كثير من الناس يظنون أن منتقدي الإخوان عملاء للنظام أو أن المنتقدين يرمون إلي مطامع شخصية يحصلون عليها من جراء انتقادهم للإخوان باعتبارهم خصومًا للنظام القائم بمصر وهناك علل أخري يتحدث بها الناس تجاه انتقاد الإخوان، وعموماً فإنني لا يعنيني ما يظنه الناس فإن الظن أكذب الحديث وأن الظن لا يغني من الحق شيئا. وإنما الذي يعنيني بشأن الإخوان المسلمين هو مفاهيمهم الدينية ومدي موافقتها للإسلام من عدمه، وليس بيني وبين الإخوان المسلمين خصومة شخصية ولا أحمل لهم غلاً في قلبي، وإنما الكراهة الشرعية فقط لا غير وهي أمر جلل وليس بالهين فقد تجد في الإخوان المسلمين أصحاب خلق وأصحاب نجدات وأصحاب عطاء مثلهم مثل غيرهم كثير، ولكني لا أنظر إلي سلوكياتهم الإيجابية أو السلبية وإنما انظر إلي ما يحملونه من فكر مُدَوَّن في كتبهم نتج عنه سلوك يطبق علي أرض الواقع وأصل عندي ما هو ثابت بأقلامهم وليس بأقلام خصومهم، فإذا عدت لعنوان المقال أجد أن الإخوان المسلمين في ميزان الإسلام وفقهه ومن خلال دراسة الفرق الإسلامية التي حادت عن مفاهيم أهل السنَّة والجماعة من السلف الصالح ليسوا أصحاب سنَّة ولا هم منطوون تحت الجماعة الشرعية في مصر فمصطلح. أهل السنَّة والجماعة يحمل معنيين الأول: أهل سنَّة والثاني: أهل جماعة فبالنسبة للأول أجد أن الإخوان المسلمين خالفوا السنَّة كثيراً بل خالفوا القرآن نفسه وأن شعارهم الإسلام هو الحل شعار عليهم لا لهم فالله عز وجل ذكر في كتابه الكريم قوله تعالي : (يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ...) النساء آية: (59)، ورغم وضوح هذا النص وعدم اشتباهه علي قارئه إلا أن الإخوان المسلمين ومن علي شاكلتهم حادوا عن هذا الأمر الإلهي وناصبوا ولاة الأمر العداء والخلاف بل وصل حالهم إلي التشنيع علي ولاة الأمر في الداخل والخارج مع أن هذه الطاعة الواجبة لولاة الأمر واضحة وضوح الشمس وهي الطاعة التي في المعروف أي في غير معصية منصوص عليها في الكتاب أو السنَّة، فمثلاً لم يطلب ولاة النظام القائم من الإخوان أو من غيرهم ارتكاب معاصٍ منصوصاً عليها حتي نخالفهم بل لو رأينا ولاة الأمر علي معصية منصوص عليها ما لزم ذلك الخروج أو التطاول عليهم. أما الاصطلاح الثاني وهو الجماعة فالإخوان دعاة فرقة لأن الجماعة المعنية هنا هي الجماعة السياسية التي ينطوي تحتها كل أفراد المسلمين وغيرهم في مصر ومُنَصَّب عليهم حاكم مسلم له شوكة وغلبة تُمكنه من إدارة شئون البلاد وهذه الجماعة في مصر متمثلة في جميع المصريين ممن يحملون الجنسية المصرية وأميرهم أو حاكمهم هو رئيس الدولة فلا يجوز الخروج عليه بالكلام أو بالسلاح ولا يجوز عقد أي بيعات علي السمع والطاعة إلا له ومن خالف ذلك وادعي بيعة لغيره وانطوي تحتها فإنه وفق فقه الإسلام وأصوله من الخوارج. وبناء علي ذلك ففكر الإخوان المسلمين والمدون في كتب مؤسسيه كحسن البنا وسيد قطب يمثل إحياءً جديداً معاصراً لفكر الخوارج في الماضي. ولكن نجح الإخوان المسلمون في تضليل الناس بل والحكومات أيضاً فأتوا بمفاهيم باطلة وزينوها للناس علي أنها من الإسلام وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حينما قال في شأن الخوارج «يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم» «يحسبونه لهم وهو عليهم». أما الإخوان في ميزان الديمقراطية والتعددية والليبرالية ... إلخ من الاصطلاحات السياسية العصرية فهم أحرار ومناضلون وأصحاب حق، فالديمقراطية والليبرالية مع التعددية ومع الرأي والرأي الآخر ولو كان باطلاً فالمنظومة السياسية العلمانية لا تُوقف مداد الإخوان المسلمين وغيرهم ممن لا يدينون للنظام القائم بالسمع والطاعة ومن هنا تنامي تنظيم الإخوان وغيرهم. فلو كان هناك فقه شرعي ثاقب يدرك حقيقة الأمور الشرعية ووُجِد الحماس للمعالجة الفكرية لاندثر فكر الإخوان وتواري في التراب ولكن في الأمور أمور، ومن هنا ربح الإخوان في كل المواقف الديمقراطية والعلمانية ولم يصمد أمامهم أي مفكر ليبرالي أو علماني. وحينما تعرض أديب قصاص لتاريخ الإخوان الحقيقي والمدون في كتب أكابرهم تعاطف الكثير مع الإخوان أن المعالجة الشرعية ليست مهمة الأديب القصاص وحيد حامد وإنما يشكر له التزَامَه في غالب ما عرضه بما هو فعلاً مدون بأقلام الإخوان ولم يتجن عليهم فنسب لهم موقفاً أو مواقف ليست لهم، لذا فزعم بعض قيادات الإخوان أنهم سيرفعون قضايا علي وحيد حامد دعاوي خاوية وليتهم يتجرأون ويقدمون عرائض شكواهم في مسلسل الجماعة للنائب العام وحينئذٍ ستثبت الإدانة لهم بكل وضوح وليعتبرني وحيد حامد أحد شهود الإثبات معه إن فعلوا ولكني مدرك تماماً أنهم لن يقدموا علي هذه الخطوة فلقد مر علي عرض المسلسل ثلاثة أشهر ولم نسمع إلا ضجيجاً وعجيجاً منهم بدون أفعال علي أرض الواقع. خلاصة مقالي أن الإخوان المسلمين في ميزان الإسلام مدانون وفي ميزان العلمانيين مبرأون ومناضلون أرجو أن أكون قد وضحت الرؤية.