محطاّت فارقة شهدتها غينيا كوناكري منذ استقلالها في 1958.. رصيد حافل بالاضطرابات يشمل انقلابين اثنين والعديد من أحداث العنف الدامية.. أما اليوم، فتستعدّ البلاد لإجراء انتخاباتها الرئاسية التي يؤمل أن تكون ديمقراطية وحرة، رغم استمرار الاشتباكات بين أنصار المرشّحين الأبرز لهذا السباق الانتخابي الحاسم والذي سيكون بمثابة المحدّد لقدرة البلاد على تكريس مبادئ الديمقراطية، بحسب مراقبين. ووفقا لما جاء على وكالة "الأناضول" للأنباء هذا استعراض لأهم المحطات السياسية الفارقة في تاريخ غينيا منذ الاستقلال: الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 1958: تاريخ حاسم بالنسبة لبلد كان في الماضي جزء من امبراطورية غانا، قبل أن يصبح محمية ومستعمرة فرنسية منذ 1849 حتى نال استقلاله في 1958. فور إعلان الاستقلال، تقلّد أحمد سيكو توري الحكم، ليصبح بذلك أوّل رئيس للبلاد بعد الاستقلال، وقد حكم شعبه بقبضة من حديد لأكثر من عقدين، إلى أن توفي في 1984. في منتصف ستينيات القرن الماضي، واجه نظام توري صعوبات ناجمة عن بروز تململ سرعان ما تحوّل إلى احتجاجات وانتقادات من قبل بعض المعارضين في غينيا البرتغالية (غينيا بيساو). عقب موت توري في 1984، استولى العقيد لانسانا كونتي، في أبريل نيسان من العام نفسه، على الحكم. حكم لانسانا البلاد لمدة 9 سنوات قبل أن يقرر، في 1993، تنظيم أول انتخابات تعدّدية في غينيا، فاز بها في اقتراع لاقى انتقادات حادة من قبل المعارضة. 5 سنوات إثر ذلك، وتحديدا في 1998، شهدت البلاد انتخابية رئاسية جديدة فاز بها لانسانا من جديد، ليواجه الأخير الانتقادات اللاذعة نفسها من قبل المعارضة، والتي وصفت الاقتراع بغير القانوني. احتجاجات وضعت رموز المعارضة آنذاك، وأبرزهم ألفا كاندي، تحت المجهر، وقادت نحو اعتقال الأخير. في 2000، نال كوندي حكما ب 5 سنوات سجنا بتهمة التآمر والتمرّد، قبل أن يطلق سراحه بضعة أشهر إثر ذلك (في مايو أيار من العام نفسه). في 2001، نظّم لانسانا استفتاء دستوريا للترشّح لولاية رئاسية ثالثة. وبمجرّد اجتيازه للعقبة التي تحظر عودته للقصر الرئاسي من جديد، بما أنّ دستور البلاد يحدّ الولايات الرئاسية باثنتين، أعيد انتخابه للمرة الثالثة في 2003، في انتخابات قاطعتها المعارضة.. في يناير كانون الثاني 2007، دعت النقابات العمالية إلى إضراب وطني جوبه بقمع من قبل العسكريين، وأسفر عن مقتل الكثيرين. في 23 ديسمبر كانون الأول 2008، اعلنت الحكومة وفاة لانسانا إثر صراع طويل مع المرض. ومن الغد، أعلن الكابتن موسى داديس كامارا الانقلاب، واستولى على مقاليد الحكم في البلاد، معلنا الدخول في مرحلة انتقالية تدوم لعامين. وأمام الرفض الذي أبدته "المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا" للمرحلة الانتقالية، اضطر داديس كامارا لإعلان تنظيم انتخابات قبيل 2009. في 28 سبتمبر أيلول 2009، نظمت حركات مدنية مسيرة سلمية دعت من خلالها كامارا إلى الإلتزام بوعده بعدم الترشّح للانتخابات الرئاسية. مسيرة جوبهت بقمع عنيف من قبل قوات الجيش التي فتحت النار على المتظاهرين، ما أسفر عن مقتل المئات (بين 150 إلى 200 قتيل)، بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش". في 03 ديسمبر كانون الأول من العام نفسه، وقع استهداف داديس كامارا بمحاولة اغتيال نسبت إلى مساعده أبوبكر صديقي دياكيتي المعروف ب "تومبا"، قبل أن يتم إرساله إلى المغرب لتلقي العلاج، ومن هناك توجّه نحو العاصمة البوركينية واغادوغو، حيث لا يزال هناك حتى الآن. وإثر رحيل كامارا، تقلّد وزير دفاعه سيكوبا كوناتي مهام إدارة البلاد، ومنح منصب رئاسة الحكومة المؤقتة للمعارضة، تمهيدا لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة. ومع انتهاء الفترة الانتقالية التي دامت بالكاد عاما واحدا، أجرت غينيا كوناكري، في 2010، أوّل انتخابات وصفها المراقبون ب "الحرة" و"النزيهة"، ونالت القبول من طرف الجميع. واستطاع ألفا كوندي نيل تأشيرة العبور نحو القصر الرئاسي، وذلك إثر معركة انتخابية شرسة ضدّ خصمه سالو دالان ديالو. ورغم دخول البلاد مرحلة جديدة تحمل آمالا كبيرة بالديمقراطية، إلاّ أنّ التوتر السياسي ظلّ طاغيا على ملامح المشهد العام فيها. 3 سنوات إثر ذلك، نظم كوندي، في 2013، انتخابات تشريعية في أعقاب احتجاجات سياسية بقيادة أحزاب المعارضة في البلاد، والتي تحدّثت، حينذاك، عن مقتل 60 شخصا وإصابة آخرين بجروح إثر تعرّضهم للطلق الناري من الأمن. مواجهة شرسة من المنتظر أن تجمع، غدا الأحد، الرئيس الغيني المنتهية ولايته ألفا كوندي، والممسك بزمام الحكم في البلاد منذ 2010، و7 مرشّحين أبرزهم زعيم المعارضة وخصمه الأزلي سالو دالان ديالو (مرشح حزب اتحاد القوى الديمقراطية لغينيا، أبرز تشكيلات المعارضة). ودعي للتوجه الى صناديق الاقتراع، غدا الأحد، نحو 6.7 مليون غيني للإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة..