"من الإصابات الأكثر تعقيدًا".. ريليفو: عودة ألابا تتأجل حتى يناير 2025    علوم حلوان الأهلية تختتم أسبوعها التعريفي للطلاب الجدد    حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية علوم ذوي الاحتياجات الخاصة جامعة بني سويف    سعر الذهب اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024 منتصف التعاملات والعالمي على آخر تراجع    يواجه نقص سلاسل الإمداد.. الحكومة توضح ماذا يعني الدخول في مرحلة اقتصاد حرب؟    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات المبادرة الرئاسية «سكن لكل المصريين»    27 قتيلًا في صفوف قوات الاحتلال منذ بداية أكتوبر الجاري    مصر ترد على اتهامات قائد مليشيا الدعم السريع ببيان قوي    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة مفخخة أطلقت من غزة نحو إسرائيل    عطيه: الاستفادة من كوادر جامعة بنها العلمية لتطوير المناطق الصناعية    الزمالك يرد عبر «المصري اليوم» على قرار «فيفا» بشأن بوبيندزا    لحاملى ال«Fan ID».. «مصيلحى» يخصص حافلات مجانية لنقل جماهير الاسكندرية لمؤازرة فريقها فى البطولة العربية للسلة ببرج العرب    إعلامي يكشف عن النادي الجديد للقندوسي بعد قرار الأهلي ببيعه    تجديد حبس أنس البلتاجي وآخرين بنشر أخبار كاذبة    ضبط عنصرين إجراميين في أسيوط بتهمة الاتجار بالأسلحة النارية والذخائر    «الداخلية»: تحرير 698 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1457 رخصة لعدم وجود «الملصق الإلكتروني»    ضبط 18 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    بيومي فؤاد يفاجأ بإيرادات «بنسيون دلال»..كم حقق الفيلم في أول أيام عرضه؟    برنامج «صباح الخير يا مصر» يحتفي بذكرى ميلاد محمد منير.. أعمال متفردة لا شبيه لها    "الثقافة" تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بقصر روض الفرج    10 علامات تدل على اصابتك بالاكتئاب في اليوم العالمي للصحة النفسية (تعرف عليهم)    محافظ المنيا: إجراء 1274 عملية جراحية مجانية منذ انطلاق مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب سيارة سوزوكي بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    برنامج تدريبي بجامعة القناة حول القيادة الاستباقية وتحليل البيانات للهيئات بالإسماعيلية    المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: موقف إيران من تصنيع السلاح النووي ثابت ولم يتغير    الأرصاد: طقس حار نهارًا على أغلب الأنحاء والقاهرة تسجل 32 درجة    المديريات التعليمية توجه المدارس بتصحيح تقييمات الطلاب الأسبوعية    تشكيل منتخب بلجيكا المتوقع ضد إيطاليا في دوري الأمم الأوروبية    عام على العدوان| إسرائيل على صفيح ساخن    السبت.. انطلاق الموجة 24 من إزالة التعديات على الأرض الزراعية وأملاك الدولة    سر تصدر نور الشريف التريند.. تفاصيل    شائعة انفصال نانسي عجرم تثير ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين الفلسطينيين    نائب وزير الإسكان يلتقي ممثلي إحدى الشركات العالمية المتخصصة في تنفيذ وإدارة المرافق    حرب لبنان تشتعل.. قصف بلا هوادة على الضاحية ومجزرة فى البقاع وعدد النازحين يتجاوز ال600 ألف    رئيس هيئة الرعاية الصحية: الانتهاء من إعداد أكثر من 450 بروتوكولًا    محافظ المنوفية: قافلة طبية مجانية على مدار يومين بقرية المصيلحة بشبين الكوم    8 أسباب لدخولك مرحلة ما قبل السكري- دليلك للوقاية    خالد أبو بكر ل رئيس الزمالك: «لو باليفط كنا حطينا على الدولار يافطة ونقول إنه ب3 جنيه»    نائب وزير التعليم يكشف تفاصيل مسابقات تعيين معلمي الحصص في المدارس    السماحة في البيع والشراء موضوع خطبة الجمعة القادمة    ارتفاع عدد ضحايا حادث طريق مرسى علم إدفو إلى 6 وفيات و4 مصابين    أسعار الحديد اليوم الخميس 10 أكتوبر    «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تواصل القصف العنيف على قطاع غزة    سياسيون: الحوار الوطني مناخ صحي ديمقراطي تشهده مصر تحت رعاية الرئيس السيسي    جدول مباريات اليوم.. يد الزمالك في إفريقيا.. دوري السيدات.. ومجموعة مصر    لإسكات الأصوات.. جيش الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين الفلسطينيين    مدحت صالح نجم افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال32    أسعار البيض اليوم الخميس 10-10-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    استقرار أسعار الذهب في مصر اليوم 10 أكتوبر 2024    مشاركة إيجاريا.. الزمالك يخوض أولى ودياته استعدادا للسوبر    حكم الالتفات في الصلاة.. الإفتاء توضح    ذكرى نصر أكتوبر| «الشهيد الحي»: فقدت قدماي وذراعي وطلبت الرجوع للجبهة    بسبب «النسيان أو النوم».. حكم قضاء الصلاة الفائتة    بعضهم كرماء وطيبون.. تعرف على أكثر 3 أبراج عنفًا    الدعاء يوم الجمعة: باب للرحمة ووسيلة للتواصل مع الله    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    هانئ مباشر يكتب: أبطال في سماء العلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتدادات البنك الدولى فى زمن «كوفيد- 19»!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 22 - 03 - 2020

