سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم في البنوك ومكاتب الصرافة    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 14 يوليو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 14 يوليو    نشرة ال«توك شو»:.. تامر أمين يهاجم حكم مباراة الأهلى وبيراميدز.. وتفاصيل عن تطبيق الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص    بعد محاولة الاغتيال، بايدن يتصل بترامب ويتلقى إحاطة أمنية    غدًا.. محاكمة 14 متهماً في القضية المعروفة إعلامياً ب«خلية المرج الإرهابية»    وزير الصحة يزف بشرى سارة بشأن قرارات العلاج على نفقة الدولة    "لم يسلم من لوم المنافس" بايدن يتهم ترامب: "صانع المشاكل"    البيت الأبيض: بايدن تلقى «إحاطة أولية» بشأن الحادث الذي وقع لترامب    مسؤول: لا معلومات عن هوية مطلق النار بتجمع ترامب الانتخابي    القنوات الناقلة لمباراة إسبانيا ضد إنجلترا مباشر اليوم في نهائي يورو 2024    بركلات الترجيح، أوروجواي تخطف المركز الثالث من كندا بكوبا أمريكا 2024    كولر يطلب ضم لاعب جديد إلى الأهلي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    مصطفى بكري وجمال علام يعزون رئيس رابطة الفلاحين (صور)    الأرصاد تزف بشرى سارة للمواطنين بشأن طقس اليوم    عقر 7 أشخاص.. قتل كلب مسعور في إدفو بأسوان    مزاح تحول إلى جريمة.. مقتل شاب علي يد آخر بحدائق الأهرام    محمل ب24 عربة سولار.. السيطرة على حريق في قطار بضائع بقنا | فيديو    وفاة الدكتور محمود عزت العلايلي بعد صراع مع المرض    وفاة الناقد المسرحي عبد الغني داوود    بالساري الهندي.. كيم كارديشيان تخطف الأنظار في زفاف نجل أغنى رجل في آسيا (فيديو)    قصة يوم عاشوراء في حياة موسى عليه السلام    الإفتاء توضح كيفية التصرُّف في الدين الذي لا يُعرَف صاحبه    مسؤول فى البيت الأبيض بعد محاولة الاغتيال: بايدن تحدث إلى ترامب    خبير تحكيمي يكشف مفاجأة بشأن حكم مباراة الأهلي وبيراميدز    تحذير من تفشي مرض انفلونزا الطيور بعد ظهور إصابات بشرية    طارق مصطفى: الطموح انخفض بعد ضمان البقاء.. وهذا موقفي من هدف جريندو العكسي    جورج بوش: إطلاق النار على ترامب هجوم جبان.. وممتن لأنه آمن    محافظ شمال سيناء يتابع حادث الطريق الساحلى    إسماعيل يوسف يكشف حالة رباعي ناشئي سيراميكا المصاب في حادث المحور    الأهلي مختلف.. أحمد شكري يهاجم مسؤولي الكرة ويكشف 4 قصص نارية    أسامة كمال يعلن توقف برنامج "مساء دي إم سي" لنهاية أغسطس    «الأب هو المتهم».. كشف لغز العثور على جثة سيدة على الطريق العام بقنا    مظاهرات حاشدة في 80 موقعا إسرائيليا تطالب بإقالة نتنياهو    إنجلترا ورحلة النهائي الأول خارج ويمبلي    العام الدراسي الجديد.. ما الأوراق المطلوبة للإعفاء من مصروفات الدراسة؟    