لم يكن الأديب الإنجليزي الكبير وليام شيكسبير يتخيل يوما ما أن تجمع أعماله ما بين ميغان فوكس، ودانييل لينيكار، وليندساي لوهان، فالشهيرات الثلاثة قد اقتبسن من كتاباته ونقشنها وشوما على أجسادهن. وذلك يثير سؤالا يتبادر إلى أذهاننا: ما السبب وراء تزايد أعداد الناس ممن ينقشون وشوما نصية تنم عن غزارة في المعرفة على أجسادهم؟ ويأتي التوجه نحو نقش النصوص الطويلة وشوما كجزء من تحول في فكرة الوشم من كونها فكرة مهمشة لتصبح اتجاها سائدا. فنادرا ما يمر أسبوع واحد دون أن يظهر أحد المشاهير وقد نقش على جسمه وشما يروي قولا مأثورا أو يقص حكمة من الحكم. فقد ظهرت الممثلة الأمريكية الشهيرة أنجيلينا جولي، التي تعتبر عميدة الوشوم المكتوبة، مؤخرا وهي تحمل على جسدها وشما هو جملة طويلة يعتقد أنها مكتوبة باللغة العربية على ذراعها اليمنى، وذلك إلى جانب وشمها السابق لكلمة العزيمة بالعربية أيضا. ومن بين الأوشام الأخرى التي استخدمتها فقرة مقتبسة من أقوال الكاتب الأمريكي المسرحي تينيسي ويليامز، بالإضافة إلى الإحداثيات الجغرافية لأماكن ولادة أبنائها الستة. كما أصبحت الاقتباسات الأدبية، وكلمات الأغنيات، والجمل الفلسفية منتشرة في ظاهرة نقش الوشوم النصية. فقد اقتبست الفنانة الأمريكية وعارضة الأزياء ميغان فوكس ما كتبه شيكسبير على لسان الملك لير: سنضحك جميعا على الفراشات المتجملة! لتنقشه في وشم على جسدها. بينما وقع اختيار الممثلة البريطانية التي تنحدر من ويلز دانييل لينيكير على وشم جملة أخرى كتبها الأديب الإنجليزي في مسرحيته الصاع بالصاع ، تقول: شكوكنا خوّانة لنا، إذ نفقد بسببها الخير الذي يمكننا أن نحظى به لمجرد أننا نخشى المحاولة! . أما الممثلة الأمريكية ليندساي لوهان فقد اختارت جملة ما قد يأتي من أحلام! من مسرحية هاملت . إلا أنه ليس بالضرورة أن يستخدم الواشمون على أجسادهم نصوصا تنم عن ثقافة عالية. فعلى سبيل المثال، اقتبس المغني البريطاني هاري ستايلز من الأغنية الشهيرة لجورج مايكل كيرليس ويسبر عبارة لن أرقص مرة أخرى! ليضعها وشمًا على قدميه الاثنتين. وعادة ما يسعى الواشمون لاختيار العبارات العميقة التي تحمل مغزًى لينقشوها على أجسادهم. وقال ستيفانو سي، وهو فنان مختص في مجال نقش الوشم بلندن، إن النصوص الموشومة كانت ترتبط بشكل فرعي بثقافة الوشم، إلا أنه مع تطور التقنيات، شاع وشم الاقتباسات النصية الطويلة بشكل أكبر. وكان سي قد طلب إليه أن ينقش في عشرة سطور وشمًا بين ذراع أحد الأشخاص وكتفه لمقولة الكاتب الإنجليزي ألان أليكساندر ميلن: تذكر دائما أنك أشجع مما تعتقد، وأكثر قوة مما تبدو عليه، وأكثر ذكاء مما تتخيله! . بينما يعمد كثيرون إلى وشوم نصية أكثر خصوصية، كأن ينقش أحدهم على سبيل المثال العبارة المفضلة التي كان جده يرددها. ويركز سي في نقوشه تلك على جعل وشومه تبدو جميلة. ويقول إنها تحتاج لأن تبدو أنيقة وسهلة القراءة . بينما ترى ميغان جونز المختصة في أمانة المكتبات - التي وضعت وشما نصيا بعبارة في بعض الأحيان قد تحلق عاليا وأنت تسقط! على يدها مقتبسة من إحدى الروايات المصورة - أن الوشم النصي يكون بمثابة ما وصفته ب وثن يرشدها في أوقات الحيرة. وقالت: لا أعتقد أن الصورة يمكن أن يكون لها مثل تأثير النص المقتبس . إلا أن البعض يتساءلون إن كان بوسع من ينقشون تلك الوشوم النصية أن يحفظوها في أذهانهم دون نقشها على أجسادهم. وترى نينا جابلونسكي أستاذة علم الإنسانيات بجامعة ولاية بنسلفانيا أن الأمر - كما هو الحال مع الأنواع الأخرى من الوشوم - أن يكون لدى من ينقش وشما نصيا على جسده تناقض في التفكير بين كونه يسعى ليظهر أنه شخص استثنائي، وفي نفس الوقت يظهر أنه جزء من شيء ما. وقالت: يكون ذلك بمثابة تكوين هوية مشتركة والإشارة إلى شيء مهم يتميز به ذلك الشخص .