التحالف الوطني يعزز شراكاته مع الأمم المتحدة    «شهباز» يهنئ هاريني أماراسوريا لتوليها رئاسة وزراء سريلانكا    ‫ ماذا لو انتصرت إسرائيل ؟    روسيا: العالم الحديث يواجه تحديات غير مسبوقة ووحدة الدول ضد النازية دفعت لإنشاء الأمم المتحدة    أحمد خالد حسانين وعبد الواحد السيد ينهيان إجراءات وصول بعثة الزمالك    محافظ الإسماعيلية يتفقد نادي وشاطئ الفيروز ويوجه بسرعة تطويره ورفع كفاءته    محافظ الدقهلية يشهد نموذج محاكاة للتأكد من استعداد الوحدات المحلية لمواجهة سقوط السيول والأمطار    مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما يعلن أسماء لجان تحكيم مسابقاته    فنانو مصر يدعمون لبنان    صندوق أسرار مريم الجندي.. والدها من أشهر الفنانين وأخوها مخرج معروف    خالد الجندى: الله خاطب المشككين في وجوده بهذه الآية    افتتاح مشروع تطوير مجمع رعايات الأطفال للأمراض المعدية بحميات العباسية    متحدث الإسكان: قرار إلغاء 70% من غرامات تأخير الشقق والمحال لدعم المواطن    أهالي "كفر الأشقم" بالشرقية يسغيثون: بقالنا 3 سنين من غير مياه | صور    وزير الكهرباء يشارك في فعاليات أسبوع الطاقة الروسي    آس: بينيا يشعر بالغضب بسبب خطوة برشلونة بعد إصابة تير شتيجن    وزارة الرياضة تنفذ سلسلة من الأنشطة المتنوعة للنشء بمراكز الشباب    هيئة الكتاب تشارك ب500 عنوان فى معرض الكتاب بنقابة الصحفيين    تأكيد مشاركة 45 وزيرًا و70 رئيس مدينة حتي الآن.. تفاعل دولي ومحلي واسع لاستضافة مصر المنتدى الحضري العالمي 4 فبراير المقبل لتدشين حقبة جديدة للتنمية العمرانية    البنك المركزي المصري يقبل ودائع بقيمة 848.4 مليار جنيه    «100 يوم صحة» قدمت 85 مليون و960 ألف خدمة مجانية خلال 54 يوما    بكتيريا «الإيكولاي».. انتبه لأطفالك في المدرسة    محافظ المنيا: متابعة أعمال رصف ورفع كفاءة عدد من الشوارع والطرق بمركز بني مزار    رئيس جامعة القاهرة: لدينا علاقات قوية مع الجامعات الصينية ونبحث تبادل الزيارات والبرامج المزدوجة    بمجموعة من الإعفاءات.. «الضرائب»: النظام المتكامل للممولين يتميز بالتعامل مع كافة الأوعية    تين هاج: أنا مشجع لفريق تفينتى ولم أرغب فى مواجهته    اتحاد الكرة يعلن عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب الشباب بقيادة روجيرو ميكالي    وزير العمل: مصر تدعم كل عمل عربي مشترك يؤدي إلى التنمية وتوفير فرص العمل للشباب    لصحة أطفالك.. فوائد ممارسة الرياضة أثناء الدراسة    المشاط تلتقي ممثلي «منتدى الشباب» ضمن قمة المستقبل 2024 بنيويورك    وزيرة التضامن تتوجه إلى جنيف للمشاركة في فعاليات الدورة ال 57 لمجلس حقوق الإنسان    وزير الخارجية: قضية المياه وجودية لمصر ولن نسمح لأي دولة بالتصرف وفق أهوائها    المواطنة والهوية الوطنية.. كيف تؤثر القيم الإنسانية في مواجهة الفكر المتطرف؟    اختلال عجلة القيادة.. تفاصيل إصابة 4 أشخاص إثر تصادم سيارتين بمنشأة القناطر    الجيزة تزيل 13 كشك و"فاترينة" مقامة بالمخالفة بالطريق العام في المنيب    بلال ل أحد منتقديه: نصحناك من 20 سنة..