نظم الشعراء منذ زمن هوميروس العديد من الملاحم الشعرية عن الحرب وأهوالها والخسائر المخيفة التي تتسبب فيها،لكن أحدا لم يلتفت إلي أهوال أخري ربما تسببت في خسائر أكبر للبشرية، كجرائم القتل والإبادة الجماعية،وهي النقطة التي فطن إليها الكاتب والمفكر دانييل جولداجن في كتابه الجديد؛ "أسوأ من الحرب.. الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاعتداء المستمر علي البشرية". في كتابه يشرح جولداجن كيف تسبب هذا الفكر في حد ذاته في ترك ندوب عميقة في جسد الإنسانية ويدعو لوضع حد لهذا العمي المتعمد لهذه الجرائم، فالعالم يتذكر الحروب بكل تفاصيلها وتواريخها بينما يتناسي جرائم شنيعة ارتكبها أفراد بعينهم،كبن لادن وهتلر مثلا، في حق شعوب، وفي الحالتين يكون الدافع سياسياً محضاً، فالقتل الجماعي والقضاء الشامل علي شعوب أو أجناس بعينها بهدف تحقيق نتائج سياسية أو الوصول لهدف معين لا يقل بشاعة عن الحرب بل قد يعد أسوأ منها. وقد تطورت عمليات الإبادة الجماعية علي مر الزمن مع اختلاف درجة التطور الحضاري ما بين جماعات الهوتو الروانديين الذين يقتلون المدنيين وجها لوجه دون تمييز لجنس أو سن وبين المحرقة التي بدعها النازيون لتكون وسيلة قتل فريدة من نوعها هذا غير مسيرات الموت وفرق القتل المتنقلة في روسيا في عصر ستالين وفي الصين الشيوعية أثناء حكم الزعيم ماو تسي تونج. ويستفيض الكاتب في شرحه لأسباب القتل الجماعي والتي يؤكد أنها الجمود والعنصرية الفكرية الناتجة عن الانحدار الحضاري،فالمتطرفون فقط هم من يلجأون إلي القتل لإفناء الآخر المغاير ويوضح الكاتب كذلك بعض أسباب الانحدار الحضاري مستشهدا بدراسة كندية تظهر أن الفقر وعدم المساواة والقومية العرقية هي بعض الأسباب الرئيسية في الانحدار الفكري الذي يترجم إلي جرائم قتل وأعمال عنف دامية. ويري جولداجن أنه علي الرغم من انخفاض عمليات القتل الجماعي بشكل كبير إلا أن الديكتاتورية التي لا تزال تسيطر علي العديد من دول العالم تبقي علي الخطر وتجعله قائما لكنه يدعو العالم لتحكيم ضميره بدلا من تحكيم المصلحة من أجل القضاء علي هذه الجرائم التي راح ضحيتها ملايين تجاهلهم التاريخ.