بأى صفة يؤيد عادل إمام تولى جمال مبارك حكم «الست مصر»: بصفته المواطن «سرحان عبدالسفنكرير»، الدهل ال«ده أنا غلبان»، ال«مسروق» الدخل وساكت.. أم «السوبر ستار»، المناضل، الحاصل على دبلومة «التخدير الوطنى» من أمانة سياسات السينما، الزعيم القانع برتبة «مساعد» وزير الداخلية لشؤون الاستقرار وإجهاض أى دعوة مخلصة للتغيير؟ لا جمال مبارك فى حاجة إلى عادل إمام أو غيره ليحكم، ولا نحن فى حاجة أصلاً إلى من يتحدث باسمنا، لأننا قررنا - كمواطنين أحرار فى بلد مستعبد - ألا نتحدث! لكن السؤال الأهم فى نظرى: هل أنت متفاجئ بهذا ال«عادل» ال«إمام»، الذى لا هو «عادل» فى شىء، ولا هو «إمام» لأى شىء؟.. هل أنت مصدوم؟.. هل تشعر أنك خدعت؟.. هل ستصدقنى لو قلت لك إن «نجومية» عادل إمام وكل ما بنى عليها.. محل شك؟ ارتبط ظهور عادل إمام بظهور طبقة الأغنياء الجدد الذين أطلقهم انفتاح السادات من الجحور ومواسير الصرف فى سبعينيات القرن الماضى، ووصفهم عادل فى حوار لمجلة «الوسط» عام 1989 بأنهم «عصب مصر.. الذين ينتجون ويستهلكون». هذه الطبقة هى التى تكفلت بتمويل البنية الأساسية لنجوميته، وهى التى شجعته على رفع أجره للمرة الأولى إلى ستين ألف جنيه بعد عرض فيلمه التافه «رجب فوق صفيح ساخن»، الذى تجاوزت إيراداته المليون جنيه فى يناير 1979. وشجعته أيضاً على رفض عرضى اليوسفين، إدريس وشاهين، اللذين ذهبا إليه ببطولة «حدوتة مصرية»، وهى التى ضمنت استقراره على عرش النجم طوال الثمانينيات، عندما كانت «الواقعية الجديدة» فى أوج ازدهارها، وحالت دون تورطه فى هذا النوع من الأفلام، باستثناء «حريف» محمد خان، و«أفوكاتو» رأفت الميهى. وفى التسعينيات، لم تعد الطبقة المتوسطة طرفاً فى أى معادلة سياسية أو اقتصادية، فأصبح عادل يتحدث كثيراً عن «الناس الغلابة» وعن التزامه بالتعبير عن أحلامهم ورغباتهم، والدفاع عن حقوقهم فى مواجهة خصميهما: الفساد والتطرف. وفى هذا السياق تحالف مع اثنين من أمهر صناع السينما فى تلك الفترة: السيناريست وحيد حامد والمخرج شريف عرفة، وقدم ثلاثتهم عدداً من الأفلام المهمة: «اللعب مع الكبار» و«النوم فى العسل» و«الإرهاب والكباب» و«طيور الظلام». وفى النصف الثانى من التسعينيات هلت زوابع كوميديا جديدة، بممثلين جدد خرجوا غالباً من عباءة الزعيم، «محمد هنيدى والراحل علاء ولى الدين على نحو خاص» سنيداً فى أفلامه، وتقلص الهاجسان السياسى والاجتماعى فى الأفلام إلى مستوى حرق علم إسرائيل، واقتحم المطربون بورصة نجوم السينما بكل وطأة الفيديو كليب، وأصيب المخرجون والمنتجون بحمى بحث عن مواقع تصوير سياحية داخل مصر وخارجها، ورفع بعض السينمائيين شعاراً أخلاقياً مستفزاً هو «السينما النظيفة»!.. وبدلاً من أن يهتم عادل إمام بالبحث فى هذه الفوضى عن «دور» يليق ب«داخليته» وكفاحه المضنى من أجل «ركوب» المواطن المصرى وإضحاكه على خيبته «الراكبة جملاً».. ركبه العناد ودخل مع تلاميذه فى «حرب إفيهات» لم يكن مؤهلاً لها، وكانت النتيجة أفلاماً شائخة، مترهلة، مفتعلة، آخرها هذا المسخ الذى يسمى «بوبوس». الآن تجاوز عادل إمام الستين ومازال يعيد إنتاج نفسه كصاحب رسالة: يضرب، ويبوس، ويقتل، ويناضل، ويحل العقد، ويشتم الحكومة، ويفدى رئيس الدولة وهو أعمى، وعندما شبع من السينما فوجئ جمهور القاعة بأن المضحك العجوز يخرج عليهم من بين مدماكين فى حائط الشاشة معلناً تأييده لجمال مبارك حاكماً لمصر!. أصلها ناقصة!