«تمارس مهنة مش مهنتك»    «إلغاء الوجبات المجانية على الطائرات».. توجه عالمي لشراء المأكولات قبل السفر (تفاصيل)    زيلينسكي يسعى لحشد الدعم للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا    الشلماني يثير حفيظة القطبين قبل موقعة السوبر    جامعة الأزهر: إدراج 43 عالمًا بقائمة ستانفورد تكريم لمسيرة البحث العلمي لعلمائنا    طقس الفيوم.. انخفاض درجة الحرارة والعظمى تسجل 33°    CNN: استراتيجية ترامب فى إثارة مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد تحقق نجاحا    إيرادات مفاجئة لفيلم عاشق في دور العرض المصرية.. تفاصيل وأرقام    «سيدات سلة الأهلي» يواجهن الشمس ببطولة منطقة القاهرة    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    النزلات المعوية.. مستشار الرئيس: نستنفر لخدمة المرضى دون تأخير.. ده واجب قومي علينا    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    وفاة الفنان محمود صفا وزوجته في حادث سير مروع    وزير الخارجية: لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون أمن واستقرار    الإسماعيلي ينتظر رد «فيفا» اليوم لحسم ملف خليفة إيهاب جلال (خاص)    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي التخصصي    العراق يمنح سمات الدخول إلى اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية    ضبط مخزن في طنطا لإعادة تعبئة المبيدات الزراعية منتهية الصلاحية باستخدام علامات تجارية كبرى    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    بالفيديو.. أسامة قابيل للطلاب: العلم عبادة فاخلصوا النية فيه    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحلقة الأولي: من المسئول عن إهدار أموال التأمينات والمعاشات؟!
قرار جمهوري »جائر« يمنح وزير المالية حق التصرف في أموال وتشريعات التأمين الاجتماعي ويوسف بطرس غالي گان يسيطر علي 204 مليارات جنيه من أموال المعاشات
نشر في الأخبار يوم 16 - 01 - 2012

علي مدي أربع حلقات يرصد الكاتب الصحفي مصطفي بكري أخطر عملية إهدار جرت لأموال المعاشات والتأمينات الاجتماعية، حيث نجح وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي في التعدي علي مئات المليارات من أموال صندوقي المعاشات والتأمينات الحكومي وقطاع الأعمال والقطاع الخاص.
في الحلقة الأولي يرصد الكاتب عملية الخداع التي مارسها وزير المالية الأسبق للسيطرة والهيمنة واقتناص مبالغ كبري من أموال التأمينات لسد العجز في الموازنة العامة، ويطرح العديد من التساؤلات حول اختفاء مبلغ 141.8 مليار جنيه من أموال الصندوقين دون قيدها في دفاتر وزارة المالية، وتخفيض قيمة العائد من الأموال التي حصل عليها الوزراء من أموال الصندوقين علي هيئة صكوك.
أين ذهبت أموال التأمينات والمعاشات؟ من المسئول؟ وكيف جرت عملية إهدار الأموال التي وصلت إلي مئات المليارات؟ وهل هناك بصيص أمل في عودة هذه الأموال لأصحابها الحقيقيين؟!
هذه الأسئلة وغيرها أصبحت مطروحة الآن في الشارع ليس فقط بمنطق محاسبة المسئولين عن إهدار هذه الأموال فحسب، ولكن أيضا بهدف بحث جميع الآليات التي تمكّن من إعادتها ووضع حد للقوانين والقرارات الجائرة التي فتحت الطريق لأكبر عملية خداع وسطو في العقد الأخير.
القصة ليست وليدة التو أو اللحظة ولكنها بدأت تحديدًا بشكل أكثر وضوحًا في السنوات الأولي للألفية الثالثة، ثم جاء يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق والمسئول الأول عن إهدار هذه الأموال ليمرر في مجلس الشعب قانونًا جائرًا هو القانون 135 لسنة 2010 بشأن التأمينات والمعاشات وليحل محل القانون رقم 79 لسنة 1975.