قال لى صديقى السياسى الكبير الذى يقيم فى باريس إنه يثمن ما أطلق عليه «يقظة عالية» وعالية جدا للداخلية -يقصد الوزارة- والمجتمع المدنى أمام مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد.

وكنت قلت له أسأل عن ما يحدث فى العالم من تحولات كبرى على صعيد السياسة والحروب والفتن، عدا عن الإرهاب والتطرف وسباق خنازير العالم الرقمى نحو الحروب السبرانية ضد مقدرات الشعوب وحقوقها.

ضحك وحدثنى عن تفشى الكورونا!!

عودة الزمن الموحش


بحسب منظمة الصحة العالمية، المرض يتحول بشكل يومى، ما يجعلنا نتدعثر محليا وعربيا وعالميا- بجائحة فيروس كورونا - ونتسارع إلى تنظيم أفكارنا وخططنا ونجتهد نحو إدارة جادة لأزمة أكثر من صحية بل مصيرية تعنى قدرتنا على البقاء واستشراف المستقبل؟.

هى قطعا، أزمة تتالى عوارضها؛ فرضت علينا ونتشارك بمآلاتها مع كل الدنيا (...) كأننا أمام توحش إرهابى علينا مقاومته والقضاء عليه عبر الريموت كنترول، وأحيانا فى الشارع، وأخيرًا عبر النوم والحصار فى البيوت.

لعل جيلنا سياسيا واجتماعيا وتربويا يعود بما لديه من ذخيرة فكرية إلى «الزمن الموحش» تلك الرواية المهمة التى قدمت بواكير الرؤى المستقبلية للكاتب السورى حيدر حيدر، وفيها قدم مجتمعات تنفلت عبر الجوع والمرض والخوف، والشخصيات الداعية إلى تبنى العلمانية ورفض الماضى وقراءة الحاضر فى ضوء المستقبل لا غير، والرواية نشرت سنة 1973 عن دار العودة ببيروت.

