من منا لم يغازلها وتغازله؟؟ .... من منا لم تبهره بالبلو جينز الضيق والبيف برجر الشهي والهوت دوج والشورت الساخن؟؟ ... من منا لم تُذهله مرتفعاتها المعمارية الشاهقة، المغروسة فى قلب مدنها الساحرة؟؟ .... من منا لم تأسره بحريتها التي لا حدود لها، ولم يعبد تمثالها الممتشق شعلته النارية على رصيف مينائها النيويوركي العتيق؟؟؟
إنها أمريكا، التى بمقدورك أن تحبها أو تكرهها ولكن لا يمكنك أبدا أن تتجاهلها... تستطيع دوما أن تنتقدها ولكنك فى النهاية - غالبا - لا تجرؤ على مقاومتها... تماما كما يَفعل ويُفعل بِهمُ الرؤساءُ والقادة فى كل زمان ومكان بعصرنا الحديث، الذي لم يعرف أقوي منها دولة ولا أعتي منها إمبراطورية، ولا أشد منها بطشا إذا غضبت، العراق نموذجا... ولا أكثر منها سخاء إذا رضيت..... حتى اسألوا حبها الأول والأخير: إسرائيل...........!!!
إنها البلد الذي ذهب عشقها بعقول الرجال، وكيف ننسي السادات يهذي فى كل مناسبة، مستسلما لها أمام الجميع، معلنا بجرأة أقرب للوقاحة دون أدني خجل: 99 % من أوراق اللعب في يديها...!
وهي التي من قبل، أبرزت أنيابها ومخالبها، حينما تراجع ناصر فى اتفاقه السري معها فى بداية حكمه، ظاناً أنه يستطيع "اللعب" سياسيا معها .. فمكرت له وداسته بقدميها وطردته شر طردة من جنتها، وجعلته أمثولة أمام بقية العرب أجمعين فتعلموا الدرس جيدا وظلوا من بعده لها وحتى الآن: عُبَّادا خاضعين...
وهي الكعبة البيضاء التى حج مبارك إليها كل عام، ملتمسا البركة بين ذراعيها، مرتميا فى مخدعها، خالعا أمن بلاده القومي على باب حجرتها، ولكن ... عندما وجدته قد فقد بريقه وذهبت فحولته التى أذل بها شعبه، رجمته مع الراجمين، وتركته فى النهاية وحيدا شريدا ملعونا فى غياهب السجن...! إنها أمريكا ... أشهر عاهرة فى التاريخ... ولأنها عاهرة: فعلينا دوما أن نتذكر النهاية التقليدية لمن هن مثلُها، نهاية قد تكون تراجيدية .. أو حتى دامية .. لكنها أبدا ودوما قاسية. إنها النهاية ذاتها التى تحدث عنها إله أمريكا وإله كل شيئ، بقوله تعالي: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا). إن نظرة سريعة إلى سجل الجرائم التى ارتكبتها أمريكا فى حق البشرية لا تكفي مطلقا، لذا فقط بإمكاننا المرور عليها سريعا، ذلك لكي لا تأخذنا بها شفقة ولا رحمة حينما تحين نهايتها... وهي قادمة ربما قريبا جدا:
أجداد برابرة لم تتأسس الولاياتالمتحدة الأميريكية، إلا بعد أن قامت عصابات أوروبا وعاطليها ومتطرفيها البروتستانت بعبور الأطلنطي واحتلال أراض القارة التى احتضنت شعوب الآزتيك والمايا والبوهاتن والأنكاس، لآلاف السنين، وخلال عشرين عاما فقط، تم إبادة أكثر من مائة وعشرين مليون نسمة من الهنود الحمر، بعد أن عجز السفاحون البرابرة عن تحويلهم إلى عبيد، وذلك من خلال سلسلة طويلة من الحروب التى استخدمت فيها الأسلحة المتطورة فى هذا العصر مقارنة بما كانت لدي سكان الأرض الأصليين، وبما في ذلك عمليات الإبادة الجماعية بنشر الأوبئة كالجدري والطاعون، وهي بلا جدال أبشع جرائم الإبادة الإنسانية فى التاريخ. والثابت تاريخيا أن الحكومة الأميريكية كانت قد أصدرت قانونا عام 1865، ينص على حق كل مواطن أبيض فى الحصول على مكافأة كبيرة حال تقديمه فروة رأس يتم سلخها من جثة أي هندي أحمر، رجلا أو طفلا أو امرأة... والثابت أيضا أنها أصدرت قانونا يقضي بتهجير من تبقي من شعوب الهنود الحمر إلى غرب القارة، فى سبيل الاستيلاء على أراضيهم، وقد بلغ عدد المهجرين نحو سبعماءة ألف إنسان، مات كثير منهم في الطريق، واشتهرت هذه الرحلة باسم: رحلة الدموع. هكذا......................... تأسست أمريكا.
