غنى عبدالحليم حافظ: بتقول لمين وهو مش دارى بكلامك! أقصد تحديداً الأصوات الهلعة المخلصة التى تحذر الرئيس مرسى وجماعته من أن ما يجرى فى مصر الآن إنما سيؤدى إلى انهيار الدولة!! وأتعجب من حسن نوايا الناصحين، وكأن المشروع الإخوانى لم يتم الإعلان عنه والتأكيد على السعى لتحقيقه، وهو تحديداً هدم الدولة المصرية وتقزيمها بحيث تغدو ولاية فى دولة الخلافة التى يتغنى بها الإخوان وحلفاؤهم ليل نهار. وانظر إلى المشهد لترى كيف تعمل كل الأطراف فى النظام الحاكم فى اتجاه تقويض الدولة وهدم كيانها لأن مصر لن تكون هى دولة الخلافة ولا القاهرة عاصمة تلك الدولة كما بشرونا من قبل وبما أنه يصعب بل يستحيل أن تعود مصر لأى نوع من أنواع الاحتلال أو التبعية مرة أخرى وهى بهذا الحجم والقدر والمكان والمكانة، فإن الطريق إلى «جهنم» الخلافة هو تفتيت هذا الوطن وتقزيمه وهدم مؤسساته وشرذمة جهود أبنائه بعد ثورة وحّدتهم، فاستشعر الأعداء من كل صنف ولون الخطر، لدرجة أن الولاياتالمتحدة اعتبرت أن نجاح الثورة بالملامح التى ظهرت فى ميدان التحرير وكل ميادين البلاد تعنى عودة مصر الستينات، وكلنا نعرف عداء الإخوان ورئيسهم للستينات، وما أدراك ما الستينات، فهل كان أحد يتصور أن تبرز إلى مقدمة سلم الأولويات مثلاً قضية ملتهبة!! مثل جواز تهنئة المصريين المسيحيين بأعيادهم؟ وهل بلغت هشاشة المصريين هذا القدر المرعب من الضعف، ومن ثم الاستباحة، لدرجة الخوف من السياحة الإيرانية لأن السائحين من المذهب الشيعى؟ مع أننا لا نسأل عن ديانة أى سائح من المفروض أن يزوزر بلادنا زيارة سريعة، ومنهم كما نعرف مختلف الأديان السماوية منها والوضعية. وهل كما سبق وأشرت من أشرف على الانتخابات وجاء بمحمد مرسى رئيساً كان القضاء الصومالى النزيه؟ وهل توزيع الاتهامات على المؤسسات العسكرية والإعلام والشرطة والتشكيك فى كفاءاتها أمر طبيعى؟ الغريب أن الوصاية الدينية الحالية لا ترى واجباً يفوق أهمية قدر واجب شق الصف الوطنى المصرى بتمزيقه بين مسلميه ومسيحييه وبين إخوان مسلمين ومسلمين «غير إخوان» وبين ناس على باب الله يسعون وراء لقمة العيش وشيوخ يزرعون الكراهية والتواكل والسخط على المرأة. أشعر أن كل واحد من هؤلاء يحمل معولاً لتحطيم هذا الوطن وأنهم يضحكون فى سرهم من سذاجة الخائفين على مصر وعلى مؤسساتها عندما يتوهمون أن النظام الحالى غير مدرك لخطورة تقويض هذه المؤسسات! إنهم يا سادة يعرفون تماماً ما يفعلون ويسعون بخطى محمومة نحو الهدف «الضرب فى القضاء والإعلام والجيش والمخابرات» لتجريد مصر من أسباب قوتها خاصة قوتها الناعمة تحسباً ربما لأن يكون الخليفة أمير قطر مثلاً أو رئيس تركيا.. ولكنهم أبداً لا يفكرون فى أن تكون مصر قائدة ورائدة وهذا ما يجب أن ننتبه إليه وما بدأ المواطنون يتبينونه فعلاً!