480 دقيقة جمعت فرقاء الأزمة الليبية، اجتمعوا فى موسكو «الظل والظلال»، وفى مرور الدقائق اختار رجل ليبيا المشير خليفة حفتر «قائد الجيش الوطنى الليبى»، الانسحاب من أرض اللقاء رافضا خلال ذلك اللقاء أى وثيقة وأى توقيعات، منوها بأن لبلده مكانتها وقدرتها على دحر أى تسويات تضر بالأمن الوطنى والقومى لليبيا ودول جوارها. .. وقبيل مؤتمر برلين الذى دعت إليه ألمانيا، تضع القيادة المصرية وبتحالفاتها العربية: الإمارات والسعودية والأردن، مؤشرات على خارطة طريق القوى التى ستتولى ملف ليبيا التى تحتاج المساندة من مصر والبلاد العربية كافة ضد محاولات الهيمنة والتدخل السافر من «تركيا- إردوغان» وهوس الدم الذى يريد من خلاله إردوغان وضع أقدامه القذرة فى ليبيا. إصرار وحرص القيادة والدولة المصرية، التى يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى، أحدثت الفرق فى ميول العالم نحو خلاص ليبيا واستطاعت القوة المصرية ردع واستباق أى محاولة إردوغانية للتدخل فى ليبيا.. وبالتالى تغيير طبيعة السياسات على الأرض فى شمال أفريقيا وعلاقة ليبيا باستقرار الدولة والسيادة الوطنية ضمن محيطها العربى والإفريقى والمغاربى. 1 - مقابلة ملك الأردن عبر فرنس24:
المواقف القيادية الصارمة التى فرضها الرئيس المصرى عبر حواراته مع قادة وزعماء العالم ومع الوسطاء من كل العالم، جعلت القضية الليبية فى عين الحدث، فبادر الملك عبدالله الثانى ملك الأردن من خلال مقابلة لقناة فرنس 24 إلى المكاشفة امام المجموعة الأوروبية والعربية والإفريقية حول ما يحاك من تدخل ممكن تتبناه تركيا، وأعلن الملك الهاشمى رفضه أى تدخل تركى ردا على سؤال فرنس 24: «ما هو رد فعلك على إرسال تركيا لقوات هناك؟».. واتفقت إجابة جلالته مع مجريات الأحداث التى سبق أن حذر منها الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، وإصراره على رفض التدخل التركى فى الأزمة الليبية وقال الملك الأردنى: «هذا سيخلق المزيد من الارتباك، على ما أعتقد، لقد كان هناك قرار روسى مهم، ونرجو أن يسهم ذلك فى تهدئة الأمور، ولكن عدة آلاف من المقاتلين الأجانب قد غادروا إدلب وانتهى بهم المطاف فى ليبيا، وهذا أمر علينا جميعا فى المنطقة وعلى أصدقائنا فى أوروبا مواجهته فى عام 2020، لأننا لا نريد دولة فاشلة فى ليبيا، ومواجهات مفتوحة أخرى للتحالف ضد المنظمات الإرهابية المتطرفة». 2 - الطريق إلى برلين:
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكدت وبقوة أن ألمانيا دعت إلى عقد مؤتمرعن ليبيا فى العاصمة برلين، بهدف دعم جهود الأممالمتحدة لتحقيق السلام والمصالحة، مثلما أنه يدعم جهود مصر والإماراتوالأردن والجزائر والسعودية وجامعة الدول العربية والمجموعة الأوروبية وحلف الناتو، ومنظمات ومؤسسات أممية وأمنية وعسكرية واقتصادية عديدة. ميركل وجهت الدعوة لكل من المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبى وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق إلى جانب ممثلين عن الولاياتالمتحدةوروسياوتركيا ودول أوروبية والأممالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين ومصر وإيطاليا والإمارات والكونغو والجزائر بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبى والإفريقى ما يعزز من وضع وقوة مصر التى جابهت بكل الوسائل حماية أمنها القومى من خطر وتهديد -قطعا- لاتزال تركيا تتلاعب فى فكرها الطورانى العثمانى سعيا