18 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    بيومي فؤاد يفاجأ بإيرادات «بنسيون دلال»..كم حقق الفيلم في أول أيام عرضه؟    برنامج «صباح الخير يا مصر» يحتفي بذكرى ميلاد محمد منير.. أعمال متفردة لا شبيه لها    "الثقافة" تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بقصر روض الفرج    10 علامات تدل على اصابتك بالاكتئاب في اليوم العالمي للصحة النفسية (تعرف عليهم)    محافظ المنيا: إجراء 1274 عملية جراحية مجانية منذ انطلاق مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب سيارة سوزوكي بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    برنامج تدريبي بجامعة القناة حول القيادة الاستباقية وتحليل البيانات للهيئات بالإسماعيلية    المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: موقف إيران من تصنيع السلاح النووي ثابت ولم يتغير    الأرصاد: طقس حار نهارًا على أغلب الأنحاء والقاهرة تسجل 32 درجة    المديريات التعليمية توجه المدارس بتصحيح تقييمات الطلاب الأسبوعية    تشكيل منتخب بلجيكا المتوقع ضد إيطاليا في دوري الأمم الأوروبية    عام على العدوان| إسرائيل على صفيح ساخن    السبت.. انطلاق الموجة 24 من إزالة التعديات على الأرض الزراعية وأملاك الدولة    سر تصدر نور الشريف التريند.. تفاصيل    شائعة انفصال نانسي عجرم تثير ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين الفلسطينيين    نائب وزير الإسكان يلتقي ممثلي إحدى الشركات العالمية المتخصصة في تنفيذ وإدارة المرافق    حرب لبنان تشتعل.. قصف بلا هوادة على الضاحية ومجزرة فى البقاع وعدد النازحين يتجاوز ال600 ألف    رئيس هيئة الرعاية الصحية: الانتهاء من إعداد أكثر من 450 بروتوكولًا    محافظ المنوفية: قافلة طبية مجانية على مدار يومين بقرية المصيلحة بشبين الكوم    8 أسباب لدخولك مرحلة ما قبل السكري- دليلك للوقاية    خالد أبو بكر ل رئيس الزمالك: «لو باليفط كنا حطينا على الدولار يافطة ونقول إنه ب3 جنيه»    نائب وزير التعليم يكشف تفاصيل مسابقات تعيين معلمي الحصص في المدارس    السماحة في البيع والشراء موضوع خطبة الجمعة القادمة    ارتفاع عدد ضحايا حادث طريق مرسى علم إدفو إلى 6 وفيات و4 مصابين    أسعار الحديد اليوم الخميس 10 أكتوبر    «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تواصل القصف العنيف على قطاع غزة    سياسيون: الحوار الوطني مناخ صحي ديمقراطي تشهده مصر تحت رعاية الرئيس السيسي    جدول مباريات اليوم.. يد الزمالك في إفريقيا.. دوري السيدات.. ومجموعة مصر    لإسكات الأصوات.. جيش الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين الفلسطينيين    مدحت صالح نجم افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال32    أسعار البيض اليوم الخميس 10-10-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    استقرار أسعار الذهب في مصر اليوم 10 أكتوبر 2024    مشاركة إيجاريا.. الزمالك يخوض أولى ودياته استعدادا للسوبر    حكم الالتفات في الصلاة.. الإفتاء توضح    ذكرى نصر أكتوبر| «الشهيد الحي»: فقدت قدماي وذراعي وطلبت الرجوع للجبهة    بسبب «النسيان أو النوم».. حكم قضاء الصلاة الفائتة    بعضهم كرماء وطيبون.. تعرف على أكثر 3 أبراج عنفًا    الدعاء يوم الجمعة: باب للرحمة ووسيلة للتواصل مع الله    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    هانئ مباشر يكتب: أبطال في سماء العلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الجائحة الفكرية» تنافس مختبرات كورونا!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 03 - 05 - 2020

يعيش العالم جائحة فكرية؛ نتيجة الانحسار القديم لفلاسفة العصر الذين تناطحوا بالتزامن مع الجائحة الصحية العالمية مع انتشار عدوى كورونا «COVID-19».

ويرى وزير الخارجية الأسبق هنرى كيسنجر معضلة العالم ليس موت المرضى، بقدر أن الفيروس سيغيّر النظام العالمى للأبد!

نعوم تشومسكى وجاك اتالى وسام منسى، ولورى كينغ أستاذة الإنثربيولوجيا فى جامعة جورج تاون أبرز كُتّاب الخيال العلمى، كاتبة فى الفلسفة وعلم الاجتماع، التقت مع رجل المعلوماتية اللبنانى الآسيوى د.سام منسى الذى يرى العالم من منظور سبرانى يتجه بين الجهات الأربع، فيما ينهض عالم الاجتماع الفلسفى الفرنسى جاك اتالى رافضًا العصر الأمريكى ورسمالية فيروس كورونا وأثر ذلك على الشعوب.

