لعادل إمام أفلام ضعيفة كثيرة، لكن الطريف -أو العجيب- أنهم يريدون سجنه (أو تطبيق الحدود عليه!)، بسبب اثنين من أنضج وأجمل أفلامه، ومن أحسن أفلام السينما المصرية بعامة، هما «الإرهاب والكباب» و«طيور الظلام»! لعادل إمام ركام من أفلام ساذجة، وفى بعضها إسفاف واضح (مثل بوبوس!)، كما أن بينها أفلاما تعبر عن موقف سياسى مائع أو مراوغ أو ملتبس -شأن مواقف وتصريحات عدة لعادل إمام نفسه- مثل الموقف من قضية التطبيع (فى فيلم السفارة فى العمارة)، أو الموقف من نوعية رجال الأعمال الذين ينهبون ويأكلون مال الشعب ويهيمنون على كل الحياة العامة والسياسية وفى كل مجال (كما فى مرجان أحمد مرجان).. وغير ذلك كثير! لكن الفيلمين اللذين يريد بعض من يدعون -زوراً- الحديث باسم الدين، سجن (أو جلد!) عادل إمام بسببهما: (الإرهاب والكباب، طيور الظلام)، وكلاهما من إخراج شريف عرفة وتأليف وحيد حامد، هما بالفعل أحسن أفلامه وأكثرها جدية، وأنضجها درامياً وفكرياً، إلى جانب أفلام أخرى، خاصة فيلم «الحريف» إخراج محمد خان، وفيلم «الأفوكاتو» إخراج وتأليف رأفت الميهى، وفيلم «المحفظة معايا» إخراج محمد عبدالعزيز، وتلك كلها تعتبر ضمن أفلام السينما المهمة المعاصرة فى مصر. وحتى لو افترضنا -افتراضاً!- أن الدعوى القضائية التى رفعت ضد عادل إمام، أو أية دعوى أخرى سوف ترفع ضد غيره اليوم أو غداً، هى بسبب فيلم ضعيف.. أو مسف.. أو مستخف، أو أياً كان مستواه وتقويمه النقدى، فليس من حق أحد أن يهدد بدعاوى وأحكام، أى فنانين، أو أية أعمال تنتمى إلى فن من الفنون! إن الذين لهم وحدهم أن يحكموا أو يقيموا هم الجمهور والنقاد، ولا يوجد أى حق فى شىء بعد ذلك، سواء لمحامين وجهة قضائية، أو لجهة سيادية ما، أو لجهة دينية ما، أو حتى لجهة رقابية! عادل إمام فى اعتقادنا النجم الذى كان وسيظل ضمن نجومنا الأهم والأكثر تأثيراً، وستبقى له أعمال وجمهور دائماً رغم أى اختلاف معه فى مسائل أو شئون (على كثرتها مع الأسف!)، ونحب أن نتوقف هنا أمام الختام القوى المعبر لفيلم «طيور الظلام»: ففى الفيلم نرى إدانة قوية لممثل كلا الطرفين (اللاعبين الرئيسيين!)؛ النظام المتحكم الفاسد المستغل للشعب وجماعات التعصب المستغلة للدين، وفى مشهد النهاية المفتوحة الرمزية: نتابع الكرة بين أقدام الرجلين (عادل إمام، رياض الخولى)، الممثلين لهذين الطرفين، والمتصارعين، الطامعين فى الاستحواذ والانفراد بمقدرات البلاد، واللذين يستهدفان أن تبقى مصر دوماً فى قلب عصور الظلام والظلم.. ليتسنى لهما الهيمنة ومص الدم! وهو ما تشهده مصر قبل وبعد ثورة 25 يناير.. إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً، ويحسم الشعب معركته لصالح الإيمان بحق.. والأمان بحق.. و«العيش والحرية والعدالة الاجتماعية» بحق!