ورغم حالة الرفض العارمة التي اجتاحت الشارع في هذاالوقت فإن يوسف بطرس غالي وحلفاءه كانوا مصممين علي إهدار ما تبقي من حقوق لأصحاب المعاشات والتأمينات.. كان القانون الجائر قانونًا تأمينيًا ادخاريًا أكثر من كونه قانونًا تأمينيًا تكافليًا ومن ثم فهو علي النقيض تمامًا من القانون رقم 79 لسنة 1975 الذي أثبت قدرة علي توفير الحماية من المخاطر للمشاركين فيه، كما أنه أثبت فاعليته باعتباره قانونًا للتكافل الاجتماعي الذي تضمن نطاقًا واسعًا للتغطية علي جميع فئات المجتمع المختلفة.
في هذا الوقت أثيرت داخل البرلمان تساؤلات عديدة من اختفاء المليارات من أموال التأمينات والمعاشات واستحواذ وزارة المالية علي جزء كبير منها.. إلا أن وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي كان يراوغ كعادته.. يكذب ويبرر الأكاذيب بينما كان أصحاب المعاشات يتحسرون علي حالهم وتردي أوضاعهم الاجتماعية في ظل ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار وسوء الخدمات في البلاد.
كان أصحاب المعاشات لديهم قناعة بأن يوسف بطرس غالي يعاملهم كخيل الحكومة الذين ينتظرون رصاصة الرحمة غير عابئ بتاريخهم وعطائهم وأحوالهم؛ ولذلك كانت معاناتهم دائمًا تدوي في الآفاق ولا أحد يسمع ولا أحد يستجيب!!
كانت بداية المؤامرة علي أموال المعاشات والتأمينات مع صدور القرار الجمهوري الجائر رقم 422 لسنة 2005 الذي نص في مادته الأولي علي أن وزير االمالية هو الوزير المختص بتنفيذ تشريعات التأمين الاجتماعي.. أي أنه اعطي القط مفتاح »الكرار«.. بمقتضي هذا القرار حل وزير المالية يوسف بطرس غالي محل وزير التأمينات في جميع القوانين والتشريعات الخاصة بهذه الأموال.
لم يكن الهدف من وراء هذا القرار الحفاظ علي حقوق أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم أو تعظيم الموارد المالية لهم حتي تنعكس علي زيادة دخلهم، وإنما كان الهدف هو السطو علي هذه الأموال رويدًا رويدًا وتحويل أصحاب الأموال إلي سبايا وعبيد ينتظرون فتات الحكومة التي أضاعت عليهم المليارات بمقتضي هذا القرار الجمهوري الظالم!!
دعونا نتفق أولا علي أن أموال التأمينات الاجتماعية إن كانت لها حرمة المال العام من حيث الحماية، إلا أنها من حيث الملكية فهي تعد أموالاً خاصة لأصحاب المعاشات والمؤمن عليهم تم سدادها في صورة اشتراكات قدموها علي مدي سنوات طوال من رواتبهم وأموالهم وهم ينتفعون بها الآن في صورة معاشات.. ومن ثم كان يتوجب علي وزارة المالية أن ترفع يدها بعيدًا عن إدارة هذه الأموال!!
لقد أفضت المقدمات إلي نتائج يراد من ورائها السطو علي هذه المليارات التي رأي فيها بطرس غالي مغنمًا يغري ووسيلة يسعي من خلالها إلي سد العجز في الموازنة العامة، والذي جاء نتيجة سياساته وسياسات حكومته التي لم تستطع السيطرة عليه فبدأ يقفز عامًا بعد عام ليكشف عن سياسات اقتصادية فاشلة وُظِّفت فيها الدولة لصالح حفنة قليلة من الأغنياء ورجال الأعمال علي حساب الأغلبية الكادحة من أبناء هذا الشعب العظيم.
