ألقي الشاب الإخواني أسامة درة حجرا في مياه جماعة الإخوان الآسنة، من خلال كتابه الصادر حديثا تحت عنوان "من داخل الإخوان أتكلم"، فلم تحتمل الجماعة وجوده في صفوفها وعلي الفور تم ابلاغه بأنه جري تجميد عضويته في التنظيم، وزاد من تدخل عبد المنعم أبوالفتوح المقصي من عضوية مكتب إرشاد الجماعة في "انقلاب 9 يناير" الذي سمي بانتخابات مكتب الإرشاد في القضية ولقائه بالشاب والدفاع عنه من خلال تصريحات صحفية مؤيدة لموقفه. رغم ان مشكلة درة التي اثارها الكتاب توشك ان تنتهي شكليا فإنه حتما ستظل كالنار تحت الرماد، في ظل حالة الاقصاء التي تمارسها القيادات الإخوانية ضد العناصر المخالفة. روزاليوسف من جانبها عرضت لبعض ما ورد في الكتاب في عدد الأسبوع الماضي وتجري حوارا حول الأزمة مع درة فإلي نص الحوار: لماذا كل هذه الضجة التي ثارت حول كتابك داخل الجماعة وإلي أي مدي هي مفتعلة؟ - أردت بكتابي أن يري المجتمع شباب الإخوان كما هم فشباب الجماعة لا أحد يتكلم عنه، حتي قادة الجماعة - الكبار في السن جدا والمهمومين بالسياسة واعتباراتها دائما- لا يعبرون عن الشباب بشكل مُرضٍ، أردت أن يعرف الناس كيف نعيش ونفكر ونحب ونغضب، لذا نشرت الكتاب، ولأن هذا غير معتاد في الجماعة، فقد قلِق البعض وظنوا أني عدو يبحث عن إدانة للجماعة، هذا غير صحيح بالمرة. في ظل ما جري من إقصاء لأصحاب الرأي المخالف.. كيف تتوقع أن يكون التعامل معك ؟ - أعتقد أن جماعتي لن تقسو علي لمجرد أني تكلمت، أنا مدعوّ اليوم لتناول الغداء في بيت مسئول المكتب الإداري لإخوان دمياط، وقبلها تلقيت دعوة كريمة من د.عبد المنعم أبو الفتوح - عضو مجلس شوري الجماعة لزيارته في مكتبه وبالفعل جمعتني به جلسة رائعة، وأتمني أن تنتهي أزمة "إيقافي" عن أنشطة الجماعة قبل نشر هذا الحوار، المشكلة أن بعض القيادات الدنيا والوسيطة بالجماعة "ملكيون أكثر من الملك" ويظنون أنهم بتصرفاتهم العصبية تلك يحمون الجماعة، رغم أنهم يعانون من نقص خبرة حاد، وأنا حتي الآن لا أفهم كيف يترك مسئول شعبة صغيرة غارق في الشأن المحلي ليقيم كتابات وحوارات صحفية تتناول قضايا يسمع هو عنها للمرة الأولي.. أنا أحب هذا المسئول بشكل شخصي، لكن هذا لا يمنعني أن أقول أنه لا يصلح بالتأكيد لإدارة هذا الشأن، وظني أن مواهب وكفاءات كثيرة ضاعت من الجماعة في مواقف مشابهة بسبب مسئولين قليلي الكفاءة. كثير من أفراد الصف يعانون مشكلتك.. هل بينكم تواصل ما، هل تعتقد أن أصحاب هذا الاتجاه قادرون علي تغيير شيء؟ - لا أعرف بالضبط عدد من يتعرضون لمشاكل كهذه، لكن الكل يعرف أن هناك فئة غير قليلة من الإخوان لها اقتراحات لتعديل الخط السياسي وتحسين طريقة الإدارة وإصلاح مناهج التربية، وهذا الفريق الكبير يضم رموزا وقيادات كبري ومعهم شباب مثقف منفتح من كل أنحاء مصر، لكن لا يوجد اتصال يجعل منهم تنظيما داخل التنظيم، أي رأي عام قوي يمكنه التغيير، ما أخشاه أن يستعمل البعض سلطاته ونفوذه لحصار من يخالفونه الرأي أو طردهم، عندها تكون الجماعة في خطر حقيقي. أليس هذا حاصلا بالفعل ؟.. وما الضمانة لان لا تقع ضحية مثل هذا الموقف مثلما حدث مع قيادات كبيرة في التنظيم؟ - الراشدون داخل الجماعة أكثرية، ولن أطرد من الجماعة، يبدو أن من تم طردهم كانوا أقصر نفسا مني، سأواصل مع الجماعة، حتي تتحقق رسالتها بلا مزيد من الصراع أو الصدامات مع أي جهة. اختلفت مع مواقف الجماعة في كثير من المواقف السياسية للجماعة لماذا أنت حريص علي البقاء داخل الصف اذا؟ - أنا مصرّ علي البقاء في الإخوان لأنها الجماعة التي عرفتها مبكرا وتربيت فيها، وهي- وإن رأيت فيها عيوبا- تحمل قيما راقية، ويقيني أن الجماعة ستحقق وظيفتها لو أبعدنا المنافسة السياسية عن العمل الدعوي، فاختلاط الوظيفتين في نظام واحد يفسدهما معا.. علينا أن نسعي لإنشاء "جمعية دعوية" خالصة تضم معظم الإخوان وآخرين من غير الإخوان، وبجانبها "حزب سياسي" لا يتلقي دعما من الجمعية الدعوية ولا يستخدم مرافقها ولا تختلط عضويته بعضويتها، نفيا لأي شبهة مكسب سياسي من العمل الدعوي. قادة الجماعة دائما يتعللون بأن الدولة لن ترضي بذلك.. ما رايك؟ - صحيح أن الدولة لن ترضي فورا بإنشاء هذه الجمعية وهذا الحزب، لكن علينا أن نجعل أهدافنا أكثر ملاءمة وننتقل إلي هذا المستوي الجديد من السعي.. هذا سيحرر البلد من حالة الاشتباك الدائم بين النظام والإخوان.. سألتني لماذا أن حريص علي البقاء في الإخوان، وأقول لك: أنا باقٍ حتي يحدث كل هذا. هل تعتقد أن هذا سيتم في المدي القريب؟ - العقول الكبيرة داخل الجماعة تدرك أن إصلاحا كبيرا ما ينبغي أن يتم سريعا.. علينا الآن أن نعقد صلحا مع النظام له نكهة "صلح الحديبية"، لا بأس ببعض التنازلات المؤلمة حتي تصبح افكارنا نفاذة إلي كل الأفراد والمؤسسات، وذلك دون أي شبهة سعي لمكسب سياسي.. لكن هذا كله يستلزم رضا الطرفين: الجماعة والنظام، وهذا يستلزم وقتا ومجهودا جبارا من العقول الراشدة في الجانبين. كيف تقيم ما جنته الجماعة من مكاسب وخسائر من جراء وجود نواب بهذا الكم وهذه القدرات في المجلس ؟ -أي تشكيل سياسي يستفيد من وجود نواب له في البرلمان، وقد حاول الإخوان تقديم ما هو أكثر لكنهم فشلوا، والبرلمان ينفذ ولا يقترح، قد يبدو أنه يناقش وينتج شيئا لكنه لا يفعل. لذلك لا ألوم الإخوان كثيرا علي فشلهم في إحداث تغيير كبير في البلد برغم حيازتهم 20% من مقاعد المجلس. .. وفي ضوء ذلك كيف تتوقع تجربة 2010؟ - ربما لن يحصل الإخوان علي نصف ما حصلوا عليه في 2005 هذه أول انتخابات برلمانية في مصر في عهد "أوباما"، انتهت أيام "جورج بوش" الاستثنائية، لا يوجد "شرق أوسط كبير" و لا "فوضي خلاقة"، لكني لست حزينا علي شيء، ما جري بعد انتخابات 2005 كان بروزا إعلاميا لا يعني أننا زدنا، وما سيجري في انتخابات 2010 لن يعني أننا نقصنا.