ساعات قليلة فصلت بين القمة الثلاثية المصرية - الفلسطينية - الأردنية، فى «القاهرة»، والقمة المصرية - الخليجية - الأردنية، فى «أبوظبى».. من «القاهرة» إلى «أبوظبى» يتحرك الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقبلها فى «بغداد» وغيرها من العواصم العربية والدولية من أجل هدف واحد هو دعم القضايا العربية، وتحقيق مصالح الشعوب العربية، ولم شمل المنطقة العربية التى ما من شك أنها تواجه تحديات غير مسبوقة، بداية من جائحة كورونا، وصولاً إلى الأزمة الروسية - الأوكرانية، التى لم يكن أبداً فى الحسبان أن تتفاقم لهذه الدرجة، لكن هذا واقع لا تقف أبداً أمامه القيادة المصرية مكتوفة الأيدى. ملفات عديدة بعضها مرتبط بقضية العرب المركزية «فلسطين»، وأخرى متعلقة بالمشروعات التنموية، وفق رؤية مصرية تقرن الترابط ولم الشمل العربى ببُعد اقتصادى، ترابط سياسى جوهره الترابط الاقتصادى، وتماسك عربى - عربى وحده الأكثر قدرة على صياغة حلول للمشكلات العربية، وهذا ما يؤكده الرئيس السيسى مراراً فى مختلف المحافل والمناسبات، من ذلك قناعته بأهمية العمل العربى المشترك فى هذا التوقيت والحاجة إلى مزيد من التعاون والدعم المتبادل. يطرح الرئيس السيسى الرؤى والحلول المصرية، وفى نفس الوقت يده ممدودة لكل جهد عربى أياً كان، ما دام هدفه دعم الشعوب العربية. السيسي يشارك في قمة «أبوظبي» ويحضر مجلس «قصر البحر» أعلن السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية، أن «الرئيس عبدالفتاح السيسى شارك مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات فى مجلس قصر البحر بالعاصمة الإماراتية أبوظبى»، وقال المتحدث الرئاسى إن مجلس قصر البحر يعقد أسبوعياً بدولة الإمارات بحضور رئيس الإمارات وكبار رجال الدولة والمسئولين بالإمارات والمواطنين. وصل الرئيس السيسى، صباح أمس، إلى دولة الإمارات للمشاركة فى «قمة أبوظبى»، التى ستجمع قادة مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجى، وصرح المتحدث الرئاسى بأن مشاركة الرئيس فى القمة تأتى فى إطار حرص مصر على تدعيم وتطوير أواصر العلاقات المتميزة مع جميع الدول الشقيقة المشاركة بالقمة، فضلاً عن التعاون بشأن تعزيز آليات العمل المشترك لصالح الشعوب العربية، حيث ستهدف قمة أبوظبى إلى التشاور والتنسيق بشأن تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمى والدولى. ويُعقد لقاء أبوظبى بعد انعقاد القمة المصرية الفلسطينية الأردنية بالقاهرة أمس الأول، التى حملت كثيراً من المخرجات على صعيد القضية الفلسطينية وتشهد تطورات متسارعة، وتأتى فى وقت حساس وبالغ الأهمية وفق كثير من التحليلات، كما تعبر عن الاهتمام المصرى الأردنى بدعم الشعب الفلسطينى، والتعاطى مع انشغال المجتمع الدولى بتطورات الأزمة الروسية الأوكرانية وبعض القضايا الدولية الأخرى على حساب الأوضاع فى فلسطين. خبير علاقات دولية: التعاون المشترك يسهم في تعزيز الدور العربي عالمياً.. والتحديات الإقليمية والعالمية تفرض على القادة العرب المسارعة في اتجاه التضامن فى هذا السياق، قال محمد عبادى، الباحث فى العلاقات الدولية، إن التحديات الإقليمية والعالمية تفرض على القادة العرب المسارعة فى اتجاه التكامل والتضامن العربى، فالتصعيد العالمى على جبهات متعددة، منها أوروبا أو آسيا أو فى الشرق الأوسط، يحتاج إلى موقف موحد راسخ من القادة العرب. وأضاف، فى تصريحات ل«الوطن»، أن الأزمة الروسية الأوكرانية فى طريقها لمزيد من التأزم، وفى بحر الصين الجنوبى الأوضاع على المحك، أو سباق التسلح بين الكوريتين، وفى الشرق الأوسط التلاسنات الكلامية بين إسرائيل وإيران، على خلفية البرنامج النووى الإيرانى، كل هذه الأحداث ستطال تداعياتها كل دول