بعد 3 سنوات من اندلاع انتفاضة شعبية في البحرين أخمدتها قوات الأمن لكنها فشلت في اجتثاثها، بدأت الأسرة الحاكمة حوارا جديدا مع المعارضة وإن كان التقدم اللازم لإنهاء الاضطرابات لا يزال مراوغا. واستقرار النظام في البحرين مسألة تهم دول الخليج والغرب اذ تستضيف الاسطول الخامس الامريكي وتقع بين قوتين اقليميتين متنافستين تتمثلان في ايران الشيعية والسعودية القوة السنية واكبر منتج للنفط في العالم. لكن البحرين تبدو محاصرة في دوامة من الاتهامات المتبادلة وصراع سياسي محدود لكنه مزمن في الذكرى الثالثة لانتفاضة 14 فبراير شباط التي قادتها الاغلبية الشيعية التي تسعى إلى الإصلاح الديمقراطي وإنهاء التمييز المزعوم الذي تتهم الأسرة السنية الحاكمة بممارسته ضدها. وتتجسد المواجهة في احتجاجات شبه يومية. وقال شهود إن بعض الشباب نظموا مظاهرات صغيرة حول المنامة في الفترة التي سبقت الذكرى السنوية التي تحل يوم الجمعة وأغلقوا الطرق بالقضبان المعدنية وصناديق القمامة والحجارة حتى لا تدخل قوات الأمن القرى الشيعية. ونشرت الشرطة قوات إضافية وأغلقت بعض طرق الخروج من القرى المحيطة بالمنامة واستعدت لمسيرات يتوقع أن تنظمها اليوم جماعة تسمى 14 فبراير ومسيرات أخرى تنظمها جمعية الوفاق وهي جماعة المعارضة الرئيسية يوم السبت. وقال موظف عمره 34 عاما عرف نفسه باسم أبو علي في قرية سار "بعد ثلاث سنوات منذ بدء الاحتجاجات لم نر أي سلام ... كل يوم هناك مشكلة في منطقتنا. يخرج الشباب ويحرقون الإطارات على الطرق وتهاجمهم الشرطة بالغاز المسيل للدموع." وانتهت جولتان من الحوار أجريتا بهدف المصالحة بين المعارضة والحكومة منذ عام 2011 دون نتيجة حاسمة ويعول ابناء البحرين الآن على محاولة جديدة لإحياء المحادثات يدعمها ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة . وتدخل ولي العهد الشيخ سلمان الشهر الماضي ليحاول تضييق هوة الخلافات بعد أربعة أشهر من تعليق الجولة الثانية من محادثات المصالحة بسبب مقاطعة المعارضة لها. ويعتبر ولي العهد من الأعضاء المعتدلين نسبيا في أسرة آل خليفة التي تحكم البحرين منذ القرن الثامن عشر. ومنذ ذلك الحين عقدت عدة اجتماعات بين وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزعماء المعارضة في محاولة لتمهيد الطريق لاستئناف المحادثات الرسمية. ويتوقع عقد جلسات أخرى لكن لم يتضح متى ويشير محللون الى أنه لا توجد علامات تذكر على استعداد اي من الجانبين لتضييق هوة الخلافات الكبيرة وهو الحال منذ بداية الأزمة. وقال جاستن جنجلر وهو خبير في شؤون البحرين بجامعة قطر في الدوحة "الصراعات الرئيسية الثلاثة في البلاد مستمرة بلا توقف... المعارضة ضد الحكومة والسنة ضد الشيعة والإصلاحيون ضد المعرقلين." وعند مقاطعة محادثات المصالحة اتهمت المعارضة الحكومة بمحاولة تنحية قادتها جانبا بعد التحقيق مع اثنين على الاقل بتهمة التحريض وقضت محكمة بحرينية بحل مجلس لرجال الدين الشيعة. ويتصاعد القلق من ان يلجأ شباب الشيعة الى مزيد من العنف إذا فشل زعماء المعارضة في دفع تسوية سياسية تعطي الشيعة دورا أكبر في الحكومة وتحسن ظروف المعيشة. وتعاني المملكة التي يقطنها 1.7 مليون نسمة من الاضطرابات منذ أخمدت الشرطة بمساعدة قوات سعودية انتفاضة عام 2011. وتقول الحكومة انها أجرت منذ ذلك الحين بعض الإصلاحات التي أوصى بها فريق تحقيق دولي وانها على استعداد لمناقشة المزيد من المطالب. ويريد الشيعة عملية تحول ديمقراطي واسعة تشمل حكومة يختارها برلمان منتخب بدلا من النظام المعمول به حيث يعين الملك الحكومة. ويدعون أيضا إلى وضع حد للتمييز المزعوم في الوظائف والسكن ومزايا اخرى. وتنفي الحكومة انتهاج سياسة لتهميش للشيعة. وألقى الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان باللوم على ما سماه تفضيل السلطات للحملات الأمنية على الانفتاح السياسي الحقيقي لحل الازمة. وقال الشيخ سلمان لرويترز إن هذا هو العام الثالث "للثورة" وأضاف أنه لو كانت الحكومة استخدمت الحكمة لما اندلعت "ثورة" شعبية ولأمكن التوصل الى حل سياسي في الاشهر الاولى. وقالت وزيرة الإعلام سميرة رجب إن مزاعم "الإرهابيين" بأن هناك ثورة في البحرين كلها أكاذيب واشارت إلى أن البحرينيين يمارسون حياتهم بصورة طبيعية. وقالت الوزيرة لرويترز إن الاشتباكات المحدودة التي بدأت أمس لن تؤثر على الحوار الوطني لأنها من عمل "إرهابيين" لا يجلسون على طاولة الحوار مع الحكومة مضيفة أن المعارضة هي التي تجلس مع الحكومة. وقال عضو البرلمان عادل العسومي إن الحوار يتمتع بدعم الملك حمد واصفا الملك بالضامن الوحيد للتعايش بين جميع الطوائف في البحرين. وقال العسومي إن للجميع حق ممارسة الأنشطة السلمية وإن الدستور يكفل ذلك لكنه شدد على أن الاساليب العنيفة لا مكان لها في البحرين.