السيطرة على أجساد البشر


ما بين الخوف من الحروب والصراعات الدولية والجيوسياسية التى أتعبت الشرق الأوسط، وجعلت دول المنطقة تعيش من - صيف2019-شتاء2020-حالات من الترقب نتيجة الصراعات الدولية التى تخنق المنطقة سواء فى سوريا أو العراق أو لبنان أو ليبيا أو الجزائر والسودان، وتنامى حدة الصراعات المعلنة بين الولايات المتحدة الأمريكية وملالى إيران وأقطاب الحروب بالوكالة أمثال عثمانللى تركيا إردوغان، ووصولا إلى شبح التهديدات بالموارد الطبيعية والمياه والعمالة عبر العالم، إلى أن جاءت قوة فيروس كورونا المستجد (...) وخلق نظريات للحلول الطبية الوقائية عن طريق «حصار» البشر فتسارعت دول العالم إلى تجربة منع التجول وترك ساحة المعركة مع كورونا إلى الجيوش والقوى الأمنية والكوادر الصحية، فى محاولة للخلاص من شبح المرض فالموت أو التشوهات الاجتماعية وانهيار النظم الصحية.

..والغريب أن وثائق البشرية ترنو إلى الحريات رغم شبح الموت والعزل والحصار الطبى الصحي- وهو مطلب لحصر الانتشار الغريب للفيروس؛ وأنه: لا بدّ من الخروج رغم منع التجول (...) فكما يقول أستاذ علم الاجتماع فى جامعة السوربون ل«روزاليوسف» د.ناجى خطيب عن حالة حصار الناس فى جائحة كورونا فى باريس:

«الآن، تحاول الحكومة الليبرالية بتطرف السيطرة على أجساد المواطنين الذين يعانون من سياستها الاقتصادية والتى تدمر الصحة والقطاع الصحى أكثر من فيروس كورونا»، لافتا: «مع Corona، باريس أكثر جمالا وخالية من التلوث».

المَسخ..وأكثر


..مصائر البشرية تعلقت بصلب مستقبلهم عبر الظهور الرئيس للفيروس فى ووهان الصينية وما جرى إلى الآن، يرى الأمر أستاذ الكتابة والنقد فى جامعة الشارقة د.نزار قبيلات: «المسخ، مَسخ -كورونا المستجد - الشّعورَ الفرديّ والطّبقى عِند الإنسان فى هذا العالم، وأحالت العَولمة الجديدة العالمَ المترامى القارات والأمم إلى «حوش صغير» نجلس فيه جميعا !».

ويؤكد: «ها نحن نتمنى أن تخرج نتائجُ فحص - رئيس أعظم دولة عسكرية واقتصادية- ترامب من المرض سلبية، لقد حطّم هذا الفيروس ومنذ أسبوعين تقريبًا شعاراتٍ وأحلام الدّول العُظمى وحوّل العالمَ كلَّ العالم لينظرَ وبلحظة صَمت جامعة صَوب بقعةٍ خطيرة تَتمددُ فى سقفِ السّماء التى تجمعنا».

.. وعن نهايات التصور الحالى لزمن الفيروس: «إن المتخيل فى أذهان كل البشر اليوم واحدٌ، والألم واحد، والضمير واحد، هو ذاته ذلك الطاعون الجديد واحد».

البنك الدوى : تأثيرات محتملة


يقول البنك الدولى: ظهر فيروس كورونا المستجد لأول مرة فى الصين فى أواخر عام 2019، ويمكنه أن يتسبب فى اضطراب اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال: - أولا: بشكل مباشر من خلال انتقال العدوى.

- ثانيا: بشكل غير مباشر من خلال التأثير على أسعار النفط وسلاسل القيمة وحركة السياحة. ويرصد «رباح أرزقى» - كبير الاقتصاديين فى البنك الدولى و«ها نغوين - كبير المحللين الاستراتيجيين فى البنك» إن قناتى العدوى وأسعار النفط هما الأكثر تأثيرًا، وقد انتشر الفيروس حتى وصل إلى إيران وبلدان أخرى فى المنطقة، وهوت أسعار النفط 20 دولارا فى البرميل منذ اكتشافه.