لم يكن القرار الجمهوري عادلاً ولم يكن أيضًا منصفًا وقانونيًا.. لقد تناقض هذا القرار مع الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 11 لسنة 1979 الصادر بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 53 لسنة 1973 الخاص بالموازنة العامة للدولة حيث نص علي ألا تشمل الموازنة العامة للدولة موازنات الهيئات العامة الاقتصادية وصناديق التمويل ذات الطابع الاقتصادي التي يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديدها.
من هنا يمكن القول إن موازنة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وأموال التأمينات والمعاشات كانت دوماً خارج نطاق الموازنة العامة للدولة.. غير أن الأمر اختلف منذ صدور القرار الجمهوري المشار إليه حتي الآن.. لقد استبيحت أموال التأمينات والمعاشات وجري السطو عليها وصُرف المليارات منها مكافآت وحوافز لمستشاري السيد الوزير وعدد كبير من موظفي الهيئة والقائمين علي أمور الصندوقين الحكومي وقطاع الأعمال العام والخاص والسكرتيرات والمحظوظين والمرضي عنهم علي حساب الملايين من أصحاب المعاشات والتأمينات!!
في البداية نقول إن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ينبثق عنها صندوقان:
الأول هو: الصندوق الحكومي.
الثاني هو: صندوق قطاع الأعمال العام والخاص.
لقد بلغت جملة أصول الصندوقين حسب الموازنة الأخيرة 2011/6/30 حوالي 476.05 مليار جنيه بيانها كالتالي:
- 271.44 مليار جنيه جملة أصول الصندوق الحكومي.
- 204.61 مليار جنيه جملة أصول صندوق قطاع الأعمال العام والخاص.
لقد ثار جدل كبير خلال الآونة الأخيرة حول ضياع المليارات من أموال الصندوقين.. تظاهر أصحاب المعاشات، اعتصموا، شكلوا فرقًا وحشودًا تصدرها رجالات شرفاء كان من أبرزهم: النقابي والنائب البدري فرغلي.. راحوا يبحثون ويتابعون لكنهم كانوا دائمًا يصطدمون بعراقيل ومراوغات.. إلا أن نضالهم وتمسكهم بحقوقهم دفع نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق د.حازم الببلاوي إلي أن يرسل خطابًا في 2011/9/19 إلي د.جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في هذا الوقت تضمن خمسة عشر سؤالاً تدور جميعها حول صحة ما يتردد عن اتهام وزارة المالية بالاستيلاء علي أموال التأمينات والمعاشات وأيضًا ما يثار من تساؤلات حول جدوي استثمار هذه الأموال..!!
كان الجهاز المركزي للمحاسبات لديه تقارير سابقة ومعلومات لاحقة أعد في ضوئها ردودًا علي هذه التساؤلات تضمنت حقائق خطيرة مدعمة بالوثائق والمستندات!!
لم تكن هذه التقارير جديدة، بل إن الجهاز كان يداوم علي إرسالها إلي مجلس الشعب وإلي الجهات المعنية بشكل دائم ومستمر.. إلا أن فرمانًا سلطانيًا كان يصدر دائمًا من يوسف بطرس غالي يقضي بعدم النظر إلي هذه التقارير واعتبارها كأن لم تكن!!
كانت الإجابات التي قدمها الجهاز إلي د.حازم الببلاوي والموقع عليها من المحاسبة سعاد عبدالمنعم وكيل أول الوزارة ومدير إدارة مراقبة حسابات الهيئة القومية للتأمين هي بمثابة صرخة يتوجب أن يسمعه القاصي والداني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في أسرع وقت ممكن.
