لم يعد خافيًا مدى التعسف وسياسة "كسر الوسط" التي لحقت بالتعليم الأزهري في عهد الانقلاب العسكري فبداية من صعوبة التقديم بالمدارس الأزهرية مرورا بالمناهج االصعبة والتي تم تفريغها من محتواها ، وصولا إلى نسب الرسوب العالية التي جعلت آلاف الطلاب يفرون للتحويل إلى المدارس الحكومية العادية. وقد توافد العشرات من طلاب الثانوية الأزهرية الراسبين وأولياء أمورهم، اليوم الثلاثاء، إلى مشيخة الأزهر الشريف، لليوم الثانى على التوالى، للتظلم من القرار رقم 96 لسنة 2015، لشيخ الأزهر بشأن تحديد مواد الرسوب، حيث رسب 45937 ألف طالب هذا العام.
وطالب أولياء الأمور والطلاب، شيخ الأزهر بتأجيل القرار، حيث أكدوا أن معاهدهم لم تبلغهم بالقرار، فيما أكد البعض أن التعليم في الأزهر يختلف تماما عن مثيله في التربية والتعليم، مطالبين بالسماح لهم بدخول الدور الثانى.
أغلب الطلاب راسبون
مقارنة بسيطة بين طالب الثانوية العامة والثانوية الأزهرية، قد تضع الصورة فى نطاقها الصحيح، خاصة بعد أن وصلت نسبة النجاح فى الثانوية العام هذا العام إلى 94.41% حسبما أعلن وكيل الأزهر عباس شومان ، وهذا يعني ان أكثر من نظف الطلاب راسبين!! والمقارنة قبل إجرائها لا تعنى أن التعليم العادى أفضل حالا أو أنه لا يعانى من مشكلات ؛ فكليهما يشترك فى ضعف الإمكانات ونقص الخدمات وأسلوب التدريس القائم على الحفظ والتلقين، هذا فى الوقت الذى يدرس فيه طالب الثانوية العامة 7 مواد فقط، فيما يجبر الطالب الأزهري على دراسة 16 مادة .
مقارنة ظالمة
"اللغة العربية والرياضيات والدراسات الاجتماعية واللغة الإنجليزية والعلوم» هى كل المواد التى يدرسها تلميذ المرحلة الابتدائية والإعدادية فى التربية والتعليم، سواء الحكومى أو الخاص، فيما يدرس تلميذ الأزهر الذى لم يتعد عمره الثانية عشرة عاما، 4 مواد للغة العربية و4 مواد أخرى فى الشريعة إلى جانب المواد العلمية التى يدرسها تلاميذ التربية والتعليم، أضف إلى ذلك حفظ عدد من أجزاء القرآن الكريم بداية من الصف الأول الابتدائى إلى أن يختم القرآن الكريم فى الصف الثالث الثانوى، مع العلم أن بعض الامتحانات جزء منها شفوى والآخر تحريرى.
أما التعليم الثانوى فى التربية والتعليم فلا تزيد مقرراته عن 7 مواد، أربعة منها تختلف حسب القسم الذى ينتمى إليه الطالب سواء كان «أدبى» أم «علمى علوم» أم «علمى رياضة»، فى حين يأتى التعليم الأزهرى ليشترك جميع طلاب الشهادة الثانوية فى 9 مواد فى «اللغة العربية والمواد الشرعية والقرآن الكريم، واللغات» بينما يأتى الاختلاف فى المواد الطبيعية، لتصبح مأساة طلاب القسم علمى هى الأكثر شراسة فهؤلاء يدرسون إضافة إلى ما سبق مواد علمى علوم وعلمى رياضة معًا فى آن واحد ليصل عدد المواد إلى 16 مادة.
وبحسبة بسيطة تستطيع التعرف على معاناة الطالب الأزهرى، فإذا كان من المفترض أن يذاكر تلميذ التربية والتعليم 4 ساعات يوميا، فيجب على تلميذ وطالب الأزهر أن تتراوح عدد ساعات مذاكرته من 12 إلى 14 ساعة يوميا، حتى يستطيع منح كل مادة ثلاثة أرباع ساعة مذاكرة، وهو مجهود جبار لا أحد يستطيع أن يتحمله.
مجانية زائفة
حتى مجانية التعليم الأزهرى لم يعد لها قيمة، بعد أن اقتحمت الدروس الخصوصية أسوار المعاهد الأزهرية ، ويشير أحد الطلاب فى القسم العلمى- طلب عدم ذكر اسمه- بأنه لم يذهب إلى المعهد الأزهرى خلال فترة الشهادة الثانوية على الإطلاق ، لأنه ببساطة شديدة يرى أنه مضيعة للوقت، فهو لا يحصل على ما يريد من فهم للمواد التى يدرسها، وبالتالى فالحل كان بالنسبة له ولأهله هو الدروس الخصوصية، التى يدفعون لها مبلغ 1200 جنيه شهريا موزعة على النحو التالى، 250 جنيها لمواد اللغة العربية الأربعة و250 جنيه لمواد الرياضيات و250 جنيها لمادة الأحياء شهريا و200 جنيه لمادة الكيمياء و250 جنيها لمواد الشريعة الأربعة. حالة هذا الطالب يجب التوقف عندها للتعرف على المنظومة التعليمية التى لم تهتم فيها إدارات المعاهد الأزهرية بمتابعة التلاميذ حضورا وانصرافا، ولم تتخذ أى إجراء ضد الطلاب الذين يتغيبون عن دراستهم بل ولم تعالج المشكلة الأساسية التى أدت إلى أن يفضل الطالب الدروس الخصوصية عن الذهاب إلى مدرسته.