..ويحدد البنك الدولى مؤشرات الجائحة بقوله: فى 31 ديسمبر2019، تلقت منظمة الصحة العالمية أول تحذير بشأن فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) من السلطات الصينية. وقد تتسبب الإصابة بهذا الفيروس الجديد فى ظهور أعراض تشبه الإنفلونزا، ولكنها أشد حدة، واحتمال أن تؤدى إلى الوفاة أكبر من فيروسات كورونا المعروفة الأخرى.

واتسعت رقعة انتشار الفيروس حتى وصل إلى 95 بلدا وإقليما وبلغ عدد حالات الإصابة به أكثر من 100 ألف والوفيات قرابة 3500 حتى 6 مارس2020. ومن الممكن أن يتسبب فيروس كورونا فى اضطراب حاد فى الأنشطة الاقتصادية العالمية. وما قد «يؤثِّر» هذا الفيروس من خلالها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فمن الممكن - تقول الدراسة - أن ينقل المسافرون من الصين وكوريا وإيطاليا وبلدان متضررة أخرى عدوى الإصابة بفيروس كورونا إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد وصل الفيروس بالفعل إلى إيران وبلدان أخرى فى المنطقة. وحتى 6 مارس، أفادت إيران بوقوع أكثر من 4500 حالة إصابة بالفيروس وما لا يقل عن 43 حالة وفاة. ومن المحتمل أن تؤدى الزيادة السريعة لحالات الإصابة هناك إلى اضطراب الإنتاج والتجارة فى هذا البلد. ومع انتشار الفيروس فى إيران، أغلقت السلطات المدارس، وألغت الفعاليات والمناسبات الفنية والسينمائية، وأغلقت بلدان مجاورة حدودها البرية مع إيران.

وقد أعلنت بلدان أخرى فى المنطقة أيضا عن اكتشاف حالات إصابة بالفيروس. وحتى 6 مارس، أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن 28 حالة إصابة بالفيروس، والعراق عن 40 حالة، والبحرين عن 60 حالة، وأعلنت الكويت عن 58 إصابة بالفيروس. كما أعلنت مصر ولبنان وقطر عن اكتشاف أول حالات إصابة بالفيروس لديها.

وتتوقف القدرة على احتواء الفيروس على قوة أنظمة الصحة العامة فى بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتُصنِّف منظمة الصحة العالمية معظم بلدان المنطقة فى مراكز مرتفعة نسبيا بين النظم الصحية فى 191 بلدا فى العالم، مع استثناءات قليلة مثل اليمن الذى يحل فى المركز 120 وجيبوتى فى المركز 157.

أن بعض بلدان المنطقة قد تواجه صعوبات فى مكافحة انتشار الفيروس، كما أن الحروب فى سوريا واليمن ستعوق سلامة أداء النظم الصحية لوظائفها فى البلدين. ووفقا لما ذكره الدكتور عبدالناصر أبوبكر من المكتب الإقليمى لمنطقة شرق البحر المتوسط فى منظمة الصحة العالمية، فإن الحظر الأمريكى قد يضر بقدرة إيران على شراء التكنولوجيا اللازمة لإنتاج التجهيزات والأدوية الأساسية، بحسب ما أقر أرزقى ها نغوين.



الخوف من مستقبل أسعار النفط

ينحاز البنك الدولى إلى مخاوف أساسية قوامها أنه ونظرا للاعتماد الشديد لبعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على صادرات النفط والغاز، من المتوقع أن يكون تراجع أسعار المنتجات المتصلة بالبترول أبرز القنوات لانتقال تأثيرات فيروس كورونا إلى بلدان المنطقة.