السطو علي الأموال
في البداية تتوجب الإشارة إلي العلاقة بين بنك الاستثمار القومي وأموال التأمينات والمعاشات فهذا البنك الذي أنشئ بمقتضي القانون رقم 119 لعام 1980 تضمن في مادته الخامسة أن يلتزم صندوقا التأمين الاجتماعي بتحويل فوائض أموالهما إلي البنك علي أن يقوم البنك بإضافة الفوائد المستحقة علي رصيد المبالغ المحولة.. إلي هنا لا ضرر.. ولا ضرار غير أن الحقيقة كانت عكس ذلك تمامًا!
في 2002/11/17 أصبح معدل العائد بالبنك علي هذه الأموال 10٪ وهي قيمة مرتفعة في هذا الوقت وكان كل شيء يمضي علي ما يرام إلا أنه وبصدور القرار الجمهوري رقم 418 لسنة 2001 الذي قضي بنقل تبعية البنك المذكور لوزير المالية بدا الأمر مختلفًا وكأن هذا القرار استهدف فتح الطريق لوزير المالية للسطو علي أموال المعاشات والتأمينات بطرق وأشكال متعددة.
لقد استمر تحويل نسبة كبيرة من فائض الصندوقين سنويًا للبنك المذكور حتي 2006/6/30 فأصبحت جملة المبالغ المحولة للبنك حتي هذا الوقت حوالي 241.43 مليار جنيه منها 135.73 مليار جنيه للصندوق الحكومي، إضافة إلي »70.105« مليار جنيه لصندوق قطاع الأعمال العام والخاص، وكان هذا الرصيد يمثل نحو 91.34٪ من جملة استثمارات الصندوقين التي تبلغ إجمالاً 264.33 مليار جنيه حتي 30-6-2006.
في 2006/7/1 بدأ يوسف بطرس غالي لعبته المكشوفة؛ إذ أصدر تعليماته بتحويل جزء كبير من التزامات بنك الاستثمار القومي للصندوقين، وأصدرت وزارة المالية لهذا الغرض صكين لصالح الصندوقين بنحو 197.70 مليار جنيه: من بينها 110.70 مليار جنيه للصندوق الحكومي، 87 مليار جنيه لصندوق قطاع الأعمال وبمعدل عائد ثابت يساوي 8٪ سنويًا يسدد شهريًا. يذكر هنا أن معدل العائد الذي كان يمنحه بنك الاستثمار القومي في هذا الوقت للصندوقين كان يبلغ ا10٪ بينما راح يوسف بطرس غالي يسيطر علي 197.70 مليار جنيه من هذا المبلغ ويمنح الصندوقين فقط فائدة لا تزيد علي 8٪. الغريب في الأمر أن الوزير الذي كان يتباهي بأنه أحد أبرز عشرة اقتصاديين في العالم تعامل مع الأمر بلغة الخداع والقرصنة، إذ تبين أن جزءًا من أموال الصكين استُخدم في تصفية ديون الحكومة لبنك الاستثمار القومي الذي بلغ في هذا الوقت 142.6 مليار جنيه.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن وزارة المالية راحت تُصدر العديد من الصكوك التي حصلت بمقتضاها علي المزيد من رصيد الصندوقين الحكومي وقطاع الأعمال العام والخاص لدي بنك الاستثمار حتي وصلت جملة تلك المبالغ في 30-6-2011 إلي نحو 03.204 مليار جنيه، فانخفض رصيد الصندوقين لدي بنك الاستثمار القومي في 30-6-2011 ليبلغ فقط 64.62 مليار جنيه منها (98.32) مليار جنيه للصندوق الحكومي، (29.66) مليار جنيه: لصندوق قطاع الأعمال العام والخاص، بعد أن سبق أن أوقف تحويل أي مبالغ من فوائض الصندوقين للبنك المذكور اعتبارًا من العام المالي 2006-2007 وذلك بالمخالفة لنص المادة الخامسة لقانون البنك ودون صدور أي نص تشريعي يجيز ذلك. الخسارة هنا كبيرة وفادحة، ذلك أن تحويل مبلغ كبير من رصيد الصندوقين لدي بنك الاستثمار القومي إلي وزارة المالية بلغ نحو (204.03) مليار جنيه في 30-6-2011 وبنقص في معدل العائد بنسبة 2٪ كل ذلك تسبب في خسارة وصلت إلي حوالي 4 مليارات جنيه سنويًا، وهو أمر انعكس بالسلب علي حقوق المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات..!!
