في محاولة بائسة لقائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي لتجميل صورته القبيحة، حيث بات لا يذكر في أي مكان أو تجمع للمواطنين إلا بأقذر الشتائم بعد الفقر المدقع الذي أوصلهم إليه، بعدما فشل في التعامل مع جميع الملفات والتحديات وخاصة الاقتصادية والخارجية، دشن هذا المجرم مبادرة على عكس الواقع والمضمون سماها، «بداية جديدة لبناء الإنسان» . وفي هذه المبادرة التي تأتي في وقت وصل الشعب المصري فيه إلى ذروة الغضب والغليان من كذب العسكر الذي يستخف بعقولهم، فعلى الجانب العملي فإن مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»، والتي كما يدعي السيسي أنها تستهدف إتاحة طريق للمواطن المصري نحو التنمية الذاتية، والصحية، والتعليمية، والرياضية، والثقافية، والسلوكية؛ من أجل تقديم مواطن صحيح متعلم متمكن قادر واعٍ ومثقف للمجتمع، نجد أن العكس هو الصحيح. ففي زمن العسكر زادت الفوضى والجرائم والفشل الإداري وتهالكت المؤسسات الحكومية وانتشر الفساد وعانى المواطن من جميع تلك الأهداف التي أعلن عنها السيسي في مبادرته، فلا تعليم ولا أنظمة صحية ولا رياضية أو حتى ثقافية أو سلوكية في وقت يحارب فيه قائد الانقلاب معارضيه ويزج بهم في السجون. كما حمَّل البعض ذلك الفشل للنظام الانقلابي الحاكم للبلاد منذ العام 2013، والذي منذ توليه والأزمات تضرب جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وملفات الصناعة والزراعة والتعليم والصحة، حتى التفريط في أصول وممتلكات وأراضي الوطن، وغيرها. التنمية الذاتية هل توجد حقا تنمية ذاتية للمواطن المصري ليرتقي في نفسه وفي حياته ويؤدي به إلى الأفضل طبعا لا، فالانقلاب يحارب الإبداع وحرية الرأي فأي مهارة اكتسبها المواطن في عهد العسكر وأي ذات تطورت، إن التطور الملحوظ هو للأسوأ، فالفساد وصل إلى قمته والأخلاق تكاد تكون انعدمت والإبداع، ففي عهد السيسي فقدت مصر دورها في إظهار القيادات التي تقود الأمة عربيا وإفريقيا فلم يعد لنا دور في أي شيء. لو تساءل المواطن من هم مفكرينا وعلمائنا ومبدعينا لن يحضر أمامك أي أسم، فبعد أن أنجبت مصر العديد من العلماء والمفكرين الذين غزوا العالم ونشروا حضارتنا كأحمد زويل والشيخ القرضاوي والشيخ الشعراوي وغيرهم أما الآن فأبو حمالة والطبال والخمورجي هم من يتصدرون المشهد في مصر بعد هروب الآلاف من العلماء والمفكرين الذين رفضوا الانقلاب العسكري. الخدمات الصحية وهي أكثر ما يشتكي منها المصريون فإنهم يقدرون أن يتحملوا الجوع ولكنهم لا يستطيعون تحمل المرض والألم، فالمستشفيات لا توجد بها أسرّة ولا أدوية ويعاني المريض أشد المعانة للحصول على تشخيص وعلاج مناسب. فالمنظومة الصحية منهارة بالكامل بسبب استمرار التقاعس والإهمال من جانب وزارة الصحة حيال الطواقم الطبية، الذين اشتكوا كثيرا من عدم توفيرها لوسائل الحماية اللازمة للأطباء، خلال تعاملهم مع الحالات المصابة،ما يتعرضون للإيذاء،بالإضافة لنقص المستشفيات والوحدات الصحية. ومن جهته يرى المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات عزت غنيم، أن الوحدات الصحية أصبحت الرعاية بها شبه منعدمة خاصة في الأرياف والمحافظات، إضافة إلى أن المستشفيات التكاملية تم وقف عملها بشكل تام على مستوى الجمهورية. وأشار غنيم في تصريحات سابقة إلى أن جميع الاتفاقيات والمواثيق والبروتوكولات الدولية تنص بشكل واضح على ضرورة أن تهيئ الحكومات الظروف التي يمكن فيها لكل فرد أن يكون موفور الصحة قدر الإمكان، فضلا عن النصوص الدستورية المؤيدة لذلك" ورأى أن من يتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع الصحية كافة الحكومات المتعاقبة التي أوصلت مستوى الرعاية الصحية إلى الحضيض، وعملت على سحب وتقليص ميزانيات الصحة وتوجيهها إلى مصارف أخرى أقل أهمية. المنظومة التعليمية ومع بداية الانقلاب العسكري، عانت مصر من تحديات تعليمية كبرى، على أكثر من مستوى وصعيد، أبرزها يتصل بنوعية التعليم وجودته، ما شكّل عائقًا أساسيًا أمام تطور قطاع التعليم ككل، وتخريج أجيال متعلّمة ومفكّرة ومثقّفة. ويعاني القطاع من مشاكل عديدة ومتنوعة، مثل ضعف التمويل، ندرة المعلمين الأكفاء في مختلف المراحل التعليمية، رداءة أسلوب التعليم، تردي أحوال المباني التعليمية، اكتظاظ طلابي، خلل في هيكلية الإدارة التعليمية وغيرها الكثير من الأمور، التي ساهمت على مدى سنوات الانقلاب الماضية في إحداث أزمة مركّبة في التعليم المصري، تراكمت تداعياتها تحت وطأة غياب أيّ مشروع جدّي لتطوير هذا القطاع ومعالجة أزماته وتحسين واقعه، إذ لطالما أضاء المواكبون لهذا الملف على معضلة وضع النظم التعليمية عشوائيًا من أجل تنفيذ رؤية وفلسفة ذاتية، ليست على مستويات موضوعية ترتقي في أهدافها إلى مستقبل وطن وشعب ودولة. المنظومة الرياضية ولعل المشاركة في "أولمبياد باريس 2024" وتذيل مصرترتيب الدول، على عددها الذي بلغ "162 لاعبا" يشاركون في 22 لعبة وحجم تمويلها التاريخي ب1.25 مليار جنيه مصري، في تحقيق أية نجاحات تعادل هذا الكم من الإنفاق والخروج من معظم المنافسات، أكد مراقبون أن ذلك الفشل الفاضح يؤكد فشل منظومة حكم رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، في كافة المجالات. وإلى جانب الفشل والإخفاقات والسقوط المتتالي لأبطال مصر الأولمبيين، تفجرت العديد من الأزمات المخجلة والتي وصفها البعض ب"فضائح بعثة مصر"، والتي كان من بينها الهزيمة المزلة من فريق المغرب لكرة القدم 6-0. وأشار الكاتب الصحفي جمال سلطان، إلى حالة الفساد المستشري مع سيطرة النظام الحاكم، قائلا عبر موقع "إكس": "حتى الرياضة أصبحت ضحية لفساد ومجاملات العسكر". وفي رؤيته، قال الكاتب والباحث المصري خالد الأصور: إن "هذا الفشل الذي يغطي كافة المجالات في مصر، كثيرا ما يراودني إحساس هو أقرب إلى اليقين إلى أنه ليس فشلا بل إفشال متعمد مع سبق الإصرار والتربص". وأوضح رؤيته، مؤكدا أنه حين يكون للنجاح أسبابه، وأنت تسير بأستيكة لتمسح كل هذه الأسباب فهذا ليس فشلا بل إفشال وتخريب مقصود.