ومنذ اكتشاف الفيروس الجديد وحالات الإصابة به فى الصين فى بداية عام 2020، هوت أسعار النفط بشدة. وهوى سعر نفط برنت من 68.90 دولار للبرميل فى 1 يناير إلى 50.5 دولار فى 28 فبراير كما هوت العقود الآجلة للنفط الخام نحو 20 دولارا فى البرميل فى يناير وفبراير تحسبا للتأثير السلبى على الطلب على النفط من جراء تفشى الفيروس.

ومع أن ثمة عوامل أخرى ربما أسهمت فى هذا الهبوط، فإن فيروس كورونا كان على الأرجح أكثر العوامل تأثيرا، ويرجع ذلك فى جانب كبير منه إلى الانخفاض الكبير فى الطلب من الصين حيث أغلقت السلطات منشآت الإنتاج فى إطار جهودها لاحتواء انتشار الفيروس. ووفقا لتقرير سوق النفط لشهر فبراير/شباط الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، تبلغ نسبة الطلب على النفط فى الصين حاليا 14 % من الطلب العالمى، ويشكل معدل نمو الطلب على النفط فى الصين حاليا أكثر من 75 % من النمو فى الطلب العالمى بحسب تقارير ل(وكالة الطاقة الدولية، 2020).

ركز البنك الدولى على أن «دفع الخطر» الذى أثارته أزمة تفشى كورونا بلدان منظمة أوبك والمنتجين من خارجها إلى دراسة إجراء خفض إضافى لإنتاج النفط مقداره 600 ألف برميل يوميا كتدبير طارئ زيادةً على 1.7 مليون برميل يوميا تعهدوا بالفعل بخفضها (وكالة الطاقة الدولية 2020).

وسيتوقف تعافى أسعار النفط على نجاح الصين والبلدان الأخرى فى السيطرة على انتشار الفيروس، الذى أصبحت تأثيراته عالمية على نحو متزايد. ومع أن الغالبية العظمى من حالات الإصابة كانت فى الصين، فإن كوريا وإيطاليا وإيران شهدت زيادة كبيرة فى حالات الإصابة وسجلت بلدان أخرى كثيرة بعض الحالات.

كورونا يضرب سلاسل القيمة!


برغم التعافى المشبوه من كورونا، أو النادر(...) إلا أنه حين تضطرب منظومة الإنتاج فى الصين، تتأثر على الأرجح البلدان التى تربطها بالصين سلاسل قيمة قوية. وهذا مبعث قلق خاص لكثير من بلدان آسيا التى تربطها بالصين سلاسل قيمة مهمة، لكنه قد يكون أقل إثارة للقلق لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التى تشهد مشاركة محدودة فى سلاسل القيمة العالمية. لكن اضطراب سلاسل القيمة العالمية قد يؤدى إلى تفاقم الهبوط فى أسعار النفط الذى أحدثه تراجع طلب الصين.

هناك زمن متوحش على ضبط الإنسان خلال فترة حضانة الفيروس؛ ذلك أن ذروة المرض عالميا تشل التوقعات وتعلى من سلم الخسائر، وقد يؤدى فيروس كورونا إلى تقليص حركة السياحة من الصين إلى المنطقة بطريقتين. الأولى هى عامل الجذب: فكثير من بلدان المنطقة تفرض الآن قيودا على السفر على المواطنين الصينيين. علاوةً على ذلك، علَّقت السعودية دخول المعتمرين إلى الأماكن المقدسة، وهو ما قلَّص بدرجة أكبر حركة السياحة إلى الشرق الأوسط.

والثانية هى عامل الطرد: فالتباطؤ الاقتصادى فى الصين يُنبِئ بتراجع أعداد السياح الذين يسافرون إلى بلدان أخرى، ومنها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن المحتمل أن تشهد منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ أكبر هبوط فى أعداد السياح الصينيين. ومن المتوقع أن يكون أثر الركود الاقتصادى فى الصين على السياح القادمين إلى المنطقة أضيق نطاق ما يؤدى إلى انخفاض حركة السياحة العالمية وبالتالى تفاقم هبوط أسعار النفط..

