هل أخطأ الديمقراطيون؟! طه خليفة وصلاً لحديثنا أمس عن مفاجأة المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية جون ماكين باختياره لحاكمة آلاسكا سارة بالين نائباً له لتكون أول سيدة يتم ترشيحها لهذا المنصب في تاريخ الانتخابات الرئاسية في هذا البلد فإن هذه الخطوة غير المتوقعة من جانب المعسكر الجمهوري ربما أربكت حسابات المعسكر الديمقراطي بقيادة باراك أوباما والمرشح نائباً له جوزيف بايدن. بدا هذا المعسكر كما لو كان قد أسقط في يديه إذ كان متوقعاً بدرجة كبيرة أن يكون الديمقراطيون هم المبادرون وأصحاب السبق في اختيار امرأة - لأول مرة- نائباً لمرشحهم للرئاسة. وكانت المعادلة التوفيقية في هذا الصدد أن هيلاري كلينتون ستكون هي نائبة أوباما. هيلاري علقت حملتها في نهاية سباق الانتخابات التمهيدية بعد أن حصل منافسها أوباما علي العدد الكافي من أصوات المندوبين لترشيحه في المؤتمر العام للحزب الديمقراطي لكنه كان يحتاج في هذا المؤتمر إلي دعم هيلاري سياسياً وشخصياً لما لها من شعبية كبيرة وسط النساء والعجائز والطبقة العاملة والأمريكان من أصول لاتينية واسبانية وكانت الترجيحات تقول إن هيلاري نائبة لأوباما معادلة جديدة وغير تقليدية وخروج علي كل مألوف في السياسة الأمريكية والتجارب الانتخابية السابقة كلها. وهذه المعادلة كفيلة بتوحيد الحزب وتمتينه وراء مرشحيهما وترجمة عملية لشعار التغيير الذي جذب الكثيرين للمرشح الأسود الشاب أوباما. لكن حسابات أوباما وفريقه سارت في اتجاه آخر وهو البحث عن الخبرة الواسعة في السياسة الدولية والشؤون الخارجية التي وجدها عند بايدن ولم يجدها عند هيلاري رغم مخاطر هذا الاختيار عليه من فقدان تعاطف أنصار ومحبي هيلاري الذين أراد ماكين بذكاء وخبث أن يسحب ما يستطيع منهم بتقديم وجه نسائي جذاب وشاب ونشط وناجح ومحافظ مثل سارة بالين لتكون علي بطاقته الانتخابية نائباً له. لقد سقط هذا الاختيار علي رأس الثنائي أوباما - بايدن ومع ذلك فهما رحبا به لكنهما انتقدا ماكين بسبب عدم خبرتها بالشأن الخارجي. والمفارقة أنها نفس التهمة التي وجهت إلي أوباما. لقد بدأت تساورنا شكوك في أن يتقدم الديمقراطيون هذه المرة أيضاً نحو البيت الأبيض ولننتظر انتهاء مؤتمر الجمهوريين بعد ثلاثة أيام لنري ماذا تقول استطلاعات الرأي بين المتنافسين حيث ستعطي إشارات لها دلالة لمن يتقدم في هذا السباق الحامي الوطيس. ومن إدهاشات الأمريكيين أيضاً أن الديمقراطي أوباما يصنف علي أنه من الجناح الليبرالي في الحزب بينما المرشح نائباً له بايدن هو من الجناح المحافظ، وبالتالي فالاثنان يكملان بعضهما ليس سياسياً فقط، إنما فكرياً وأيدلوجياً أيضاً لضمان التمثيل الكامل لكل أجنحة الحزب ولإرضاء جميع الديمقراطيين. وبالمقابل فإن الجمهوري ماكين يعرف عنه أنه من الجناح المعتدل غير المتشدد في الحزب والمرشحة نائبة له سارة بالين تنتمي للجناح المحافظ جداً، وبالتالي فإنهما يكملان بعضهما البعض ويعكسان كافة التيارات والمواقف والأجنحة داخل الحزب الجمهوري ويرضيان الناخب الجمهوري بكل تلاوينه وتوجهاته. أخيراً توقفت أمام أن سارة لديها خمسة أطفال وهي ضد الإجهاض تماماً فهل يعني ذلك أنها لا تؤمن بتنظيم ولا بتحديد النسل؟!. هذا هو الواضح وهو ما أوجهه إلي ساستنا حيث لم يمنع الإنجاب المتكرر للسيدة بالين من أن تمارس نشاطها السياسي وتنجح فيه وتصل إلي مكانة رفيعة في المجتمع الأمريكي، وربما تكون بعد أشهر قليلة نائباً للرئيس الأمريكي فهل يفهمون أن الإعاقة ليست في كثرة الإنجاب إنما في انغلاق العقول والقلوب. عن صحيفة الرايه القطريه 1/9/2008