عضو ب"فتح": نتنياهو يصعّد تحت ذريعة ملاحقة قادة حماس ويستهدف الفلسطينيين    تكريم هبة حسن في الدورة الأولى من ملتقى جوانا    «التنمية المحلية»: 5700 مشروع لتوفير 500 ألف فرصة عمل    البنك المركزي يطرح 75 مليار جنيه أذون خزانة مع عودة البنوك    تحرك عاجل من «مياه قنا» بعد شكاوى أهالي المحروسة من انقطاع المياه    رغم عدم خروج مظاهرات الجمعة …حبس 33 بينهم سيدتان بتهمة الدعوة للتظاهر لإسقاط النظام    عشاء اليوم.. طريقة تحضير أرز الدجاج والبهارات    4 مصابين في حادث اصطدام سيارة ملاكي بسور حديدي بالدقهلية    محمود محيي الدين: مصر تنفق على خدمة الديون أكثر من الصحة والتعليم    تعرف على توقعات برج الاسد اليوم 14 يوليو 2024    قناة CBC تطلق برنامج «العالم في العلمين» لتغطية الدورة الثانية للمهرجان    بحضور عمرو عبد الجليل ومصطفى أبو سريع.. 20 صورة من حفل زفاف حسني شتا    رابط الاستعلام عن نتيجة تنسيق رياض الأطفال بالرقم القومي 2024    عادل حنفي يعلن عن متطلبات المصريين بالخارج من الحكومة الجديدة    بتكلفة تجاوزت 570 مليون جنيه.. افتتاح مستشفى طوخ الجديد قريبًا للارتقاء بالخدمات الطبية    «ساعة مشي تساوي نصف رغيف جبنة».. حسام موافي يكشف مفاجأة عن ممارسة الرياضة (فيديو)    محافظ بورسعيد يتفقد أحد المولات التجارية بحي شرق.. صور    لجنة دراسة بيان الحكومة بالبرلمان تضع حلولًا لملفات التعليم والصحة والتضامن    يُكفر سنة قبله | هل يجوز صيام يوم عاشوراء منفردًا.. الإفتاء تُوضح    تنسيق كلية التجارة من الدبلوم 2024.. تعرف على أبرز التوقعات    فضل سنة التوسعة على العيال في يوم عاشوراء.. يوَسَّعَ الله عليه طوال العام    أحمد كريمة يحسم جدل صوم يوم عاشوراء وحكم الاحتفال به    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية والليبرالية... التباسات واضحة
نشر في نهضة مصر يوم 28 - 10 - 2008

نود الإشارة إلي أن هناك فروقات واضحة بين الليبرالية والليبراليين، كما أن هناك خلطا بين الديمقراطية والليبرالية، فكل من يؤمن بالديمقراطية وبتفعيل آلياتها صار ليبرالياً وهذا غير صحيح.
كثر في السنوات الأخيرة الحديث عن الليبرالية والليبرالية الجديدة واختلطت المفاهيم وساهمت الالتباسات في نعت الليبرالية بأسوأ الاتهامات، فتارة الليبرالية هي نقيض العدل الاجتماعي وتارة هي الجدار الخلفي للإمبريالية والاستعمار وتارة هي التي سمحت بتزاوج السلطة والمال وتارة هي احتكار رجال الأعمال للثروة، وتارة هي الوجه الملعون للرأسمالية المتوحشة.. وفي المقابل يوصف بها كل مفكر عاقل ومنضبط علمياً وفكرياً، وتارة ينعت بها حزب سياسي له من الشعبية ما يزيد عن غيره، وتارة يوصف بها كاتب يساري ولكن غادر يساريته وتبني الديمقراطية نهجاً وآلية في ظل التحولات الجارية.. والأمثلة علي ما أقول كثيرة فعلي سبيل المثال لا الحصر، تم إعادة تقييم الإنتاج الفكري للعديد من مفكرينا العظام منذ أواخر القرن التاسع عشر، فعلي عبد الرازق الأزهري ليبرالياً وطه حسين الباريسي ليبرالياً، ولويس عوض الإنجليزي ليبرالياً، وزكي نجيب محمود فيلسوف الوضعية المنطقية ليبرالياً، ولطفي الخولي ابن الحركة الشيوعية صار ليبرالياً وحازم الببلاوي وسعيد النجار الاقتصاديان العملاقان ليبراليين والدكتور محمد السيد سعيد، -شفاه الله وعافاه- يعتبرونه ليبرالياً بين اليسار ويسارياً بين الليبراليين، وكذلك د. حسام بدراوي الطبيب والقيادي بالحزب الوطني ليبرالياً ود. علي الدين هلال أمين التثقيف بالحزب الوطني ليبرالياً والدكتور عبد المنعم سعيد الباحث الليبرالي بحق- ليبرالياً.