الخروج من تداعيات المرحلة ممكن!


تبدو الإجراءات المتسارعة داخل الدولة المصرية - وعبر ما دعا إليه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى - إلى تخصيص تمويل بقيمة (6.38 مليار دولار) لإنجاز خطة مصر الدولة، للتعامل مع أى تداعيات سياسية أو اقتصادية أو صحية محتملة للفيروس خطوة غاية فى الأهمية.

فالأمر برز من خلال ما اتضح على وتيرة توجه قرارات المصارف المركزية العربية إلى اتخاذ إجراءات خاصة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا وآثاره على القطاعات الاقتصادية سواء عبر ضخ السيولة أو دعوة المصارف الخاضعة لرقابتها إلى اعتماد المرونة تجاه قروض العملاء خصوصًا المتضررين من الفيروس، وجاءت القرارات متزامنة مع تحولات صعبة فى أسلوب تعاطى العالم مع أساليب علاج الفيروس واللجوء -قسرا- إلى خيارات قوانين الدفاع والطوارئ لمنع حركة الناس فى المدن المرشحة لاتساع دائرة الجائحة.

.. ولعل تجربة «البنك المركزى المصرى» المهمة تعزز الشارع المصرى اجتماعيا وصحيا من خلال وعى القيمة الاقتصادية لمصر المستقبل، فكان التعاطى بضرورة تأجيل الاستحقاقات الائتمانية للشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وتعليق العمل بغرامات تأخر السداد، بالإضافة إلى إلغاء الرسوم والعمولات على عمليات نقاط البيع والسحب من الصراف الآلى والمحافظ الإلكترونية لمدة ستة أشهر. وأعاد البنك التأكيد على أنه يراقب الأوضاع عن كثب محليًا ودوليًا للتدخل بشكل فورى عبر أية تدابير لازمة للمحافظة على الاستقرار المصرفى والنقدى، وحماية لمدخرات المواطن المصرى وسلاسل الاستثمار.

ويتحرك البنك الدولى وفق نظرية «ضرورة تقوية الأنظمة الصحية «التى ينادى بها رئيس مجموعة البنك الدولى ديفيد مالباس» بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية الآن بسرعة لمساعدة البلدان على تقوية الأنظمة الصحية المحلية والرعاية الصحية الأولية لحماية شعوبها من هذا الوباء، والتأكُّد من تمكينهم من الحصول على معلومات مراقبة الأمراض والاستفادة من تدخلات الصحة العامة. وأعلنا هذا الأسبوع عن حزمة تمويل أولية تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار للبلدان التى تحتاج إلى تمويل لمواجهة هذه الأزمة كى تتمكن من تلبية احتياجاتها الفورية الناجمة عن تفشى فيروس كورونا، مع معالجة الآثار الصحية والاقتصادية الطارئة الناجمة عن هذا التفشِّى يجب أن تعقبها استثمارات أطول أجلا لبناء أنظمة صحية أقوى وأكثر صمودا فى وجه الصدمات.

ودعا «مالباس» إنفاق مزيد من الموارد فى خطوط الدفاع الأولى لاكتشاف حالات الإصابة ومعالجتها فى مرحلة مبكرة قبل أن تستفحل ينقذ الأرواح ويؤدى إلى تحسين النواتج الصحية وتقليص تكاليف الرعاية الصحية وتقوية التأهُّب والاستعداد للمواجهة.

وهو حذر: إذا استمر المسار الحالى لانتشار الفيروس، فإن الآثار من الدرجة الثانية سرعان ما تتحول إلى أزمة اقتصادية تهوى بالعالم فى خضم كسادٍ ستكون له تأثيرات شديدة على أكثر البلدان والسكان فقرا.