دمج الصندوقين
في 29-9-2008 قرر مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي دمج صندوقي الهيئة الخاصين بالمعاشات والتأمينات بناء علي طلب مباشر من وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي، كان القرار مخالفًا لجميع الأعراف واللوائح، وكذلك كان مخالفًا لأحكام المادتين رقمي 6، 9 من القانون رقم 79 لسنة 1975 وتعديلاته، حيث تنص المادة (6) علي أن ينشأ صندوقان للتأمينات للعاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والآخر للعاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية بالقطاعين التعاوني والخاص، كما نصت المادة (9) علي إنشاء هيئة قومية للتأمين الاجتماعي تتولي إدارة الصندوقين المشار إليهما في المادة (6).
هنا تساءل الكثيرون عن حكمة الدمج وعن تجاوز القانون، ذلك أن الأمر بالتأكيد ليس بريئًا.. ورغم الملاحظات التي أبداها الجهاز المركزي للمحاسبات وجهات رقابية أخري فإن قرار يوسف بطرس غالي كان حاسمًا وجازمًا!!
لقد أكدت الحقائق أن الهدف الحقيقي من وراء ذلك هو إخفاء نقص موارد (صندوق قطاع الأعمال العام والخاص) بسبب التهرب التأميني، والتحايل في تطبيق أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 وكذلك سعي الدولة الحثيث إلي خصخصة المزيد من الوحدات الاقتصادية وما يستلزمه ذلك من صرف المعاش المبكر، الأمر الذي أدي إلي زيادة في الالتزامات المالية، مما دفع يوسف بطرس غالي إلي دعم هذا الصندوق من الموارد المنتظمة للصندوق الحكومي وعلي حسابه!!.
إن ذلك لا يمثل مخالفة قانونية فحسب، ولكنه أيضًا يمثل إهدارًا لأموال التأمينات والمعاشات، المستفيد الوحيد منها هو وزارة المالية التي سعت في عهد يوسف بطرس غالي إلي خرق جميع اللوائح والقوانين واستخدام اساليب الخداع والتحايل لسد العجز في الموازنة العامة والتستر علي الفساد والمفسدين.
إن أهم مصادر تمويل نظام التأمين الاجتماعي يتمثل في الاشتراكات التأمينية والرسوم التي يؤديها أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم، وكذلك المبالغ المسددة لحساب مدد الخدمة السابقة، وأيضًا حصيلة استثمار أموال الصندوقين والمبالغ الإضافية المحددة.
لقد زعمت وزارة المالية عندما أثيرت قضية (الصكوك) التي أصدرتها بقيمة حوالي 204 مليارات جنيه من أموال الصندوقين لدي بنك الاستثمار وبعائد أقل بلغ 8٪ أن العائد عن هذه السندات يتم سداده شهريًا ليتيح السيولة للصندوقين بخلاف الوضع بالنسبة لبنك الاستثمار القومي، وهذا قول غيرصحيح ويجافي الحقيقة؛ ذلك أنه ونتيجة لعدم إدراج اعتمادات بموازنات الصندوقين لالتزامات الخزانة العامة فإن الأثر الإيجابي لهذا العائد بإعادة استثماره مرة أخري ليحقق عائدًا قد تلاشي، حيث إن جزءًا من هذا العائد والمستحق للصندوق الحكومي شهريًا يتم توجيهه مباشرة للإدارة العامة للمعاشات الخاصة والذي يفترض أن تلتزم الخزانة العامة بتمويله تنفيذًا للقرار الجمهوري رقم 391 لسنة 1970 وذلك بالنسبة للصندوق الحكومي.
