يتوجه الفرنسيون صباح غدا الأحد إلى مراكز الاقتراع فى أنحاء البلاد للادلاء بأصواتهم فى الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية واختيار 577 نائبا بالجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) الجديد من بين 6611 مرشحا تمثل المرأة فيها نحو 40%. وينتظر الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند فوز اليسار بالأغلبية حتى يتسنى له تطبيق برنامجه الانتخابى، وعلى الرغم من أن جميع استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم اليسار في الانتخابات التشريعية الفرنسية، ممثلا في الحزب الاشتراكي وجبهة اليسار والخضر، فيما يحتل حزب الرئيس الخاسر في سباق الإليزيه الأخير، نيكولا ساركوزي، الرتبة الثانية، ويأتي اليمين المتطرف في المرتبة الثالثة إلا أن جميع السيناريوهات تبقى مفتوحة وتحددها نسب التصويت غدا.
ويقول المحللون الفرنسيون إن فوز معسكر اليسار في هذه الانتخابات سيكون بمثابة تزكية لفوز فرانسوا اولاند في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ومنحه الأغلبية المريحة التى يتطلع إليها مما سيوفر له هامشا للتحرك المطلوب لتطبيق برنامجه الانتخابي الذي تعهد به خلال الحملة للانتخابات الرئاسية وتأكيد جديد من جانب الفرنسيين لرفضهم لسياسة اليمين خلال الولاية السابقة.
وتعد هذه الانتخابات حاسمة بالنسبة للرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا أولاند الذى فاز فى السباق الرئاسي فى مطلع الشهر الماضى حيث يسعى حزبه اليسارى للفوز بالأغلبية المطلقة بالمقاعد البرلمانية لإبعاد شبح التعايش السياسي حال حصول اليمين التقليدى "حزب الإتحاد من أجل حركة شعبية" على الأغلبية مما يفرض بحسب النظام الدستورى شبه الرئاسي رئيسا للحكومة من الأغلبية البرلمانية وبالتالى سيعيق هذا الأمر الرئيس الفرنسي من حرية تنفيذ وعوده الانتخابية.
كما يعول اليمين الفرنسي على الفوز بأغلبية المقاعد وتعويض خسارته فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة وتشكيل الحكومة الجديدة.
ووفقا لمحليين فان رهانات عدة ترسم ملامح الانتخابات التشريعية الفرنسية منها تلك التي لها علاقة بمستقبل اليسار واليمين التقليديين وطموحات حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن فى تشكيل المعارضة داخل البرلمان.
كما تمثل الانتخابات التشريعية بالنسبة للحزب الاشتراكي (اليسار) فرصة لتجنب تقاسم السلطة التنفيذية مع أحزاب اليمين التقليدي طوال خمسة أعوام.
ولا يألو أعضاء الحزب الاشتراكى بما فيهم رئيس الدولة الحالي ورئيس الحكومة التي شكلت بعد الانتخابات الرئاسية الماضية جهدا لمطالبة الفرنسيين منحهما أغلبية برلمانية قوية للسماح لهما بمحاولة تنفيذ البرنامج الرئاسي الذي دافع عنه أولاند خلال حملته الانتخابية كما يعولان كثيرا على تعديل دستوري حصل قبل سنوات ويهدف إلى تنظيم الانتخابات التشريعية مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية لمحاولة منح الفائز في أعقاب الانتخابية الرئاسية أغلبية برلمانية ولكن هذا التعديل لا يمكن أن يتحكم فيما يقرره الناخبون عندما يتوجهون إلى مكاتب الاقتراع.
ويشير محللون سياسيون إلى أن الرهان الأساسي فى هذه الانتخابات يتمثل فى إلى أحزاب اليسار الأخرى وفى إمكانية اضطرار الحزب الاشتراكي إلى تجنب حكومة تعايش بين اليسار واليمين عبر الحصول على أغلبية برلمانية من خلال ائتلاف تشكله مقاعد كل أحزاب اليسار.
وأما أحزاب اليمين التقليدي الذي حكم البلاد خلال السنوات الخمس الماضية فإنها تسعى بدورها عبر هذه الانتخابات إلى العودة إلى السلطة من خلال حكم تعايش مع فرانسوا أولاند بالرغم من أنها كانت من قبل على غرار أحزاب اليمين واليسار تعترض على مبدأ تقاسم الحكم انطلاقا من الدروس المستوعبة من تجارب التعايش السابقة بين اليمين واليسار.
ويبذل اليمين قصارى جهده لدعوة الناخبين إلى عدم الامتناع عن التصويت حيث ناشد رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرانسوا فيون كل الذين امتنعوا عن التصويت أو صوتوا لصالح الأحزاب المتطرفة خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة إلى الالتفاف حول مرشحي حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية لكسب رهان الانتخابات التشريعية المقبلة والحيلولة دون فوز اليسار بأغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية.