الخروج المهين لفرسان الكرة المصرية الثلاثة : الأهلي والزمالك والإسماعيلي من بطولتي أفريقيا ومن قبله الفشل الكبير للمنتخب في أمم أفريقيا بتونس ..ومهزلة المنتخب الأوليمبي الذي لم يفز أو يتعادل في مباراة واحدة طوال عشر مبارايات متتالية كان آخرها تصفيات الأولمبياد .. والمستوى الهزيل للدوري .. والأداء المتواضع لمعظم لاعبينا .. كل هذه المظاهر السلبية للكرة المصرية .. هل لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالبطالة وارتفاع الأسعار وغياب الوعي واضمحلال الثقافة لدى الشباب وغير ذلك من المظاهر الاجتماعية والاقتصادية السلبية في مجتمعنا ؟ قد يبدو السؤال ساذجا .. أو محاولة لإقحام العام في الخاص دون مبرر .. وقد يقول قائل :هناك دول فقيرة جدا والمواطن فيها مقهور ولا يجد قوت يومه ومع ذلك نجد الكرة فيها متطورة .. كما أن دولة مثل البرازيل أو الأرجنتين من الدول المتقدمة كرويا ومن الدول التي نسميها " نامية " وتعاني اقتصاديا على عكس أمريكا المتقدمة ومازالت تبحث عن مكان لها تحت شمس الكرة العالمية ؟ والرد على هذا الكلام لا يحتاج إلى عناء وسبق أن قتلناه بحثا فأمريكا متتطورة في الرياضة بشكل عام وتتصدر العالم في الأوليمبياد ولم تعرف الكرة إلا حديثا ولديها كرة القدم الأمريكية والسلة وألعاب القوى والسباحة ورياضات عديدة تحتل فيها مركز الصدارة عالميا .. أما البرازيل والأرجنتين فالتطور الكروي فيها مسألة أخرى . ونعود لقضية الإخفاق المصري الكروي حتى لا نبتعد عن القضية التي تشغلنا .. فالكرة عندنا ببساطة وبرغم أنها اللعبة الشعبية الأولى إلا أنها مرتبطة بالواقع .. ولعل أسوأ ما في هذا الواقع أننا نعشق تطريز القوانين واللوائح بقدر عشقنا لانتهاك هذه القوانين واللوائح واستغلال ثغراتها . ما يحدث في الحياة هو أنماط سلوك عشناها وتعودنا عليها ورضينا بها وسميناها مسميات عديدة مثل "الفهلوة والشطارة واللي تغلب به إلعب به " وغير ذلك من مسميات وهي نفسها أنماط السلوك الرياضي بل والكروي على الأخص . والمتابع لما يحدث للكرة سيعرف أنها صورة مصغرة لما يحدث في المجتمع .. الفساد الكروي منتشر ومعروف لكنك لا تستطيع أن تمسك به .. وإذا حاولت أن تتابعه لن تقدر لأنه مثل الأخطبوط السوبر الذي نشاهده في أفلام الخيال العلمي له ألف قدم .. كما أنه مثل الحرباء يتلون بألف لون . إذا قلنا أن المشكلة " في الاحتراف مثلا " إدارية وأن الإدارة هي المسئولة .. رد عليك الإداريون : بل اللوائح والقوانين العاجزة والناقصة .. ويدافع الاتحاد " ترزي القوانين الكروية " عن نفسه ويلقي بالكرة أقصد المسئولية في ملعب الأندية فهي التي لم تفهم اللوائح .. وإذا فهمت لا تنفذها .. وإذا نفذتها لا تلتزم بها كلها .. وإذا التزمت طبقتها على البعض دون البعض " ومن له ظهر لا يضربه أحد " . الأندية بدورها ترد : بل الاتحاد هو السبب فقد أعطى للاعبين كل شيء ولم يعط للنادي شيئا .. اللوائح أعطت اللاعب كل الحقوق ولم تلزمه بواجباته .. ويدافع اللاعبون عن أنفسهم ويتهمون الأندية بأنها " تأكلهم لحما وترميهم عظما " وأن أي لاعب مهما طال عمره الكروي سيعتزل بعد عدة سنوات تعد على أصابع اليد فماذا سيفعل بعد ذلك ؟ أليس من حقه تأمين مستقبله ؟ لكل طرف رأي يدافع عنه ومبرر يراه هو منطقيا وتضيع الحقيقة مع " حرب المصالح " لأن الواقع الكروي في بلدنا أصبح مقلوبا .. الاتحاد وهو الأب الشرعي وصاحب الكلمة الأخيرة في شئون اللعبة هو أضعف العناصر ولا يجد من يدافع عنه خاصة أمام الأندية الأقوى بجماهيرها وأعضاء البرلمان الذين يدافعون عنها . والأندية التي يفترض أن تكون أقوى تراها أضعف أمام اللاعبين حتى أنصاف الموهوبين منهم وتجد عضوا بمجلس إدارة النادي يتسابق لكي يلتقط صورة له مع النجم بل والدفع من تحت الترابيزة " على عينك يا تاجر " لأغراض انتخابية أو للوجاهة . الهرم أصبح مقلوبا والصواب أصبح " ببجاحة وبدون وجه حق " خطأ .. والفهلوة أصبحت المتحدث الرسمي لأصحاب الصوت العالي .. والغريب أن هناك من يدافعون عن الخطأ لميول وأهواء ولأسباب أخرى .. والضحية في النهاية هو الصالح العام لأنه بلا صاحب . !!! عنصر واحد من عناصر الكرة يفضح ما يحدث مع بقية العناصر .. فالكل في الهم سواء .. ثم يتساءلون : لماذا حدثت هذه الإخفاقات أو بالأصح : لماذا يتكرر الفشل ؟ انظر للحياة من حولك في الشارع .. في المصالح .. في وسائل المواصلات .. في المقاهي التي أصبحت أكثر من محلات البقالة .. وساعتها ستعرف لماذا تفشل فرقنا الكروية ؟ !!! ملحوظة : المقال على مسئولية كاتبه وحده دون أدنى مسئولية على الموقع .