رغم انتشار الجماعات اليمينية المتطرفة وجماعات النازيين الجدد بتوجهاتها المعادية للأجانب والمسلمين فى أوروبا منذ فترة ليست بالقصيرة، إلا أن ما تشهده ألمانيا حاليا من نجاح هذه الجماعات فى استقطاب أعداد كبيرة من المواطنين العاديين أصبح أمرًا مثيرًا للقلق وهو ما أدى بالمستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» إلى الخروج عن صمتها وانتقاد ما يحدث قائلة على لسان المتحدثة باسمها إنه لا مكان فى ألمانيا للكراهية ضد المسلمين أو أى جماعة دينية أو عرقية أخرى. وتشهد ألمانيا منذ أكثر من شهرين خروج مظاهرات مناهضة للمسلمين فى مدينة دريسدن شرق البلاد وغيرها من المدن الألمانية يوم الاثنين من كل أسبوع على نمط التظاهرات التى هزت النظام الشيوعى فى ألمانياالشرقية سابقا حتى سقوط جدار برلين قبل 25 سنة. وبدأت المظاهرات فى أكتوبر الماضى على أيدى مجموعة يمينية متطرفة تضم بين أعضائها العديد من النازيين الجدد وتطلق على نفسها «أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب». وتزعم الجماعة التى تعرف اختصارا ب «بيجيدا» أنها ليست ضد المسلمين بوجه عام ولكن هدفها الرئيسى هو المحافظة على هوية البلاد اليهودية المسيحية. والمثير للقلق أن الجماعة نجحت فى آخر تظاهراتها فى حشد نحو 15 ألف شخص، أكثرهم مواطنون عاديون مستاءون من تدفق المهاجرين، حيث يطالب المتظاهرون بتشديد سياسات الهجرة فى ألمانيا بعد أن أصبحت أكثر الدول الأوروبية استقبالا لطالبى اللجوء والمهاجرين وقد استقبلت ألمانيا منذ مطلع العام 180 ألف لاجئ بزيادة 57% عن الفترة ذاتها من عام 2013 ولا سيما من الفارين من بلدان تشهد نزاعات مثل سوريا والعراق وأفغانستان والصومال. وأكد أحد سكان حى هيللرسدورف البرلينى الذى يعتبر أحد معاقل النازيين أثناء مشاركته بمظاهرة مناوئة للإسلام أنه ليس ضد اللاجئين ولكنه ضد استقبال ألمانيا المسلمين منهم وليذهب السوريون المسلمون إلى بلاد إسلامية أخرى. وتظهر نتائج استطلاعات الرأى تأييدا لمطالب المتظاهرين بتشديد سياسات الهجرة فى ألمانيا، حيث أظهر استطلاع أجرته مجلة «دير شبيجل» أن 65% من المواطنين الألمان يرون أن الحكومة الألمانية لا تتخذ الإجراءات الكافية لمواجهة المخاوف بشأن مستويات الهجرة الحالية، وأن غالبيتهم يعتبرون الإسلام تهديدا للمجتمع. وبحسب قائد الشرطة هولجر مونش لصحيفة «فيلت إم زونتاج»، تشهد شتى أنحاء البلاد تزايدا ملحوظا فى جرائم كراهية الأجانب حيث انضم اليمينيون إلى عناصر مثيرى الشغب فى ملاعب كرة القدم للتحريض ضدالمسلمين السلفيين، كما جرت سلسلة من الهجمات على اليهود. ووفقا لجهاز الأمن الداخلى الألمانى، يقدر عدد المتطرفين اليمينيين فى البلاد بنحو 22 ألفا، أكثر من ربعهم من النازيين الجدد ويعتبر 10 آلاف آخرين متشددين، وبلغ عدد الجرائم ضد الأجانب فى ولاية ساكسونيا 179 جريمة مقارنة ب 152 العام الماضى وهى أعلى نسبة خلال عقد. وفى أحدث الهجمات التى تستهدف الأجانب، قام متطرفون دينيون بإضرام النيران فى 3 مبان غير مأهولة مخصصة لإيواء طالبى اللجوء فى بلدة «فورة» الجنوبية، ورسمت إشارة الصليب المعقوق النازية وكتبت عبارات معادية للأجانب على جدران المبانى. ومن جانبهم، أبدى ممثلو الكنائس فى ألمانيا معارضتهم لجماعة ال «بيجادا» التى ذكرت أنها تستلهم منهجها من الفكر المسيحى وأكدوا أن المجموعة تستغل المخاوف الحالية من الإرهاب من قبل الإسلاميين المتطرفين للتحريض على الأجانب والمهاجرين.