وبعض رجال الأعمال الذين لم يقرأوا كتاباً صاروا ليبراليين، وبعض قيادات حزب الوفد ليبراليين بحكم التاريخ الليبرالي لحزب الوفد قبل عام 1952م وأصحاب المشروعات الخاصة العملاقة ليبراليين، ومتعهدو الأجندات الاختراقية ليبراليين، وأخيراً لوبي المصالح الاقتصادية سواء بالحزب الحاكم أو غيره يمثلون الليبرالية الجديدة.. وهكذا صارت الليبرالية مرتعاً يوصف بها كل من كان ليبرالياً حقيقياً وصادقاً وكل من لا يفقه شيئاً عنها سوي أنها تعني الحرية بلا حدود والاستفادة من التغيرات الحادثة في العالم.
وقبل البدء في تفنيد تلك الالتباسات نود الإشارة إلي أن هناك فروقات واضحة بين الليبرالية والليبراليين، كما أن هناك خلطا بين الديمقراطية والليبرالية، فكل من يؤمن بالديمقراطية وبتفعيل آلياتها صار ليبرالياً وهذا غير صحيح. فتعريف الديمقراطية يوضح بادئ ذي بدء أمرين. الأول هو أن الديمقراطية لا تتعلق فقط بمجال الدولة أو الحكومة حسب ما ننزع عادة إلي اعتقاده. فالمبادئ الديمقراطية ذات صلة وثيقة بالاتخاذ الجماعي للقرارات في أي نوع من التجمعات. ذلك أن هناك في الواقع علاقة مهمة بين الديمقراطية علي مستوي الدولة أو الحكومة وبين الديمقراطية في المؤسسات المجتمعية الأخري. بيد أن الديمقراطية علي مستوي الدولة ذات أهمية حاسمة، بالنظر إلي أنها التجمع الأكثر شمولاً، وأن من حقها تنظيم شئون المجتمع ككل، وأن لها سلطة علي أعضاء الجماعة.
والأمر الثاني هو أن الديمقراطية ليست سمة مطلقة إما أن تكون كاملة أو لا تكون، تتوفر لأي مجتمع بكاملها أو لا تتوفر له علي الإطلاق. وإنما هي بالأحري مسألة نسبية تتعلق بمدي تحقق مبدأي الرقابة الشعبية والمساواة السياسية، وبمدي الدنو من المثل الأعلي للمساواة في المشاركة في اتخاذ القرارات الجماعية. وقد تعارفنا علي إطلاق صفة "الديمقراطية" علي الدول التي تكون فيها الحكومة مسئولة أمام الشعب من خلال الانتخابات التنافسية للمناصب العامة، ويكون جميع الراشدين فيها متساوين في الحق في الاقتراع وفي الترشيح للانتخابات، وتكون الحقوق المدنية والسياسة مكفولة قانوناً. بيد أن أياً من هذه الدول لا تحقق أي الممارسة مبدأي الرقابة الشعبية والمساواة السياسية علي الوجه الأكمل الذي ينبغي لها. ومن ثم فإن جهود تحقيق الديمقراطية لا تنتهي أبداً، والديمقراطيون
في كل مكان منهمكون في نضال من أجل دعم وتوسيع نطاق المبادئ الديمقراطية، أياً كان نظام الحكم أو النظام السياسي الذي قدر لهم أن يعيشوا في ظله. أما الليبرالية فهي تختلف جذرياً، فمعظم الدول الغربية أصبحت "ليبرالية" قبل أن تصبح ديمقراطية. أي أنها أقامت نظاماً دستورياً ليبرالياً قبل أن تمنح حق الاقتراع العام أو تنشئ أحزاباً سياسية كبيرة. وقد كانت السمات الرئيسية لهذا النظام هي: إخضاع الحكومة أو السلطة التنفيذية للقوانين التي يقرها برلمان منتخب "سيادة القانون"، وكفالة حقوق الأفراد في الدعاوي القضائية وفقاً للقانون، وفي حرية التعبير والاجتماعات والانتقال، ووجود سلطة قضائية مستقلة عن الحكومة وعن البرلمان بما يكفي لتكون حارساً علي القانون وعلي هذه الحقوق الفردية. وقد ثبت تاريخياً أن الديمقراطيات التي تم فيها منح حق الاقتراع العام وإنشاء الأحزاب السياسية الجماهيرية دون دعم سابق لهذه السمات الدستورية الليبرالية ديمقراطيات مزعزعة جداً.
وهذا يؤدي بنا إلي سبب عملي ثان في أن النظام الدستوري والديمقراطية يتوافقان معاً. فللحكومة في دولة حديثة سلطات ضخمة تحت تصرفها. فإذا لم تبق الحكومة، أياً كانت شعبيتها، خاضعة للقانون مثل أي فرد آخر، أو إذا لم تلزم بالتماس الموافقة علي التشريعات من البرلمان طبقاً للإجراءات المقررة، أو لم تحترم حريات مواطنيها مهما تكن ممارستها غير مستحبة أحياناً، فسرعان ما سيفقد الشعب قدرته علي مراقبتها. فالديمقراطية ليست نظاماً يعطي للناس أي شيء يطلبون في وقت معلوم أو في أقصر وقت أمكن، وإنما هي تكفل الظروف المناسبة لممارسة تأثيرهم ورقابتهم علي الحكومة علي أساس متواصل. وقد تبين أن من بين هذه الظروف تلك العناصر الأساسية في النظام الدستوري الليبرالي السابق إيضاحها سيادة القانون، والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وضمان الحقوق والحريات الفردية.
وهذه السمات، التي تنطوي عليها "الدستورية"، إلي جانب العناصر المكونة الأخري للديمقراطية، تجد أفضل حماية لها في دستور مكتوب تكون فيه حقوق وواجبات المواطنين، وكذلك أجهزة الدولة المختلفة، محددة بوضوح ومعرفة لعامة الناس. ويكفل الاعتراف بالوضع الخاص للدستور بإلزام المسئولين العامين بأداء قسم الولاء له، فوق أي اعتبار أو مصلحة حزبية أو طائفية، ومن خلال اشتراط تدابير خاصة، كأغلبية أو استفتاء، إذا ما أريد تغييره. ومع ذلك فإن احترام الدستور المكتوب لا يكون مضموناً في الممارسة إلا بقدر ما تكون هناك هيئة قضائية مستقلة تتمتع بالسلطة والتصميم علي إنفاذه، ويكون الجمهور عامة يقظاً في الدفاع عنه.
فهل تبين الاختلاف؟ وهي أدركنا أنه من الممكن أن يكون هناك ليبراليون، ولكن ليس بالضرورة يتوفر المناخ الديمقراطي؟ وهل أدركنا الفروقات بين دعاة الديمقراطية ودعاة الليبرالية؟ وهل أدركنا حجم النضال لإقامة الديمقراطية والفرق بينها وبين بناء مجتمع ليبرالي حقيقي؟ وأخيراً هل أدركنا الفروقات الواضحة والبينة بين كل الأسماء التي ذكرناها في مقدمة المقال؟ أعتقد أنه علي الأقل- قد تم نفض الغبار عن بعضها وفهم التباسات المصطلحين للبعض الآخر وأن ليس كل ما يؤمن بالديمقراطية ويدعو إليها ليبرالياً.. فالعبرة فيما بعد الديمقراطية.. هل ستكون الليبرالية أم العودة للأيديولوجيات البائدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.