العالم، وفى القلب منها المنطقة العربية. وتابع «عبادى» قائلاً: «التصعيد العسكرى، على هذه الجبهات المتعددة، له تبعاته الاقتصادية التى تؤثر على الدول النامية، والتى ستكون بحاجة إلى أفكار غير تقليدية، لمجابهة التضخم وتقلبات الأسواق العالمية، لذلك تأتى القمم العربية واللقاءات المتقاربة زمنياً فى هذا السياق، لبلورة موقف عربى موحد وراسخ أمام الأزمات العالمية العسكرية والاقتصادية». وشدد على أن هذا مطلوب فى ظل أن المنطقة العربية تعج بالملفات التى بحاجة إلى المعالجة، مثل التغيرات المناخية وأمن الطاقة والغذاء والإرهاب والملف النووى الإيرانى والأزمات فى سوريا وليبيا واليمن وتأثيرها على المنطقة، فضلاً عن القضية الفلسطينية التى تحتل مركزاً متقدماً فى سلم الأولويات العربى، بالتزامن مع تهديدات الأحزاب الدينية والمتطرفين فى إسرائيل، سواء ما يتعلق بالاستيطان أو المسّ بالقدسات الإسلاميّة، وهو ما يحتاج إلى حلول عاجلة، لمنع تفاقم الأزمة، وقطع الطريق على تصعيد عسكرى إسرائيلى يضر بالقضية. وتابع «عبادى» قائلاً إن قمة أبوظبى وإن جاءت فى إطار أخوى وضمن مضامين أخوية تجمع قادة دول الخليج ومصر والأردن، لكن مخرجاتها ستصب فى تعزيز الأمن والسلم فى المنطقة، وتخفيف التوترات على خلفية خطوط الاشتباك الإقليمية، وتعزيز أمن الطاقة والغذاء، كما تبرز هذه القمم الدور العربى على الساحة العالمية، وهو ما يمكن الاستفادة منه، فى دور الوساطات فى تلك النزاعات، مثل ما تقدم مصر من قبل، بإمكانية لعب دور الوسيط بين الفرقاء على الجبهة الروسية - الأوكرانية. من جهته، قال الدكتور طه على، الباحث فى العلاقات الدولية، إن القادة الذين اجتمعوا فى أبوظبى بحثوا بالأساس صياغة رؤية عربية مشتركة ما بينهم للتعامل مع التطورات التى تشهدها القضية الفلسطينية، وهذا أول الملفات التى من الطبيعى أن تتصدر هذا الاجتماع. وأضاف «على»، فى اتصال هاتفى ل«الوطن»، أن المشروعات التنموية التى تنخرط فيها دول عربية مهمة وهى ذات ارتباط بالسياسة الإقليمية، وهنا أقصد الجهود المصرية الإماراتية العراقية الأردنية لإقامة مشروعات تنموية مثل مشروعات الربط الكهربائى، ومحاولة إفادة الأشقاء فى فلسطين من هذه المشروعات. ويرى الباحث فى العلاقات الدولية أن مثل هذه المشروعات تدفع الجانب العراقى على وجه التحديد إلى مزيد من التقارب مع محيطه العربى، عبر رفع مستويات التعاون العربى فى هذا الأمر، خصوصاً أن الاستثمارات الخليجية مع الخبرة المصرية يلعبان دوراً محورياً فى هذه المسألة. وأشار «على» إلى أن مسألة الأزمة الروسية الأوكرانية التى تقترب من دخول عامها الثانى دون بروز أى آفاق لنهايتها، أثرت على الاقتصاد العالمى وفى القلب منه المنطقة العربية، وأثرت كذلك على العلاقات العربية الأمريكية فى إطار المحاولات لجذب العالم العربى للانحياز للطرف الأمريكى أو الأوكرانى فى هذه الأزمة، لكن الدول العربية حرصت على عدم الانحياز، ومن ثم فإن هذه القمة سبيل للوقوف على مسافات متقاربة من الأقطاب العالمية المتنافسة فى الوقت الراهن، ومن ثم فإن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية كانت فى مقدمة ملفات لقاء أبوظبى. وتابع الباحث السياسى قائلاً إن ملف الأمن الغذائى العربى يشكل أهمية كبيرة، ومن هذا المنطلق فمن المطلوب بحث سبل مواجهة تحديات الأمن الغذائى العربى خصوصاً أن دول الخليج ومصر فى مقدمة المتأثرين بهذه المشكلة، إضافة إلى مشكلة أمن الطاقة التى تتصدر أولوية مهمة فى هذا السياق. ولفت «على» كذلك إلى أن أوكرانيا كانت تمثل نحو 25% من احتياجات سوق الحبوب فى العالم ما أثر بدرجة كبيرة، وبالتالى هناك تأثير متعلق بأمن الطاقة والغذاء على الصعيد العربى ومناقشتها أعتقد كانت تتصدر هذا الاجتماع.