لقد أصدر يوسف بطرس غالي فرمانًا يقضي بتخلي الخزانة العامة عن التزاماتها المحددة في صرف المعاشات الخاصة فجري توقف تضمين قوانين ربط موازنة الهيئة (بصندوقيها) أي اعتمادات لالتزامات الخزانة العامة عن الأعوام المالية (2006 2007)، (7002 -8002)، (9002 - 0102) بالمخالفة لأحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 وكذا القرار الجمهوري رقم 458 لسنة 1998 بشأن المنح البديلة.
وبرغم عدم إدراج اعتمادات لإدارة المعاشات الخاصة والعسكرية خلال العام المالي (2006 2007) فإن جملة المبالغ المنصرفة فعليًا بلغت نحو 7.5 مليار جنيه، تحملتها موازنة الصندوق، كما أن التزاماتها خلال العام المالي (2010 2011) بلغت نحو 4.6 مليار جنيه، تحملت الموازنة العامة منها 1.3 مليار جنيه، أما الفرق (نحو 3.3 مليار جنيه) فقد تم تمويله من عائد (الصكوك والسندات) المستحقة للصندوق طرف وزارة المالية.
لقد ضرب وزير المالية الأسبق (يوسف بطرس غالي) عرض الحائط بالاتفاق الموقع سابقًا من قِبل اللجنة المشكلة بالقرار الوزاري رقم 128 لسنة 1996 وتعديلاته والذي يقضي بجدولة بعض هذه الديون لصالح أموال المعاشات والتأمينات، كما أنه رفض وبإصرار تطبيق أحكام المادة رقم (257) من قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 الذي يقضي بأن تتم المطالبة شهريًا بالقيمة النقدية التي قام بصرفها صندوقا التأمين الاجتماعي وعلي وزارة المالية أداؤها خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ المطالبة.
لقد كان طبيعيًا والحال كذلك أن تتزايد المديونية الخاصة بالصندوقين لدي وزارة المالية من 41.17 مليار جنيه في 30-6-2006 إلي 8.141 مليار جنيه في 30-6-2011 مما ترتب عليه انخفاض الفائض المحقق سنويًا وانعكاس ذلك بالسلب علي حقوق أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم من المواطنين.
إن الغريب في الأمر أن وزارة المالية رفضت إثبات هذه المديونية للصندوقين في دفاترها الحسابية وإجراء المطابقات اللازمة مع إصدار مصادقة بالرصيد لكل منهما يحقق عائدًا عادلاً عنها أو جدولتها مع الالتزام بسدادها خلال فترة محددة مع تحقيق عائد مناسب لها.
إن الأمر الطبيعي والمفترض أن هذه حقوق مؤكدة لأصحاب المعاشات والتأمينات، ومن ثم يتوجب تعويض الصندوقين عما لحق بهما من ضرر بالغ نتيجة تضخم هذه المديونية من عام لآخر دون سداد ودون تحقيق أي عوائد عنها، وذلك بحساب العوائد الضائعة بمعدلات فوائد مناسبة!!
إن المطلوب بشكل فوري إلي جانب ذلك هو التوقف عن تضمين قوانين ربط موازنات الهيئة السنوية لصندوقيها بالاعتمادات الكافية لمقابلة الالتزامات المستحقة علي الخزانة العامة قانونًا، أي يتوجب علي الحكومة إدراج الاعتمادات الخاصة بتمويل الإدارة العامة للمعاشات الخاصة والتي تلتزم الخزانة العامة بها طبقًا للقرار الجمهوري رقم 391 لسنة 1970 أو إعادة ضمِّها لوزارة المالية كسابق عهدها، والأمر نفسه بالنسبة للاعتمادات الخاصة بمعاش السادات، والعمالة غير المنتظمة وفقًا لأحكام القانون رقم 112 لسنة 1980.
