حصل الرئيس د. محمد مرسي على العلامة الكاملة بكل تأكيد، فى التعامل والعدوان الصهيوني ضد قطاع غزة المحاصر، معبرا عن أحلام وآمال مصر الثورة، ورائدة الربيع العربي، فيما وكعادته، فشل فشلا ذرعا فى التعامل وقضايا بني جلدته، لدرجة أن اليوم الذي ارتفع فيه عدد شهداء العدوان الصهيوني من الفلسطينيين إلى خمسين، سقط فيه بالتزامن خمسون قتيلا مصريا فى حادث اصطدام قطار بحافلة نقل طلاب بأسيوط، فى تكرار تقليدي لكوارث السكك الحديدية فى مصر، سواء قبل الثورة أو ما بعدها. الفارق الواضح بين نجاح مرسي عالميا، وفقر أدائه على المستوي المحلي يثير تساؤلات عدة، منها على سبيل المثال، هل هذا الفرق يرجع إلى المساحة الواسعة من المرونة المتاحة للرئيس على الصعيد الدولي، وحريته فى صنع القرار السياسي بالتعاون وفريق عمل الخارجية المصرية، مقارنة بضيق خياراته وقدرته على صنع القرار الداخلي، فى ظل تدخل قوي أخري متضاربة المصالح، منها من تحاول فرض سيطرتها، وأخري تحاول عرقلة اتخاذ أية قرارات إيجابية تصب فى صالح المواطن المصري؟؟ الإجابة بكل تأكيد، يمكن استشفافها فى تضارب مسارات صنع القرار على المستوي المحلي، ففي حين رصد مراقبون أكثر من مناسبة، واجهت فيها مؤسسة الرئاسة، محاولات فرض الرأي من جانب جماعة الإخوان المسلمون – التى ينتمي إليها الرئيس – فقد رصدت تقارير أخري أكثر من واقعة كان أبطالها من فلول النظام البائد، ممن لا زالوا فى مواقع السلطة، ويحاولون جاهدين إما إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أو على الأقل إفشال أية محاولة جادة للإصلاح.............. والسطور القادمة تكشف نماذج من هذا التضارب الذي يكاد يودي بالمصالح القومية العليا للدولة، إلى أسفل سافلين: أولا: ملف الأمن، ويشهد استمرار الإنفلات الأمني الواضح فى معظم محافظات مصر، فيما استقرت الأوضاع نسبيا فى العاصمة، إلا أن الأمر لم يخلُ من عودة جرائم البلطجة والانتهاكات الأمنية التى اعتاد زبانية حبيب العادلي ارتكابها بشكل يومي ضد مواطني مصر وبخاصة النشطاء السياسيين منهم، فهؤلاء عاشوا كخفافيش الظلام، وأغلب الظن أنهم لا ولن يستطيعوا أن يعيشوا فى مناخ حر يسمح بأي معارضة ضد النظام، سواء السابق أو الجديد. ثانيا: الملف الاقتصادي للبلاد، والذي – بحسب خبراء – لم يشهد تغييرا "ثوريا" حقيقيا، سواء من حيث الإصرار على إخضاع ميزانية الدولة ومستقبل شعبها لمقصلة الديون الخارجية التى سبق وكانت سببا ذات يوم، فى تحويل مصر إلى مستعمرة بريطانية، بينما وبالمقابل، يتم التكريس لمبدأ الحماية الضريبية للأغنياء، فى ظل الممانعة التى يلقاها قرار الحكومة بفرض ضرائب تصاعدية على كبار المستثمرين، وهي الممانعة التى قادها حزب الحرية والعدالة، الذي ينحاز – تمام كسابقه "الوطني المنحل" إلى الأغنياء....... ولمَ لا، وهو يضم "ملاءات مالية" من طبقة المليارديرات أمثال حسن مالك وخيرت الشاطر ذي السبعين مليارا، فيم تشير التقارير الرسمية دائما وأبدا أن الفقراء هم كبار دافعي الضرائب فى مصر..! ثالثا: ملف مؤسسات الدولة الخالية، والتى عجز الرئيس حتى الآن قيادة دفة الأمور باتجاه استكمالها، ففي حين عجز الرئيس عن الحفاظ على البرلمان، فقد فشل حتى الآن فى السيطرة على جهود ولادة التأسيسية المتعسرة، بحيث باتت البلاد بعد ما يقرب من نصف عام على ولاية الرئيس، وعامين من قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، بلا دستور ولا برلمان، كجسد خالي من العقل والقلب فى آن واحد، بما ينذر وتعرض الدولة للموت المفاجئ فى أية لحظة.