بينما تتواصل الحرب في سوريا تزداد مخاطر انجرار إسرائيل للصراع ففي الأسبوع الماضي سقطت قذائف مدفعية جري اطلاقها من سوريا علي هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل التي ردت بدورها علي النار بالمثل. ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي يحتدم فيها التوتر في المنطقة ففي يناير الماضي شنت إسرائيل غارة جوية علي قافلة أسلحة في سوريا قيل انها كانت متجهة لحزب الله في لبنان وخطر تطور الرد الإسرائيلي علي النار المطلقة عبر الحدود إلي مناوشة كبري أو حتي إلي تدخل أوسع نطاقا لاقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية ذاتها هو خطر حقيقي وليس متوهما للحيلولة دونه يجب علي الولاياتالمتحدة التوسط من أجل التوصل لاتفاق ضمني بين إسرائيل والعناصر المعتدلة في المقاومة السورية. إسرائيل والمعارضة السورية ربما يتقاسمان علي ما يبدو بعض الأعداء المشتركين المهمين مثل "حزب الله" وإيران علي سبيل المثال وكلاهما يحاربان بشراسة من أجل إنقاذ حكومة الأسد.. هذا التلاقي في المصالح يوفر فرصة للولايات المتحدة للتوصل بهدوء إلي صفقة بين إسرائيل وقيادة المعارضة السورية تلتزم تل أبيب بموجبها بالامتناع عن تسليح وكلائها داخل سوريا كي يضطلعوا بمهمة حماية الحدود عنها. وبحيث تعمل المعارضة السورية وفقا لذلك الاتفاق علي ابقاء الجماعات المتطرقة مثل "حزب الله" و"جبهة النصرة" وغيرهما من فروع تنظيم "القاعدة" بعيدا عن الحدود الإسرائيلية وسيظهر ذلك حسن نية المعارضة السورية للداعمين الغربيين ويقنع إسرائيل بالابتعاد عن التدخل أو تسليح حلفائها في سوريا. وكان جيش نظام الأسد الذي يعاني نقصا متزايدا في أعداد الجنود علي الجبهات الأخري. قد سحب العديد من الجنود من الحدود المشتركة مع إسرائيل تاركا الميدان مفتوحا أمام الجماعات المتطرفة مثل "جبهة النصرة".. والزيارة الأخيرة اللافتة للنظر التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي "موشيه يعلون" لخط الجبهة في مرتفعات الجولان. كانت السبب وراء الشائعات التي انتشرت في سوريا بأن إسرائيل تخطط لتأسيس وتسليح جيش موال لها من بين السكان الدروز في الهضبة وعلي رغم ان هذه الشائعات مبالغ فيها علي الأرجح إلا انه ليس هناك سوي القليل من الشك في الوقت الراهن. في سعي إسرائيل لتعزيز اتصالاتها عبر الحدود مع سوريا. ولكن إذا ما حاولت إسرائيل تأسيس قوات موالية لها في منطقة عازلة ممتدة بطول حدودها مع سوريا فان الأمر المؤكد هو ان هذه المحاولة ستبوء بالفشل فمثل هذه الخطوة ستستدعي "حزب الله" وحلفاءه وغيرهم من المتطرفين للانخراط في الصراع. وهو ما سيجعل الوضع شبيها بما حدث في لبنان وترتب عليه نتائج بعيدة الأمد. ففي أواخر سبعينيات القرن الماضي أقدمت إسرائيل علي غزو جنوب لبنان وأسست في ذلك الوقت ما سمي ب"جيش جنوب لبنان" لحماية حدودها قبل أن تشن غزوا ثانيا أكبر حجما وأوسع نطاقا عام ..1982 وكانت النتيجة البعيدة الأمد لذلك هو قيام "حزب الله" اللبناني بمعاونة إيرانية ل"تحرير" جنوب لبنان - والذي ما زال يشكل تهديدا حتي اليوم. ان أي اتفاقية تبعد المعارضة عن الجماعات الجهادية. وتساعد علي تجنب التدخل الإسرائيلي في الأراضي السورية وتؤدي لتركيز جميع الجهود ضد نظام الأسد سوف تروق لقادة المعارضة السورية. كما ستؤدي لتحقيق عدة أهداف في وقت واحد دون حاجة لتدخل أمريكي مباشر. تتمثل هذه الأهداف في تحقيق استقرار خط الجبهة الذي يزداد تقلقلا بشكل مطرد والحيلولة دون نشوب المزيد من الصراعات الاقليمية. وهو ما يساعد علي تخفيف ويلات الأزمة الانسانية وتهيئة المسرح لمستقبل أفضل في مرحلة ما بعد الأسد. الحل لكل ذلك هو الإنجاز السريع قبل أن يتدهور الموقف علي جبهة أخري من جبهات سوريا العديدة وينزلق نحو المجهول علي نحو أكثر خطورة.