'وكأنك تؤذن في مالطا'.. مقولة مصرية شائعة تصف من يصرخ في وجه السلطان أو محيطه أو مجتمعه بما هو صالح.. فتكون النتيجة التجاهل التام عن عمد رغم رجاحة وسداد رأيه.. وكأنه يصرخ في البرية كما يقال. ولمن لا يعرف فترديد هذه المقولة كما يشاع يرجع إلي فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر، عندما استعصي علي شاب فقير إيجاد فرصة عمل بعد انتهاء دراسته ، وهو ما أصاب أسرته بالكمد، فكم كان أملهم كبيرا في ربنا وفيه أن ينتشلهم من دوامة الفقر، وبعد أن دب فيه اليأس من الحصول علي فرصة عمل، علم أن من يهاجم الاحتلال ينفي إلي جزيرة 'مالطا' بالبحر المتوسط، ويصرف راتب شهري لأسرته قدره ثلاثون جنيها في فترة غيابه، فلم يكذب خبرا وبالفعل نجح بعد جولة من الهجوم الشرس علي الاحتلال البريطاني في تحقيق ما أراد بالنفي إلي جزيرة مالطا مع ضمان معاش لأسرته انتشلها من مستنقع الفقر، لكن وكما يقال 'يا فرحة ماتمت' فبعد أشهر قليلة وبعد تحريات قوات الاحتلال اكتشفوا أن الشاب ليس له أي نشاط سياسي يذكر في المنفي، وهو ما دعاهم إلي إصدار قرار إعادته إلي مصر، ومع عودته انقطع الراتب الشهري عن الأسرة، وعندما سئل من الناس بعد عودته ماذا كنت تفعل هناك؟.. قال: كنت أؤذن في مالطا !!.. وكان معروفا وقتها أنه لا يوجد مسجد واحد في مالطا حتي يؤذن فيه .. بينما تنتشر الكنائس بعدد أيام السنة، بل وتضم مالطا أكبر الكنائس علي مستوي العالم .. ولم يظهر الأذان في مالطا إلا قريبا بعد قيام معمر القذافي ببناء مسجد كبير بساحة خضراء في مالطا، وقد دخلته لدي زيارتي لمالطا وقت فرض حظر الطيران علي الأراضي الليبية. إذن ومع ارتفاع الأذان في مالطا تصورت أن العمل بهذه المقولة سوف يتوقف، لكن يبدو أن هذه المعلومة يتجاهلها الريس مرسي ومكتب الإرشاد الحاكم الفعلي لمصر.. فما زالوا يصرون علي تجاهل مطالب الشعب المصري، ويتعمدون صم آذانهم عن صراخه وغضبته ضد سياستهم التي لا تخدم إلا مصالح أعضاء الجماعة الخاصة ، ويستخفون بمطالب المعارضة بل والتجاهل التام لمبادرة حزب النور السلفي للوفاق الوطني وهو ما دفع الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية إلي القول – حسبما نشر بالمصري اليوم - إن الإخوان سيدفعون ثمن عناد الرئيس، لأنه يرفض الاستماع لصوت الحكمة والعقل . للأسف الإخوان يتعاملون مع الشعب المصري الغاضب الآن بمنطق.. موتوا بغيظكم فليمت من يمت وليجرح من يجرح فلن يحاسبنا الله علي دمائكم، فنحن الإخوان- المسلمون وغيرنا الكفرة.. إلا من تاب وآمن وعمل لصالح الإخوان ، وكفر عن سيئاته باعلانه الولاء للمرشد.. ومن يتوهم أننا سوف نرحل عن الحكم فهو واهم، وأرد وأقول : كان غيركم أشطر.. فقد سطرتم نهايتكم بأيديكم أنتم بأسرع ما كنا نتصور وإن غدا لناظره قريب.. وأنصحكم ألا تعولوا علي الدعم الأمريكي إلي الأبد .. فالمتغطي بالأمريكان عريان.. مش كده ولا إيه !!. تنزل المرادي واللي بعدها و....... مع كل قرار يصدر عن رئاسة الجمهورية أتذكر مشهد الفنان الكبير عبدالفتاح القصري في فيلم نورماندي 2ابن حميدو عندما يقول: إنت عارفه إن كلمتي لا يمكن تنزل الأرض أبدا .. فترد عليه الزوجة المستبدة وهي تمسك بتلابيب جلبابه: حنفي .. فيقول الريس حنفي : خلاص هتنزل المرادي لكن المرة الجاية لا يمكن تنزل الأرض أبدا .. هكذا حال الريس مرسي مع مكتب الإرشاد ' الزوجة المستبدة '.. ومع ذلك استبشرت خيرا مع إعلان الرئاسة عبر مستشارها القانوني محمد فؤاد جاد الله أن الرئاسة لن تطعن علي حكم القضاء الإداري بوقف الانتخابات، بل وأضاف أنه من العيب أن نستشكل علي هذا، وأوضح أن الحكم أنقذ البلاد من مشاكل سياسية واقتصادية وقانونية كبيرة، وألمح جاد الله إلي أنه أصلا كان مع وجوب إعادة عرض القانون علي المحكمة الدستورية لكن يبدو أنه لم يستمع لرأيه.. قلت حلو أخيرا وصلنا إلي نهاية فيلم ابن حميدو وكلمة الريس مرسي موش هتنزل الأرض 'المرادي' فكانت المفاجأة يوم الأربعاء الماضي بالإعلان عن طعن الرئاسة علي حكم القضاء الإداري بعد ظهور المرأة المستبدة 'مكتب الإرشاد' .. وأخذت أبحث عن رد فعل عم فؤاد جاد الله فلم أجده !!.. وقلت فعلا لم يكذب من قال: أن مدة قرارات الريس مرسي 7ساعات من تاريخ الإنتاج.. مع حفظها في مكان بارد !!.