عبيد أمريكا لأول مرة فى التاريخ اجترأ شعب على القيام بأكبر جريمة خطف واستعباد لشعوب بأكملها، وهي التى قامت بها أمريكا ضد ملايين السود الأفارقة، ممن جري تحويلهم إلى عمال بالسخرة فى مزارع ومصانع "أسيادهم البيض"، حيث تم شحن أكثر من 200 مليون أفريقي (ما يساوي عدد سكان أمريكا الآن) عبر المحيط الأطلنطي، مات منهم ملايين أثناء عمليات نقلهم فى رحلات بحرية اتسمت بأسوأ الظروف اللا إنسانية قسوة وتنكيلا. وقد ظل السود فى أمريكا، حتى الآن وبعد كل هذه العقود التى دخل فيها العالم "أزهي عصور المدنية على الطريقة الغربية" مواطنين من الدرجة، وهم حتى الآن يعانون من الاضطهاد العرقي، بل وعادت أخيرا إلى الظهور، جماعات "الكوكس كلان" الإجرامية، التى سبق واشتهرت بانتهاكاتها الدموية ضد المواطنين السود قبل قرون مضت.
الهولوكوست الأمريكي فى الوقت الذي تصر فيه أمريكا وإعلامها وساستها ومؤرخوها على غسل أدمغة الناس فى العالم أجمع، بأكذوبة الهولوكوست النازي ضد اليهود، أثناء الحرب العالمية الثانية، فإنها تتعامي عمدا عن الهولوكوست الحقيقي الذي شنته ضد شعب اليابان، عندما قرر رئيسها الإرهابي "هاري ترومان" إلقاء قنبلتين نوويتين ضد مدينتي هيروشيما وناجازاكي، وذلك على الرغم من أن الحرب العالمية كانت قد وضعت أوزارها، أو قاربت، وكادت الحكومة اليابانية أن تعلن استسلامها، ولكن شهوة القتل والرغبة العارمة فى إعلان أمريكا كقوة لا تقهر، حولت مليونا من اليابانيين إلى جثث مشتعلة فى لحظات، وبذلك كانت أمريكا أول من استخدم أسلحة الدمار الشامل فى التاريخ، ووقف بعدها الإرهابي "ترومان" منتشيا بنصره القذر قائلا: الآن أصبح العالم فى متناول أيدينا....!
كوريا وفييتنام كم كانت المفاجأة صادمة للأمريكيين، حينما توصل الروس إلى سر القنبلة النووية، وأصبح العالم ثنائي الأقطاب، وعلى إثر ذلك اندلعت الحرب الباردة بين القطبين، واشتعلت بالمقابل صراعات عسكرية عديدة على مواقع النفوذ، وفي سبيل إثبات الوجود على الساحة العالمية، تدخلت أمريكا فى كوريا واحتلت فييتنام، وخلال هاتين الحربين، وبخاصة تلك الأخيرة، استخدمت الجيوش الأميريكية أشد أنواع الأسلحة الفتاكة ضد المدنيين، وتشير الإحصاءات الدولية إلى مصرع حوالي مليوني كوري شمالي في الحرب الكورية، بينما قتل فى فيتنام أكثر من 160 ألف شخص، وتم تعذيب 700 ألف شخص، واغتصاب 31 ألف امرأة، وإحراق أربعة آلاف حتى الموت، وإبادة 46 قرية بالأسلحة الكيماوية، حسبما بدأت تقارير المخابرات الأميريكية (سي آي إيه) تكشف شيئا فشيئا، بعد انتهاء فترة الصمت التقليدية (30 عاما).
الانتقام من الأفغان فى أعقاب تدمير البرجين فى العملية الإرهابية المعروفة، قررت أمريكا ضرب قواعد الإرهاب فى أفغانستان، ولكنها فى سبيلها لذلك، قتلت خمسين ألف مواطن أفغاني خلال شهور ثلاثة، وعلى مدي سنوات لاحقة تسبب الحصار في قتل خمسة عشر ألفا من الأطفال.
خراب العراق أخيرا فقط بدأت تقارير وتصريحات خبراء استراتيجيين أميريكيين، تؤكد أن الحرب على العراق لم يكن لها ما يبررها، كما أنها أدت إلى تخريب الاقتصاد الأميريكي لعقود قادمة، على خلفية تكاليف عمليات الحصار الطويل ثم الغزو ثم الاحتلال، منذ عام 2001 وحتى عام مضي. وبالمقابل، أكدت الإحصاءات أن الشعب العراقي قد تحول من أكثر شعوب المنطقة حضارة وقوة وازدهارا، إلى بلد تعيش فى القرون الوسطي، بعد أن تم قتل الملايين وإصابة ملايين أخري من الأطفال والرضع بالأمراض والعمي والسرطان، نتيجة القصف بالمئات من قنابل اليورانيوم، وهي الجرائم التى دعت بعض "الشرفاء" الأميريكيين، إلى رفع دعاوي قضائية ضد الماسوني الأول في العالم: "جورج بوش" باعتباره مجرم حرب.
إسرائيكا لم يشهد التاريخ حلفا قذرا كما شهد ذلك الذي نشأ بين الولاياتالمتحدة الأميريكية و"إسرائيل"، وهو التحالف الذي مكن الأخيرة من شن مئات من المذابح وحروب الإبادة والعدوان ضد الفلسطينيين وعدد من دول المنطقة، على رأسها مصر ولبنان وسورية والأردن، وذلك فى ظل حماية دائمة من جانب "الجدار الواقي" الأميريكي. وهاهما حليفي الشر، يعدان العدة حاليا لعدوان جديد ومذابح أبشع ضد شعوب المنطقة، والبداية المتوقعة خلال شهور: إيران....!
عاهرة حقا ... اليست كذلك؟ وإن كنت - عزيزي القارئ - لم تصدق بعد فرجاء أن تقرأ المقال مرة أخري ... وعندها صدق .... أو لا تصدق.