فى الحقيقة، إن الذين خرجوا للاحتفال بالثورة باقتحام المنشآت وحرقها، وتعطيل الطرق وقطع السكك الحديدية، واستفزاز قوات الأمن وسحبها لمعارك دموية، لا يتعدون: عملاء الخارج، البلطجية المأجورين، العلمانيين والفلول والطائفيين الموتورين. وعلى الرغم مما جمعوا، وما قاموا به من تخريب وعنف وإرهاب وفوضى، فإننا كنا على ثقة بأنهم سوف يفشلون، وأن ما يفعلونه سوف يرد إلى نحورهم -إن عاجلا أو آجلا- ذلك لأن الله لا يصلح عمل المفسدين، ولو أن لديهم ذرة من ضمير أو انتماء لبلدهم لحافظوا على ممتلكاته، ولراعوا مقدراته، ولحقنوا دماء أبنائه، لكنهم كالأنعام بل هم أضل، إنهم يدمرون الوطن ويفخرون بذلك!! كانت هناك خطة ممنهجة لأعمال عنف شديد وشغب تفضى إلى فوضى عارمة، ليس فى القاهرة وحدها بل فى المحافظات كافة، لإسقاط الدولة والشرعية، وإشعال حرب أهلية يشارك فيها الطائفيون بجيشهم الذى ظهر لأول مرة (البلاك بلوك)، يتم بعدها التدخل الخارجى وتقسيم البلاد، وتنصيب من يشاءون من عملائهم لحكم وإدارة مصر التى ستعود -ساعتها- مطية للصهاينة والأمريكان، لكن الله نجَّى البلاد من هذا المخطط، وسوف ينجيها -إن شاء- من مخططات أخرى؛ لحفظه لها، وليقظة أبنائها الذين يدركون عمالة هؤلاء «الثوريين» المخربين. نجحت ثورة 25 يناير من قبل؛ لأنها قامت ضد الفساد والاستبداد، ولأن الذين قاموا بها كانوا من أنبل وأخلص أبناء مصر، قبل أن ينضم إليهم هؤلاء السفهاء الذين شوَّهوا صورتها، وأجبروا الناس على لعن الثورة والثوار.. إننى ما زلت أذكر أن شعار جمعة الغضب (يوم 28 يناير 2011) كان: «سلمية، سلمية، اللى يحب مصر مايخربش مصر»، كما أننى ما زلت أذكر -وكنت أحد المشاركين فى مسيرة الاستقامة إلى التحرير- أننا مررنا على مديرية أمن الجيزة وعلى مقر الحزب الوطنى المواجه لها فما تعرض أحد لهما؛ لأن الوطنيين يغارون على أوطانهم غيرتهم على أعراضهم، أما هؤلاء فيبدو أنهم لا يعرفون شيئًا عن الأرض أو العرض.. لقد كفروا بالديمقراطية، وبالصناديق الانتخابية، ورفضوا الحوار، ومارسوا كل الحيل والأساليب غير السوية لإبعاد الإخوان عن السلطة، وفى كل مرة يخذلهم الشعب ويأتى بالإخوان، فلم يجدوا بدًّا من تنفيذ خطتهم القذرة بإعلان الحرب على الإخوان ودولتهم الناشئة، ولو تعارض ذلك مع كل القيم والمواثيق، ولو تناقض مع ما يرددونه كالببغاوات على مسامع شبابهم الضائع المغرر به. لم يخرج واحد من أصنام المعارضة ليستنكر أعمال الإرهاب التى وقعت، بل رأيناهم يهزون رءوسهم طربًا لها، بل إن منهم من ادعى أن الثورات يلزمها قوة وعنف، ونسى المخبول أنه فى حالة فشلها -كما حدث لهم- فإن من قاموا بتلك الأعمال لا بد أن يحالوا إلى القضاء وربما يسجنوا مدى الحياة أو يعدموا، ورأينا كذلك -فى ظل تلك الأجواء الملتهبة- من ينصّب نفسه رئيسًا للبلاد بديلا للرئيس الحالى، لغل عظيم فى صدره تجاه الرئيس وجماعته من ناحية، ولكراهيته للفكرة الإسلامية من ناحية ثانية. مرَّ عامان على ثورة يناير المجيدة، وفى كل لحظة هناك من يشدها للخلف، لعمالته وسفاهته، فهل نظل هكذا نراوح بين تعطل الإنتاج وانعدام الأمن؟!.. لا بد من تفعيل القانون، وقيام الحكومة بواجبها تجاه استرداد هيبة الدولة، وإحالة كل من يثبت تورطه فى جريمة إلى القضاء، وإن لم نفعل فما وصلنا إلى بر الأمان، وما تقدمنا خطوة، ولظل البوم العلمانى وباقى التيارات اليسارية والناصرية يرموننا بجهلهم وتخلفهم. والله لقد أبكتنى مشاهد الخراب والدمار التى فعلها هؤلاء المجرمون الذين يصرون على تسمية أنفسهم بالثوار، فإذا سقط منهم واحد كان حريصًا على القتل والحرق أطلقوا عليه لفظ «شهيد»، والشهادة أبعد ما تكون عنهم، والثورة لا تعرف هذه الأعمال الإرهابية وهذا السلوك الضال. إننا لن نلوم الشرطة وقوات الحكومة إذا تعاملت مع العنف بالعنف؛ لأنه لا بديل عن ذلك، أما السكوت والانسحاب من مواجهة هؤلاء الإرهابيين، فسوف يخلقان حالة الفوضى التى يودون تخليقها، بل على الأهالى دور المعاونة لتلك القوات للقضاء على هذه الفتنة وعصم البلاد من شرورها. إذا سألت غالبية الشعب اليوم فإنهم يحبذون إلقاء زعماء المعارضة الإرهابيين فى السجون، افتداء لتسعين مليونًا ضاقت بهم الأحوال وسكنهم الخوف والهلع وباتوا ناقمين على من قطعوا أرزاقهم وأفسدوا حياتهم ويهددون مصالحهم فى كل وقت وحين.. والناس معذورون؛ لأنهم لم يسمعوا عن ثورة تحارَب مثل ثورتنا، ولم يسمعوا عن معارضين فجرة أغبياء مثل معارضينا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا. ........... عامر شماخ [email protected]