وبفكر متغيّر، يرى نعوم تشومسكى أن فيروس كورونا نال من العالم بالمفاجأة مئات الآلاف أصيبوا بالعدوى وقائمة القتلى تطول بمتوالية هندسية، والاقتصادات الرأسمالية وصلت إلى توقف تام، حيث أصبح حلول ركود عالمى، الآن، حتميًا من الناحية العملية.

ويرى بعنف الفكر الفوقى أن قدوم الوباء كان متوقعًا قبل وقت طويل من ظهوره والغريب أن تشومسكى يقول: الإجراءات اللازمة (للتحضير) لمثل هذه الأزمة عطلتها الضرورات القاسية لنظام اقتصادى ينظر من زاوية «لا ربح فى منع وقوع كارثة مستقبلية».

وحذر العلماء منذ سنوات مضت من قدوم جائحة، وبشكل أكثر إلحاحًا منذ وباء «سارس» فى 2003، الناجم أيضًا عن فيروس كورونا، الذى تم تطوير لقاحات له، لكنها لم تتقدم أبعد من المستوى ما قبل السريرى، كان ذلك هو الوقت المناسب للبدء فى وضع أنظمة للاستجابة السريعة استعدادًا لتفشى مرض، ولتخصيص الطاقة الاحتياطية التى ستلزم، كان من الممكن أيضًا اتخاذ مبادرات لتطوير دفاعات وأنماط علاجية لظهور محتمل لفيروس ذى صلة، متابعها بغرابة فلسفية كأنها خيال علمى، لكن الفهم العلمى ليس كافيًا، يجب أن يكون هناك أحد ما يلتقط الكرة ويركض بها، لكنّ هذا الخيار حظرته أمراض النظام الاجتماعى - الاقتصادى المعاصر.

كانت إشارات السوق واضحة، ليس هناك أى ربح فى منع وقوع كارثة فى المستقبل، كان يمكن أن تتدخل الحكومة، لكن هذا أيضًا تمنعه العقيدة السائدة: “الحكومة هى المشكلة”، قال لنا ريغان بابتسامته المشرقة، ما يعنى أنه يجب تسليم عملية صنع القرار بالكامل إلى عالم الأعمال المتحرر من أى نفوذ لأولئك الذين ربما يكونون مهتمين بالصالح العام.

جاك أتالى، فيلسوف فرنسى معروف بسياساته المنفعة ضد تنبيهات المؤامرة والخوف، وهو كان من أهم مَن تولى منصب المستشار السياسى للرئيس الفرنسى الرّاحل فرانسوا ميتران.

فى مدونته كتب حول تداعيات فيروس كورونا المستجدّ، تنبّأ فيه بحدوث تغييرات عميقة سيشهدها العالم بأسره، تغييرات ستطالُ بنى العولمة التقليدية وتعيدُ تشكيل ثوابت المجتمعات الاستهلاكية الكبرى، وفى هذا المقال الذى عنونهُ ب «ما الذى سيولدُ منه؟»، تحدّث عالم الاجتماع الفرنسى عن ولادة «سلطة شرعيّة جديدة» غير مؤسسة على الإيمان أو القوة أو العقل، وإنّما على «التعاطف» فى وقت الأزمة.

هنا يقف فى منتصف المسافة بين رؤية تشومسكى، أو كيسنجر أو حتى سام منسى وفنتازيا لورى كينغ حول الكورونا وأمريكيا.

اليوم، يقول اتالى: ليس ثمّة ما هو أكثرُ استعجالًا من السيطرة على أمواج التسونامى الصحيّة والاقتصادية التى تضربُ العالم، لكن لا شيء يضمنُ نجاحنا فى ذلك، وفى صورة فشلنا فى السيطرة عليها، فسنواجهُ، حينئذٍ، سنوات قادمة مظلمة للغاية بالمقابل، وقوعُ الكارثة يظلُّ غير مؤكد، ولكى نتمكنّ من الحيلولة دون وقوعها، علينا أن ننظرَ بعيدًا، أمامنا وخلفنا، لكى نفهم ما يحدثُ فى العالم بالضبط.

فعلى مدى الألف سنة الماضية، أدّى كل وباء كبير إلى تغييرات جوهريّة داخل أنظمة الأمم السياسيّة، وداخل الثقافات التى تبنى عليها تلك الأنظمة ولو اعتمدنا الطاعونُ الكبير الذى عرفته أوروبا فى القرن الرابع عشر وأودى بثلث سكانها، كمثال على ذلك، فسيكونُ بوسعنا القول، دون أن نسقط فى فخّ تجاوز ما فى التاريخ من تعقيد، إنّهُ ساهم فى قيام القارة القديمة بمراجعة جذريّة لمكانة رجال الدين السياسية، ومن ثمّة أدّى إلى نشوء أجهزة الشرطة، باعتبارها الشكل الوحيد الفعّال لحماية أرواح النّاس، وهو ما أدّى إلى ولادة الدولة الحديثة، ومعها روح البحث العلمى، كنتائج مباشرة، أو كموجات صادمة، لتلك المأساة الصحيّة الكبرى.