لإعادة تفتيت ليبيا. ألمانيا تسعى لعقد المؤتمر فى التاسع عشر من يناير الجارى، فى مقر المستشارية، ويعد تتويجا لجهود العملية التى أطلقتها الأممالمتحدة ومصر والولاياتالمتحدة، للتوصل إلى «ليبيا ذات سيادة» ودعم «جهود المصالحة داخل ليبيا». مصادر مهمة فى الإدارة الأمريكية أكدت ل«روزاليوسف» أن الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس دونالد ترامب تشارك فى أعمال المؤتمر، على مستوى رئاسى يحدده ترامب فى اللحظة الأخيرة، فيما تقرر مشاركة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى أعمال المؤتمر الذى يلقى بالأزمة أمام محددات الفرصة الأخيرة لخلاص الشعب والجيش والاقتصاد الليبى من تدخل وشهوة إردوغان لغزو ليبيا. ميركل تسعى كذلك إلى تعزيز دور الدول العربية التى تجاور وتحمى وتدعم ليبيا، لقناعتها أن مصر والجامعة العربية تتوافقان مع هدف برلين ؛ تقديم الدعم من قبل مجموعة من الدول والمنظمات الدولية لجهود الأممالمتحدة الرامية إلى الحفاظ على سيادة ليبيا وإجراء عملية مصالحة داخلية. ويأتى ذلك فى الوقت الذى لفت فيه المتحدث الرسمى باسم الاتحاد الأوروبى، بيتر ستانو: «إن الأزمة الليبية تأتى على رأس أولويات دول الاتحاد الأوروبى». داعيا إلى ضرورة المشاركة الفعالة للدول الأوروبية فى سبيل الحل السلمى للأزمة الليبية، وتجنب خروج الأزمة عن نطاق السيطرة، وأنه لا يوجد حل عسكرى للأزمة الليبية، مشيرا إلى أن الطريق الوحيدة للخروج من الأزمة الليبية هو الحل السلمى، من خلال إطلاق عملية سياسية تجمع بين أطراف النزاع. المهم فى تصريحات بيتر ستانو أنه حذر من مخاطر التدخل التركى فى الأزمة الليبية، والذى من شأنه أن يقوض الجهود الرامية إلى حلحلة الأزمة، من خلال فهم طبيعة المبادرات السياسية. وبالتالى وضع الحلول بما ينال توافق جميع الأطراف.
3 - الخوف من برلين.. ربما! رفض ما حدث فى موسكو، مهد الطريق ليبيًّا وعربيا ودوليا إلى مناقشة قوة المشير حفتر الواقف على حماية ليبيا من كل أشكال التدخل التى فشلت حتى الآن، ويبدو أن قوة الجيش الليبى تستند إلى أنه يحرص على التلاعب خارج الطاولة، ويقول مع قادته :«عندما لا يتم الوصول إلى الحل عن طريق السياسة، لا مجال إلا للحل العسكرى، لأن هذه الميليشيات المسلّحة معروفة لا يمكن التفاهم معها إلا بالقضاء عليها، مثلها مثل الإخوان لا تستمع إلى صوت السياسة والحوار ولا تفهم إلا بلغة قوة السلاح». وقطعا أن لغة السلاح لن تكون هى الحل إذا استطاع العالم إخراج تركيا بكل ملفاتها القذرة من ليبيا وإنهاء طموحاتها اللا محدودة فى إردغونيات أفعوانية يسيرها كأن العالم لم ينتبه إلى الفشل التركى فى مشاريعه الاستعمارية. وما فشل المحادثات بين طرفى النزاع فى موسكو وانهيار اتفاق الهدنة، إلا نتيجة لعدم تركيز من الفرقاء عند الاستماع إلى الصوت الليبى الحر أو من مساندة الرئيس المصرى لجيش ليبيا بقيادة حفتر الذى وضع رؤيته العسكرية والسياسية وبالتالى يرى قادة جيشه: «هم طلبوا الحوار والحلول السياسية بعدما أدركوا أنهم منتهون، بعد كل التعب والانتصارات التى حققناها لن نقبل بشروطهم، المنتصر هو الذى يفرض شروطه وليس الخاسر». مثلما أن خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبى يرفض أى تدخل أو وساطات أو مشاركة تركيا فى الإشراف على وقف إطلاق النار فى البلاد، لافتا إلى أن المسودة الروسية لوقف إطلاق النار تجاهلت عددا من مطالب الجيش الليبى.
