انسحاب بريطانيا وزيارة بوش وليد الزبيدي رغم جميع الخطوات التي مهدت لانسحاب القوات البريطانية من القصور الرئاسية إلى مطار البصرة ، الا ان الحدث اثار ضجة كبيرة ، واهتمت به الكثير من الدول وتابعت ذلك وسائل الإعلام ، واثار نقاشات داخل الاوساط السياسية والعسكرية ، واذا اعطى ذلك الانسحاب طمانينة بدرجة جيدة لأفراد القوات البريطانية ، ومثل ذلك لعوائلهم التي تعيش في حال من الترقب والخوف والقلق على حياة ابنائهم،خشية التحاقهم بركب من سبقهم من قتلى وجرحى ومعاقين ، الذين سقطوا في العراق،منذ عام 2003،عندما دفعت بريطانيا بقواتها للمشاركة بفاعلية في غزو واحتلال العراق ، فإن انعكاسات هذا الانسحاب النفسية على معنويات الجنود والضباط الاميركيين لم تكن سهلة ، وذلك للأسباب الثلاثة التالية: 1-ان القوات الأميركية ، تجد ان البريطانيين يسيرون خلف قيادتهم في البيت الابيض ، ولايمكن مخالفة ماتريده هذه القيادة ، قبل الغزو وبعد الاحتلال ، ولكن عندما يصل الامر إلى انسحاب القوات البريطانية من أهم مقراتها وبهذه الطريقة ، فإن ذلك يعطي مؤشرا على ان التبعية البريطانية العمياء للادارة الأميركية ، لم تكن كما كانت عليه ، ولاشك ان الجيش الاميركي في العراق ، يفسر ذلك ، على انه خروج جزئي بريطاني عن تلك الطاعة ، وهذا لم يحصل دون قناعة تامة من القيادة البريطانية بضعف الادارة الاميركية بسبب تردي اوضاع قواتها في العراق. 2-ان خروج القوات البريطانية من ساحة الحرب في العراق ، يؤكد ان المشروع الاميركي الذي تقاتل القوات الاميركية من اجله قد اوشك على الهلاك ، لانه يفقد احد اهم مرتكزاته وهي القوات البريطانية ،التي تأتي في الترتيب الثاني بعد القوات الاميركية من حيث العدد والسلاح والأهمية ، وعندما يدرك الجيش الاميركي ان المشروع على وشك الهلاك والانهيار، فانهم يتجهون الى التفكير بحياتهم والمحافظة عليها ، وترقب لحظة خروجهم من الجحيم العراقي الذي يزداد سعيرا في كل يوم. 3-ان خلاصة الانسحاب وهلاك المشروع ، تزيد من حالة اليأس التي تهيمن على الجيش الاميركي،خاصة ان الاميركيين يعيشون في اكثر مناطق العراق سخونة،حيث تشن المقاومة العراقية هجماتها الشرسة واليومية ضد هذه القوات،وان انسحاب القوات البريطانية،يؤكد الشائعات التي تدور حول قرب انسحاب القوات الاميركية او انهيارها،وهذا مايزيد من حالة اليأس والإحباط لدى الجنود والضباط الاميركيين. من هذه القناعة،سارع بوش إلى زيارة قاعدة عين الاسد غرب العراق،في محالة لبث شئ من الامل،عسى أن يخفف من اليأس والرعب الذي يمتلك جنوده وضباطه،لكن الموج القادم من الجحيم العراقي أكبر وأشرس. عن صحيفة الوطن العمانية 11/9/2007