الاهتمام بأطفال الشوارع قديم قدم الفقر والعوز فى مصر، فقد تم إنشاء معسكرات تدريب وتأهيل لأطفال الشوارع لأول مرة إبان حكم محمد على باشا، فجمع 300 ألف مشرد بمعسكر وجلب لهم مدربين فرنسيين فى شتى المهن، فأجادوا الحرف والفرنسية. وفى أواخر الأربعينيات تم إنشاء ما يعرف ب«هيئة معونة الشتا» بهدف إقامة مساكن دافئة للفقراء والمشردين، وفرضت طوابع «تبرعات» باسمها، وبعد قرابة قرن من الزمان استفحل الوضع، ووصل فى بعض التقديرات من 3-6 ملايين طفل بشوارع مصر، قنبلة موقوتة بلا مأوى محرومين من الرعاية والحماية، يعانون من مشكلات صحية واجتماعية ويتعرضون للاعتداءات الجنسية، ينتهكون القانون ويقومون بعمليات سرقة وتسول وعنف.. والأهم يعانون من رفض المجتمع لهم كونهم غير مرغوب فيهم، وبالتالى يعتبرون بمثابة لقمة سائغة يمكن استغلالها ببساطة فى أعمال العنف والتخريب. وكانت لدينا خطة قومية غير ناجحة لمكافحة أطفال الشوارع منذ 2003 والمجلس القومى للطفولة. معالجة المشكلة من الجذور تستلزم مراجعة مجتمعية لأسبابها، لأن هؤلاء الأطفال لهم الحق فى الحياة الأسرية والتعليم والتغذية واللعب وغيرها. وهناك فئتان من أطفال الشوارع: فئة أطفال عاملين فى الشارع.. وفئة «أطفال الشارع» الذين هربوا لأسباب كالفقر الشديد، العنف، والطلاق ثم زواج الوالدين مرة أخرى أو قسوة العمل المدفوعين إليه من خلال الأسرة.. والحل يتطلب تعزيز المشاركة المجتمعية وإيلاء الاهتمام بوزارة مستقلة للطفل لتقديم الحماية المطلوبة ولتجفيف منابع توارد الأطفال للشوارع، وبما يستلزم تقوية قانون حماية الأطفال ونشر البيوت الآمنة ومراكز تنمية الطفل للحماية من العنف الأسرى مع إقامة لجان خاصة بتربية الكوادر منهم، والاعتماد على أجهزة رقابة شعبية وتمكين الآباء من الحصول على إجازة رعاية الطفل بأجر لمدة 4 أسابيع مدفوعة بالكامل لمرتين فى العمر. وزيادة مخصصات المرأة المعيلة بعدد أطفالها، خاصة سن الحضانة، مع إقامة «مجلس الأسرة المصرية للرعاية المستدامة» كمنظمة جامعة تنشر «مراكز الرعاية اليومية» لاستضافة أطفال الشوارع، مفتوحة باستمرار على مدار النهار والليل يدخل فيها من يريد تناول الطعام والشراب ولو أراد أن يستريح أو يبيت بإرادته حتى يرتاح الطفل للمكان، وتوفير التعليم والرياضة والهوايات المختلفة لمنحهم فرصة لحياة أفضل. وتوفير لكل طفل أفضل بداية ممكنة لحياته، بإنشاء مدينة متكاملة نموذجية يديرها «مجلس الأسرة المصرية للتنمية المستدامة»، وتقوم بتصميم وتخطيط وتنفيذ برامج وقائية وعلاجية جديدة لمواجهة ظاهرة أطفال الشارع مثل: برنامج خلق وعى مجتمعى بحجم المشكلة وضرورة مساهمة الجميع فيها (فرض معونة «الستر»)، ودعوة وتشجيع الصناديق الاجتماعية والتبرعات ومصارف الزكاة لتشمل تمويل برامج جمع شمل أطفال الشارع مع ذويهم، التعليم والتدريب المهنى، زيادة الدخل لأسر أطفال الشارع، الأسر البديلة، التوظيف، المساهمة فى بناء مؤسسات حكومية وغير حكومية (أهلية) واسعة الانتشار قادرة على التعامل مع مشكلة أطفال الشارع بفاعلية وكفاءة عالية، فهل يصعب علينا إقامة حى خاص بالأطفال وقاطنى الشوارع من طابع الستر تفرض لمدة 6 شهور على جميع منافذ تقديم السلع والخدمات داخل وخارج مصر، حتى يتم توفير رأس مال كاف لإقامة المدينة، ثم يتم حصر فرضها على القادرين فقط، ويدير حصيلة التبرعات «مجلس الأسرة المصرية للرعاية المستدامة»؟!.