وفى ضوء قلة الموارد وضعف القدرات الحكومية، لا يمتلك الكثير من البلدان الأشد فقرا البنية التحتية الصحية أو الموارد الكافية للتأهب للمواجهة عند تفشى المرض. ولكن سرعة رصد تفشِّى المرض والاستجابة الطارئة السريعة قد تساعد على الحد من الأمراض والوفيات التى يمكن تفاديها، وتقليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

ويجب أن تعمل كل الحكومات لتعزيز الأمن الصحى لبلدانها. وأكثر الطرق فعالية لتحقيق هذا الهدف هو توفير أنظمة قوية للرعاية الصحية الأولية. ولا تبدو الأعذار الشائعة عن الأولويات المتعارضة، والنواتج غير المنظورة، ونقص التمويل المخصص للمنافع العامة الآن منطقية على الإطلاق.

إن تكاليف تطوير تدابير الوقاية من المخاطر على الأمن الصحى ليست سوى جزء ضئيل من التكاليف الناجمة عن الأوبئة. وتظهر التقديرات الأخيرة أن معظم البلدان ستحتاج فى المتوسط إلى إنفاق 1.69 دولار لكل فرد سنويا لتحقيق مستوى مقبول من التأهب لمواجهة الأوبئة. وبالنسبة لمعظم البلدان، فإن ذلك أقل من 2 % مما تنفقه على الرعاية الصحية.

..مالباس يؤكد أن ضعف أنظمة الرعاية الصحية وإدارة المستشفيات أدَّى إلى ارتفاع معدلات الاعتلال والوفيات. ولوقف انتشار فيروس كورونا فى المستشفيات، ستحتاج البلدان إلى توفير منشآت للحجر الصحى، والفرز، والوقاية من العدوى، ومكافحتها. ويتضح من عدد الإصابة بالعدوى بين مقدمى الخدمات الطبية فى المنشآت الصحية أننا نحتاج أيضا إلى بناء قدرات العاملين فى مجال الرعاية الصحية والتأكُّد من توفر المعدات الواقية على المستوى المحلى.

كما أنه إذا استمر المسار الحالى لانتشار الفيروس، فإن الآثار من الدرجة الثانية سرعان ما تتحول إلى أزمة اقتصادية تهوى بالعالم فى خضم كسادٍ ستكون له تأثيرات شديدة على أكثر البلدان والسكان فقرا، مشددا على أنه - برغم ذلك وبرغم عدم التفاؤل: يمكن احتواء تفشى هذا الوباء، وقد تساعد الإجراءات التى تتخذها الآن البلدان والمجتمع الدولى على إنقاذ الأرواح وسيكون نطاق هذه الاستجابة حاسما فى تحديد فعاليتها ونجاحها. ويجب على البلدان أيضا تقوية أنظمتها لمراقبة الأوضاع الصحية والصحة الأولية، لأنها ذات أهمية بالغة فى إيقاف انتشار هذا المرض وأى أمراض أخرى فى المستقبل.
..مؤشر أخير

ذروة الفيروس حولت العالم إلى تقنيات التراسل والتعليم والإدارة عن بعد(...) بما فى ذلك عقد وإدارة الحكومات - بما فى ذلك دول العالم الثالث - ونجحت التجارب خلال الأيام الماضية فى الأردن ومصر والإمارات والكويت؛ ما فعل تقنيات الاجتماعات عن بعد فى جلسات مجالس الوزراء واجتماعات فرق متابعة أزمة كورونا ضمن خطط إدامة العمل، وتعقد جلساتها بعيدا عن الاختلاط،

.. والمؤشر الرابح هنا أن تعيد دول العالم، ومنطقتنا بالذات، علاقتها مع مشاريع استشراف المستقبل والحوكمة الإلكترونية والتربية والتعليم والتنمية والرعاية الصحية وفق نماذج رقمية تدير النقص الحاد فى الأشخاص والموارد.

زمن كورونا. زمن التحدى والتغيير والتواصل الجاد نحو الخلاص من مؤشرات التخاذل والضعف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.