لم يشفع للمواطنين في قطاع غزة حالهم وأوضاعهم الصعبة والمأساوية التي يعيشونها عندما يقررون السفر أو التنقل من القطاع إلى بقاع الأرض الأخرى. فمعبر رفح البري هو المنفذ الوحيد لسكان غزة، والذي يشترك مع الحدود المصرية، ومنذ أن أعلنت السلطات المصرية عن فتح المعبر يومي الخميس والجمعة الأسبوع الماضي، توافد آلاف الفلسطينيين من الطلاب والمرضى، وأصحاب الإقامات وجوازات السفر الأجنبية إلى بوابات المعبر، أملاً منهم بالقدرة على السفر عبر الأراضي المصرية، بعد إغلاق للمعبر دام أكثر من مائة يوم على التوالي، ولكنهم وجدوا على بوابات المعبر معاناة من نوع آخر أبرزها الازدحام الشديد، وبطء العمل داخل المعبر لأسبابٍ تقنية. الطالب "ر.غ" قال ل"البديل": "أدرس في مصر منذ 3 سنوات وأريد العودة الآن إلى هناك لاستكمال دراستي الجامعية لأني لم أتمكن من التسجيل والالتحاق بالفصل الماضي بسبب أزمة المعابر وإغلاقها بشكل مستمر، وفي هذه المرة دفعت مبلغ 2000 دولار أمريكي لأحد الأشخاص ليضع اسمي في كشوف المغادرين، ولكن كما ترى فأنا لم أستطع السفر، وأصبح مستقبلي الدراسي مهددا بالانهيار، وهذا حال عدد من أصدقائي الطلاب، ولا أدري ماذا أفعل الآن لأنه ما باليد حيلة". الطالبة "أ.أ"، حاصلة على منحة دراسية في الجزائر، وكان من المفترض أن تغادر قطاع غزة قبل 3 شهور قال ل"البديل": "دخلنا عند الفلسطينيين أنا ومجموعة وضايل يختمولنا الجوازات ونفوت للمصريين اللي احنا إلنا تنسيق معهم، طبعاً اعتدوا علينا بالصراخ وبالهمجية وقالولنا فش المصريين حيرجعولكم واحنا تنسيقنا جاهز عند المصريين، راحوا نادوا أسماء ثلاث شباب منهم واحد من عائلة (ش) ودخلوهم ورجعونا، هذا الكلام بعد الساعة 12 بالليل؛ ورجعنا إحنا، بس الثلاث شباب واسطتهم تطبَّقت أمامنا، وكتير كنت أسمع جملة احنا أسرى، بس اليوم بالذات اقتنعت مليون المية بهالجملة، وحسيت إنه الناس بالعالم بتسافر طشة، بس احنا بنسافر ذل وبنطلع عارفين حالنا رح نتعب اكثر ما رح ننبسط، أو رح نتعب ساعات على المعبر أكثر ما ننبسط أيام وشهور بالبلد اللي رايحين عليها". أما علياء عبد الهادي، مواطنة في الستين من عمرها، تواجدت بالقرب من بوابة المعبر فتقول: "أنا متوجهة للأراضي المصرية لعلاج ابنتي الصغرى 13 عاما، وتعاني من الفشل الكلوي ولم تستجب للعلاج في مستشفيات القطاع، والسفر ونفقاته على حسابي الخاص بعد أن استدنت مبلغا من الأقارب، ومع ذلك لم أتمكن من الدخول، وأنا لا أستطيع دفع مبالغ مالية لأيِّ وسيط على المعبر، فالوضع الاقتصادي سيء وحالنا لا يعلم به إلا رب العالمين"، ودعت علياء السلطات المصرية لفتح المعبر بشكل دائم أمام الفلسطينيين ليتمكنوا من التنقل كباقي أبناء الدول العربية المجاورة، وأكدت أنَّ العلاقة بين فلسطين ومصر ستبقى قوية بالرغم من كل المحاولات التي وصفتها بالفاشلة لتشويهها. أمجد البيوك، 32 عاما، قال ل"البديل": "في معبر رفح إذا كانت لديك واسطة قوية، أو كنت تمتلك النقود فإنك ستسافر، أما غير ذلك فلن تستطيع السفر"، وأضاف: "السفر اليوم أصبح لمن يدفع أكثر، ولأصحاب العلاقات والتجار ورجال الأعمال، أما باقي المواطنين فلا يهتم بأمرهم أحد". من جانبه، قال إياد البزم، الناطق باسم وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة، إنَّ أكثر من 25 ألف حالة إنسانية بحاجة للسفر مُسجلة في كشوف مكتب التسجيل بالوزارة، وذلك نتيجة الإغلاق الطويل والمستمر للمعبر الذي امتد ل107 أيام على التوالي، و318 يوما خلال العام الجاري. وأوضح أنَّ 1526 مواطنا تمكنوا من مغادرة قطاع غزة، بينما تبقى أكثر من 23 ألف حالة إنسانية بحاجة شديدة وماسَّة للسفر، وقال: "إننا نقدر الدور المصري، ونناشد السلطات المصرية بتمديد فتح المعبر خلال الأسبوع الجاري، نظرا لحجم المعاناة الإنسانية التي يعيشها أبناء شعبنا.