4 - اتفاق منتهى الصلاحية: أجهض الاتفاق الذى أعلنت عنه وزارة الخارجية الروسية بين قائد الجيش الليبى، خليفة حفتر، ورئيس حكومة «الوفاق»، فايز السراج، بعد 480 دقيقة من الحوار والمناقشات العشوائية، التى فرضت انسحاب وطنى للقائد حفتر؛ لأنه كشف ما وراء الاتفاقية من خراب كانت من ورائه تركياوروسيا وبعض الدول الأخرى. الاتفاق- منتهى الصلاحية- يشتمل البنود التالية: -1 روسيا تشرف على وقف إطلاق النار بإرسال وفود روسية إلى ليبيا للإشراف على عملية وقف إطلاق النار. -2 وقف إرسال قوات تركية إلى طرابلس، حيث تم الاتفاق على ذلك مع روسيا بتجميد إرسال قوات تركية إلى ليبيا فى الوقت الحالى. -3 إشراف دولى على وقف إطلاق النار والأممالمتحدة تشرف كطرف دولى على إيقاف إطلاق النار. -4 الهدنة تشمل سحب القوات من «الوفاق» ومن قوات الجيش الوطنى الليبى والعودة إلى الثكنات دون أى شروط والحل السياسى فقط. -5 بعض الميليشيات المسلحة ستقوم بتسليم أسلحتها، وهو ما يتم الاتفاق عليه حالياً. -6 تقسيم المهام والصلاحيات بين حكومة «الوفاق» من جهة والبرلمان الليبى وقائد الجيش خليفة حفتر، من جهة أخرى. -7- سيتم التوقيع على وثيقة ملزمة لكل من حفتر والسراج كل منهما ملزم بها ولا يمكن التراجع عنها. -8- ستكون هناك مهام للجيش الوطنى الليبى، أبرزها مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وسيكون ذلك فيما بعد بالتنسيق مع السراج. -9- هناك مفاوضات لإدخال تعديلات على حكومة «الوفاق»، ولكن لاتزال فى مرحلة مبكرة. 10 - إشراف دولى على منافذ بحرية وبرية والجيش الوطنى يتولى مهام تأمين آبار النفط والغاز. 5 - شبح الإسلاموفوبيا التركى: فى مبادرة تنويرية وذكية اجتهد مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية، فى وضع تصورات منطقية تحليلية تحذر من خطورة المساعى الإردوغانية التركية التى تسعى: «لنشر هياكل مؤسسية تحمل ظاهريًّا طابعًا إسلاميًّا ولكنها تنطوى فى حقيقتها على خدمة الأجندة التركية، التى تؤدى بدورها إلى هدم صورة المؤسسات الإسلامية فى أنظار العالم وتسهم فى تأكيد الصورة السلبية التى تنشرها الجماعات المتطرفة عن الإسلام وبالتالى زيادة المبررات التى تعمل على زيادة حوادث الإسلاموفوبيا». وفى مسعى الدولة المصرية لحماية مصر والبلاد العربية والإفريقية والإسلامية من ويلات الإرهاب والتطرف، فقد كانت مصر سباقة إلى الوقوف فى وجه مرتزقة وميليشيات شركات حروب الوكالات التى يقودها إردوغان والسراج وفلول تتواجد على الأرض الليبية. لهذا نشد على يد مرصد الإسلاموفوبيا التنويرية التى قالت وبصراحة شديدة: إن هذا المنحى من جانب تركيا ينعكس بشكل سلبى على أوضاع المسلمين فى الدول الأوروبية بشكل عام، ويثير مخاوف المجتمعات الأوروبية من توظيف الوجود الإسلامى فى خدمة الأجندة السياسية للحكومة التركية، الأمر الذى يفضى إلى اتخاذ الحكومات والمجتمعات الأوروبية لخطوات وإجراءات احترازية تحد من حرية المسلمين وتحملهم أعباء إضافية، لافتا إلى أن بعض الحكومات الأوروبية تتخوف من محاولات النظام التركى بسط نفوذه وزعزعة الاستقرار من خلال تجنيده المغتربين الأتراك لخدمة مصالح الحكومة التركية. وشدد بيان المرصد على خطورة هذا السلوك التركى الذى يضر كثيرًا بأوضاع المسلمين فى أوروبا ويدخلهم إلى دائرة الصراع السياسى، ويجعلهم عرضة لهجوم الأحزاب والتيارات اليمينية الأوروبية، الأمر الذى ينعكس على الأرض بوابل من الهجمات والاعتداءات العنصرية ضد المسلمين فى أوروبا. نجح المرصد العلمى العملى بالقول الفصل: على المسلمين فى المجتمعات الغربية عدم الانجرار خلف أجندات الدول الساعية إلى توظيفهم لخدمة مصالحها الخاصة، والعمل على تأكيد الهوية المجتمعية الواحدة داخل المجتمع الأوروبى، ورفض جميع محاولات التسييس والتوظيف الأجنبى. * كاتب أردنى