لقد أبدي الجهاز المركزي للمحاسبات العديد من الملاحظات الخطيرة حول هذه التجاوزات، ومن بينها: عدم قيام إدارتي الصندوقين باتخاذ الإجراءات الواجبة نحو مطالبة وزارة المالية بالوفاء بمستحقات الصندوقين لديها، وهو أمر يعكس تواطؤًا مكشوفًا من قِبل إدارتي الصندوقين، وهو تواطؤ له أسبابه التي سنوضحها في الحلقة المقبلة!!
لقد رفضت إدارتا الصندوقين مطالبة وزارة المالية بزيادة معدل عائد (الصكين) الصادرين في 1-7-2006 والبالغة قيمتهما 7.197 مليار جنيه لانتهاء مدتهما في 1-7-2011 (خمس سنوات من تاريخ الاصدار) مع جواز إعادة النظر في سعر العائد حالة التجديد بعد المدة المشار إليها أسوة بالعائد السائد علي أذون الخزانة المصرية والذي تراوح ما بين 84.12٪ خلال شهر يوليو 2011 »92.14٪ « خلال شهر نوفمبر 2011 بدون خصم الضرائب بنسبة 20٪ من العائد خاصة أن الصندوق الحكومي قام بتوجيه نحو 673 مليون جنيه في شراء أذون خزانة خلال المدة المشار إليها، الأمر الذي تسبب في ضياع عوائد كبيرة كان من الممكن أن تتحقق للصندوقين.
لقد أدي هذا التواطؤ إلي انخفاض معدل العائد علي بعض الصكوك التي أضحت طرف الخزانة العامة لمدد طويلة، مما انعكس أثره سلبًا علي أموال الصندوقين، ومن ذلك الصك الخاص بقيمة العجز الذي أسفر عنه الفحص الاكتواري في 31-12-1977 والفائدة المستحقة عنه لكل من الصندوقين والصادر بتاريخ 31-12-1982 بنحو 8.1249 مليون جنيه للصندوق الحكومي، 9.1093 مليون جنيه لصندوق قطاع الأعمال العام والخاص بمعدل عائد يبلغ 5.4٪ سنويًا ويستهلك تبعًا لظروف الموازنة العامة للدولة، وتم تعديل الفائدة إلي 5.5٪ اعتبارًا من 1-7-1996 وخلال العام المالي (2000-2001) تم استهلاك جزء من الصكين لتصبح قيمة كل منهما مليار جنيه وبذات معدل الفائدة المنخفضة حتي العام المالي 2010-2011 ولم يتحرك معدل الفائدة ليصبح 8٪ اعتبارًا من يناير 2011 إلا بعد المطالبات المتكررة للجهاز المركزي للمحاسبات.
وإضافة إلي ذلك، هناك تجاوزات صارخة أدت إلي ضياع عوائد بمبالغ ضخمة كان يمكن أن تتحقق، وتمثلت في انخفاض العائد علي الأموال المحولة من الصندوقين لبنك الاستثمار القومي خلال السنوات الماضية عن عائد شهادات استثمار البنك الأهلي المصدرة لصالح بنك الاستثمار القومي بنسبة انخفاض بلغت في بعض السنوات نحو 50٪ مما تسبب في إهدار مبالغ كبري علي حساب الصندوقين.
وحتي هذا الوقت لم يسمع أحد اعتراضًا علي هذه الإجراءات من قِبل المسئولين عن الصندوقين، بل إنهم شاركوا جميعًا في الجريمة ذاتها وأهدروا الأموال وقبضوا مئات الملايين من أموال المقهورين من أصحاب المعاشات والتأمينات.
إن الدلائل والوثائق والمستندات التي تحت يديَّ أكثر من 1000 مستند كلها تؤكد حدوث تورط مفضوح بين وزير المالية والمسئولين عن الصندوقين بموافقة ومؤازرة من رئيس الدولة ورئيس الوزراء في هذا الوقت، وهي كلها أمور تدعو للحساب والمحاسبة.
الحلقة الثانية الخميس المقبل بالمستندات: مليار جنيه مكافآت للكبار
في عام واحد من أموال المعاشات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.