هذه الولادةُ تعيدنا فى الواقع إلى المصدر نفسه: مراجعة سلطة الكنيسة الدينية والسياسية، بعد ثبوت عجزها عن إنقاذ أرواح الناس أو حتّى إعطائها معنى للموت. ومن ثمّة حلّ الشرطيّ مكان الكاهن، والأمرُ نفسهُ حصل مع نهاية القرن الثامن عشر، إذ حلّ الطبيبُ محلّ الشرطيّ، لأنّهُ عدّ أفضل وسيلة لمواجهة الموت.

وهكذا انتقلنا، خلال بضعة قرونٍ، من سلطة قائمة على الإيمان، إلى سلطةٍ قائمة على احترام القوّة، قبل أن نصل إلى سلطة أكثر فاعليّة، تقومُ على احترام القانون.

لعلاقتها بالخيال العلمى والإنثربيولوجيا، والسرديات المختلفة لمفهوم العالم عبر السياسة والسلطة، تقف لورى كينغ، وجها لوجه ضد فهم كل من كيسنجر وتشومسكى، تريكينغ:

من منظور غير بشرى وخالٍ من القيم لفيروس كورونا، فإن أجسادنا ليست سوى وسائل ملائمة لتكاثره وتوسعه وحيويته. وينطبق الشيء نفسه على السوق، التى تطالب الأجسام البشرية بمراكمة الثروة أجساد العمال أكثر ضرورة للحفاظ على السوق من أجساد أولئك الذين يشرفون عليها ويستفيدون منها، بالطبع.

بينما يخشى الأمريكيون من «COVID-19»، واتخذوا إجراءات غير مسبوقة لوقف قدرته على استهلاكنا، فقد كرمنا السوق بشكل أعمى.

كينغ تكشف للعالم، ما حدث - كأنه خيال علمى: رفض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون توسيع إعانات البطالة للعمال الأمريكيين الذين يعانون، وهم غير راضين عن إرسال شيكات باهظة بقيمة 1200 دولار لمرة واحدة إلى الأمريكيين العاديين الذين ليس لديهم مدخرات أو وظائف.

كما يتجلى انهيار المؤسسات العامة فى الروابط المقطوعة بين الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات، يظهر حكام العديد من الولايات على شاشة التليفزيون يوميًا يطلبون من الحكومة الفدرالية التمويل والمعدات الأساسية للمستشفيات والعاملين فى مجال الرعاية الصحية. تمزق تكامل الحكم بين المستوى الفدرالى والولايات، مما أدى إلى تحريض حاكم ضد حاكم فى منافسة شرسة على أجهزة التنفس النادرة ومعدات الحماية.

ويواجه فيلسوف المعلوماتية، الذى وفق بين أسرار فلسفة الوثيقة العالمية، ومصير الإنسان، فينجح فى تحديد ما انتهى إليه العالم فى جائحة كورونا، يلجأ إلى العلم والعولمة الرشيدة، ليستفتى مآلات حددها قائلًا: يجتاح العالم سيلٌ من التحليلات والتوقعات لما بعد مرحلة «كورونا» وما ستحمله من تداعيات على أكثر من صعيد، حتى طغت فى أحيان كثيرة على ما يعد اليوم الأكثر أهمية، وهو رصد الجهود التى تُبذل علميًا وطبيًا للقضاء على المرض والتركيز على واجب تعزيز التعاون الدولى لتشكيل سياج حماية مستقبلى يقى البشرية شرور الأوبئة والكوارث.

يغيب سام منسى عن مكابدات الفلاسفة، إذ يجنح قائلًا: يصعب تكوين رؤية واضحة لما بعد هذه الأزمة، لكن ما ندركه هو أن الحاجة ليست بالضرورة إلى المزيد من العولمة ولا إلى نقصان فيها، بل إن عين الحكمة تستدعى أولًا توحيد الجهود للقضاء على هذا الوباء، وثانيًا النظر فى أولويات العولمة، خاصة أولويات الآلة الصناعية الإنتاجية وأولويات الضرورات والاحتياجات الإنسانية فى مجتمعات ما بعد هذه الجائحة بالنسبة إلى الأمن الصحى للإنسان، لكننا لسنا أمام نهاية العالم المترابط ولا يجوز المبالغة فى السيناريوات الكارثية والإغراق فى السوداوية.

ويعيد كوفيد19 للفلسفة منطق قريب يدخلنا فى صراع الشرق والغرب فى طريقة التعامل والتخطيط لما بعد انتهاء الجائحة، وإن كانت باتفاق لورى كينغ ومنسى وتشومسكى، والأوروبى الفرنسى جاك اتالى يحتاج عالمنا الخلاص من فكر السياسات التقليدية التى تقود العالم الأول كالولايات المتحدة والصين والمبانى وبالطبع روسيا، فهنا بالنتيجة جائحة كورونا منحت الفلسفة التخطيط لما بعد الأزمات محليا وقوميًا وعالميًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.